لماذا المعارك تشتد حول جبل النار الآن وتتواصل منذ شهرين وأكثر؟ وما أهمية السيطرة على الجبل رغم الخسائر التي يمنى بها العدوان على الساحل الغربي لتعز؟
منذ وصول العدو إلى المخا فقد تركزت ضرباته وهجماته على المنطقة المحيطة بالمفرق والكدحة وجبل النار شرق المخا وشمالها بدرجة رئيسية بعد أن دفع بقواته الرئيسية من جنوب الساحل إلى شماله بعد انكسار هجومه - الهجوم الكبير أمام جبال كهبوب والعمري - وبعد أن مني بهزائم كبيرة منذ الأيام الأولى للهجوم الكبير على الساحل الغربي لتعز، وهي مغامرة لا يقبلها أي عقل عسكري؛ لأن هذ النقل للقوات الرئيسية للعدو من الجنوب إلى شمال الساحل قد جعل القوات رهينة الجيش واللحان في جبال العمري – كهبوب، وخاصة في مناطق ذوباب والجديد وحوزان المسيطرة على الطريق الساحلي التي يستخدمها العدو - خطاً لإمداداته – حيث تتعرض قواته باستمرار لهجمات جانبية واغارات وصواريخ؛ بحيث لا يستطيع التحرك إلا عبر تغطية جوية كبيرة طوال الوقت – لتامين حركة الأرتال القادمة من المندب – جنوباً، ووضع كهذا يجعل العدو في غرب شمال الساحل رهينة تطوير قدرة الجيش واللحان على تشغيل منظومات الدفاع الجوية، وتطوير صواريخها المضادة للطيران المحمولة على الكتف والرشاشات المضادة للطائرات، وإذا شغل الجيش واللجان هذه القدرات الموجودة حتماً - فإن العدو يحصر في مواقعه الحالية، ولا يمكنه التراجع ولا الامداد، وسيتعرض لكارثة حقيقية حتماً، هو الآن يدخل إلى نفقها المظلم تدريجياً متصوراً بغرور أنه يمكنه كسر كل القواعد المنطقية للحروب وأصولها ومواجهة الحقائق الصلبة بالأوهام، واستعراض عضلات القوة الفارغة المجوفة 0التي استنزفتها حروب العصر ضد الإنسانية كلها في قارات كوكبنا، من اليابان وفيتنام إلى أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط وآسيا إلى أفريقيا.
أوهام العدو تتبخر على مرتفعات الساحل
بعد 100 يوما قضاها العدوان في هجوم الساحل الغربي لتعز وبعد 80 يوماً وهو يركع أمام جبل النار ومرتفعات الكدحة – المعافر ويدور حولها في حلقة مفرغة عاجزاً عن التقدم والتراجع.
وقد حاول الأسبوع الماضي التقدم نحو طريق الكدحة المعافر شرقاً في محاولة للتقدم شرقاً والبحث عن فرص يتوقعها ويتوهمها للالتفاف على الجيش واللحان من خلال اختراق ثغرة الكدحة - المعافر– موزع وقطع الجيش واللجان عن إمداداته من تعز والحديدة وعمران وحجة وصعدة والشمال عموماً.
الهجوم الكبير الأخير على جبل النار، ودارت معاركه خلال اليومين الماضيين أكبر المواجهات على غرب جبل النار ومعسكر خالد القريب من الجبل.
مكائد الجيش واللحان الباهرة
طوال الـ 80 يوماً ظل العدو يشن هجمات "مناوشاتية" حذرة عل جبل النار حيث يواجه دوماً بحر الجيش واللحان ويقظته، وبفر ويتراجع بعد كل انكسار أو هزيمة ثم يعاود الهجوم، وهكذا على طريقته التي اعتاد عليها، وقد أراد الجيش واللحان أن ينزل بالعدو ضربات جبارة تجعله أمام أشق خياراته.
تراجع والتفافات
تراجع الجيش واللجان قليلاً نحو الداخل أمام كثافة نيران الطيران فوق الجبل، فقد تراجع قليلاً وأخلى للعدو بعض التباب الصغيرة جنوب غرب الجبل في مناورة بارعة، سرعان ما تهافت عليها العدو وتقدم بكثافة شديدة حتى امتلأت بالمرتزقة ومدرعاتهم من السودانيين والإماراتيين والإرهابيين، وبدأوا يتمركزون فيها، وفي المساء فوجئوا بالجيش واللجان ينقض عليهم من كل مكان، يلتف عليهم ويخرج عليهم من تحت الأرض، والألغام تتفجر بهم من كل ناحية، والصواريخ تدك قواعدهم ومدرعاتهم؛ حتى اعترف العدوان نفسه وأبواقه بالهزيمة التي يتكبدونها هناك.
عشرة آلاف مرتزق جديد تم الزج بهم قبل أسبوع إلى المخا قادمين من المندب وعدن للتعويض عما لحق بهم من خسائر في الأسابيع السابقة.
وها هي الآن المئات من جثثهم تتوزع بين شاطئ المخا وبطونها، والقليل منها يصادفه الحظ فيعبر المضيق إلى الضفة الأخرى.
مرتفعات الجحيم جوهر الساحل هي المرتفعات
في أبريل17م بشر بارتفاع شد ة وتيرة المعارك على الساحل للسيطرة على مرتفعاته، بعد وصول العدو إلى مشارف جبال النار على بعد 20 كيلومتراً من المخا أصبح العدو أمام التحدي الأول أمام الساحل.
لماذا جبل النار؟
جبل النار يسيطر على معسكر المفرق خالد وعلى الطريق الرئيسي تعز – الحديدة، المخا - موزع، الوازعية – البرح.
البرح حفرة استراتيجية ومصيدة جيواستراتيجية لكل غازٍ
بين جبل النار ومعسكر خالد والبرح موزع تتشكل منهبطات من الأرض - منحدرات مائية ونخيلية كثيفة؛ حيث يشق السيل مجراه وينحته منذ ملايين السنين، ويتكون نتيجة ذلك طمي غزير يتجمع في الهاملي الوادي الكبير الذي يضم على جانبيه غابات النخيل والمزارع الكثيفة الزرع، وتمتد مزارع واسعة تعلوها المرتفعات التي تتهادى في ارتفاعاتها كلما اتجهت إلى الداخل شرقاً نحو البرح موزع.
حفرة الموت
هذا الاقتراب المجنون من حفرة الهاملي خلف جبل النار بالقرب إلى البرح ليس إلا الغرق في المستنقع الكبير الذي يعده الجيش واللحان.
تغير البيئة القتالية في غير صالح العدو
حين يصل العدو إلى غرب جبل النار ويرمي بكل ثقل قواته ويخسر، فمعنى ذلك أنه وصل إلى أقصى زخم بقوته إلى نهم جديدة حول الصمة الثانية، إلى بوردينو*[1] أخرى، إلى أعلى نقطة في ذرواته الهجومية التي لا يستطيع بعدها أن يتقدم إلا ويخسر أضعاف ما كان يتصوره، حتى يفقد طاقة اندفاعه ويدور من جديد في دائرة مفرغة أشد إيلاماً وقسوة من أي دائرة أخرى في نهم أو الجوف أو ميدي، إنها أشدها قسوة وفتكاً على الاطلاق.
التغير الجيواستراتيجي في الميدان
أهم عامل لتشجيع العدو على التقدم إلى الأمام هو توفر المجال أمام الطيران المعادي في المنطق المفتوحة بين الساحل إلى الكدحة - يختل غرب جبل النار في نصف دائرة 30 كيلومتر، مركزها المخا حيث تكون نيران البوارج رديفة هامة للعدو، وتكون الطيران في أفضل الأوضاع لمواصلة ضرباته على أهداف واضحة على الأرض المكشوفة نسبياً، أما بعد جبل النار ووادي الهاملي والبرح فإن الظروف تبتدئ بالتغيير لصالح الجيش واللحان، حيث تبتدئ المرتفعات بالتعقيد والأرض بالأحراش والأودية والنخيل، وتضيق المنحدرات والطرقات، وتنتشر المزارع التي تتحول إلى غطاء لكثير من العمليات العسكرية والتحركات التي لا يمكن السيطرة عليها من قبل العو الغازي .المتقدم في أرض غريبة عليه معادية له.
حقائق المسرح والميادين والمتغيرات الجارية
إذا ما عدنا إلى بداية المواجهات على الساحل منذ عامين؛ نلاحظ حقيقة هامة جداً، وهي أن مسرح الساحل يتكون من عدة ميادين فرعية للمواجهات على طول جبهة تمتد لأكثر من 100كيلمتر من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال.
ولذلك هناك ثلاث معارك رئيسية كبرى تحكمها وتحدد نتائج الحرب في الساحل وتقرر مصيرها وهي
النتيجة
يكون العدو قد خسر إلى الآن جميع المواجهات في المعارك الكبرى الثلاث. طوال الـ 100 يوم الجارية وهو يتنقل من اتجاه ومحور إلى محور آخر.
وإذا لم يدمر كلية إلى الآن فلأنه يملك احتياطات مالية كبيرة وتحالف دولي امبريالي كبير يغطي على خسائره موقتاً.
ومن هنا فإن الخسارة والهزيمة ترتديان أشكالاً جديدة، أهمها هو الاستنزاف والتراجع والفشل عن تحقيق الأهداف المعلنة للعدوان.
اخفاق الرهان الاستراتيجي للعدوان
إذا نظرنا للمعركة بمنظار الساحل وحده؛ فإن المعركة تكون قد حسمت لصالح الجيش واللجان في اليوم الأول للهجوم الكبير على كهبوب والقرون الخمسة حين انكسر العدو وأصيب بكارثة حربية، وقتلت أغلب قياداته برصاصات قناصات الجيش واللحان المحترفة؛ ولكن العدو تقدم التفافاً إلى الأمام تاركاً مواقع الجيش واللجان خلفه على بعد 100 كيلومتر جبهياً.
خطة العدو ورهاناته الأخيرة
اختراق الثغرة
بين مواقع الجيش واللحان الممتدة من جبال القبيطة العند إلى العمري إلى المخا وجبل النار والكدحة الوازعية تعز، كانت توجد ثغرة "اصطيادية" استراتيجية تركت تحت رقابة الجيش واللجان ليراهن عليها العدو ويقع في شر أعماله، هي المستطيل الضيق الواقع بين غرب تعز صبر إلى التربة الباحة المواسط والمعافر الكدحة البيرين.
ظلت هذه المنطقة الواقعة خلف الجيش واللحان من الداخل تهدد أمن الجيش واللجان وإمداداته من الشرق، وراهن العدو على تطويق الجيش واللحان باختراق المسافة الفاصلة بين الجيش واللجان في الكدحة والبيرين المعافر حيث مرتزقته يسيطرون على المنطقة غرب تعز.
وكان المفتاح إلى تلك الثغرة هو جبال الروي الواقعة وسط منطقة المعافر الوازعية مقبنة، وجبال الشقيراء في اطراف الوازعية التي كان العدو مازال يسيطر عليها إلى بداية العدوان على الساحل الغربي، وذلك توهم بإمكانية اختراقه لها، وبتطويق الجيش واللحان ذهب متقدماً الى الأمام نحو الشمال والشرق.
تكتيك واستراتيجية الجيش واللحان
أجل الجيش واللحان السيطرة المباشرة على المراكز الرئيسية الفاصلة بين المناطق التي يركز عليها العدو في مخطط التفافه التكتيكي، وكأنه لا يقوى عليها بعد، وتركها تحت سيطرته البعيدة انتظاراً لوقوع العدوفي مصيدته.
الأمل الخادع بحيرة الرمال المتحركة
تقوم بحيرة الرمال بين المخا- الكدحة شمالاً وغرباً إلى غرب كهبوب العمري حوزان جنوباً وغرباً بحيرة من الرمال بطول الـ 100 كيلومتر وبعرض العشرين كيلومتراً - مساحة تقدر بـ 2000 كيلومتر مربع ، تشكل البحيرة ميدان المعارك الجارية يدور العدو حولها من عامين ومازال، في وقت كان العدو يحاول التمدد شمالاً كان الجيش واللجان يتمدد جنوباً، ويتوسع عبر السلاسل الجبلية المسيطرة عليها من الشرق جنوباً حتى بات يشرف على باب المندب والعارة والسقيا والمضاربة على بعد 30 كيلومتراً من باب المندب، وما يعيقه هو الطيران في أرض مكشوفة، لذلك يواصل التقدم البطيء عبر السلاسل الجبلية المطلة على الساحل، ولم يبق منها إلا القليل، وما إن وصل العدو إلى السفوح من بحيرة الرمال على تباب جبل النار، وبعد أن ترك الجيش واللجان له الفرصة ليواصل تقدمه ونقل قواته معتقداً أنه يمكنه أن ينفذ من الثغرة التي تبدو مفتوحة هناك في جبال الروي والشقيراء ومقبنة والمعافر، حتى بادر الجيش واللجان إلى السيطرة على المرتفعات الحاكمة للطريق الرابطة بين المناطق الداخلية والخارجية للساحل الغربي، وأغلق بذلك بقايا ثغرة كان العدو يتطلع إلى استغلالها بشراهة، فإذا بالعدو يرتطم بجبال النار والروي والشقيرء والمعافر.
العدو يقع في أسر الميدان المحكم -
بالأمس شن الجيش واللجان هجمات داخلية نحو الداخل على الخط الرابط بين المعافر- الروي البيرين الكدحة المخا، ووصلت طلائعه إلى القرب من المنطقة الغربية لتعز من جهة الوازعية الساحل.
الجيش واللجان ينتقل إلى الهجوم البطيء!
إشراف الجيش واللجان على الخط الرابط البيرين تعز الغرب من مواقعه على الجبال القريبة يجعله في موقف هجومي متقدم في الموقف الحاسم من المعركة الساحلية وينقلها إلى طور جديد يتحكم بمسيراته تحركات الجيش واللجان الظافرة.
يقف الجيش واللجان الآن على بعد-30 كيلومتراً من قواعد ومعسكرات العدو في الجنوب وقواعد الاحتلال وهو يؤجل هجومه جنوباً إلى أن ينتهي من معالجة ثغرة المخا.
معالجة ثغرة المخا
بعد أن أمن الجيش واللجان ثغرة المدينة من الداخل بقطع العدو وقواته من الداخل والخارج، وتدميرها في مواقع عديدة، وحصارها وعزلها عن بعضها البعض وتقطيعها إلى أجزاء يسهل التعامل معها.
ضيق خيارات العدو
العدو مجدداً يواجه المآلات السابقة التي عاشها طوال العامين السابقين من العدوان، يمكن للعدو أن يتجنب المصير الكارثي عبر محاولات مغامرة لتجنب المصير المحتم وتأجيله عبر القيام مثلاً بإنزالات في المناطق التي مازالت تحت سيطرة العدو في الداخل.
ولكن الوقت أصبح ضيقاً لمحاولات كتلك الآن، بعد أن أخذ الجيش واللجان المبادرة وشن الهجمات المعاكسة نحو الداخل لخرق المناطق التي تحت سيطرة العدو.
خطة يُسَرِبُها العدو لماذا؟ ما هدفها ما حقيقتها؟
ماذا عن الخطة التي يسربها العدوان للسيطرة على الحديدة؟
نشرت الصحف الإماراتية الأمريكية والفرنسية تسريبات عن الخطة الأمريكية للسيطرة على الحديدة انطلاقاً من الهجوم من محورين أساسين، هما محورا المخا الحديدة ومن ميدي الحديدة، والسؤال الهام هو إذا كانت هذه هي الخطة الحقيقية فلماذا يتم تسريبه ولأي غرض وما دافع الصحافة الغربية لكشف الخطة؟
والإجابة يجب أن نصل إليها لنجد مفتاح الخطة الحقيقية التي تخفيها خلف ركام من التضليل الاعلامي الجاري.
بعد تأمل عميق للتسريبات لحالية نصل إلى عدد من النقاط:
هدف العدو من التسريبات الخططية التضليل الاستراتيجي للقيادة والتشويش عليها
التضليليات الاستراتيجية للعدو جزء هام من الحرب والمعركة الموجهة ضدنا، وأهمها معركته ضد العقل القيادي للحرب والمعركة.
ما ذا يريد العدو تحديداً من التسريبات المتكررة؟
إنه يريد أن نعتقد أنه سيشن الهجوم من الشمال من ميدي بنفس القوة وأكثر مما يشنه من المخا المندب، وعليه علينا أن نرسل قواتنا إلى هناك بدلاً من التركيز هنا حيث المعارك الرئيسية الحقيقية فيتسنى له تحقيق مزية استراتيجية علينا بالخدعة والتظاهر بالتعاطف والمنطقية، واستخدام كبار القادة العسكريين الأمريكيين لترويج تلك الحيل، وليس مصادفة أن كثيراً من قادة أوباما السابقين يقومون بمناورات الآن بعد خروجهم من الخدمة العسكرية المباشرة بعد فشلهم المريع في العدوان علينا حيث يتحولون إلى مروجين للخدع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] معركة بورودينو بالفرنسية: Bataille de la Moskowa دارت رحاها بتاريخ 7 سبتمبر 1812 ما بين جيش نابليون بونابرت والجيش الإمبراطوري الروسي بقيادة الجنرال ميخائيل كوتوزوف، وهي إحدى أكبر معارك الغزو الفرنسي لروسيا التي نجم عنها خسارة 44,000 جندي روسي.