ظَهرت دولة الإمارات العربية المتحدة* خلال العشر سنواتٍ الأخيرة كدولة ذات طموح بلعب دور إقليمي كبير، وصناعة نفوذ في منطقة الخليج العربي وخليج عدن وسقطرى ودول القرن الأفريقي، وهي المناطق المُغرية للإمبراطوريات الاستعمارية تاريخياً، لموقعها الجيوسياسي الهام، ببعديه الاقتصادي والعسكري، اذ ترتبط هذه المناطق بالمحيط الهندي، والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ودول شرق أفريقيا، والسيطرة على هذه المناطق يعني إمكانية التحكم بطـرق التجـارة العالمية - وفي مقدمته النفط - التي تمر بقناة السويس، وكذلك امتلاك ناصية الهيمنة العسكرية بالسيطرة على ممرات الأساطيل البحرية، الذاهبة والعائدة ما بين المحيطين الهندي والأطلسي، والجزيرة العربية وشرق أفريقيا.
ومن كل ذلك يتضح، أن الوجود الإماراتي في عدن والمحافظات الجنوبية، والاستثمار في ساحل الصومال، وإقامة علاقات عسكرية مع مصر والسودان، وبناء قاعدة عسكرية في إريتريا، واستعادة ميناء جيبوتي ومطارها العسكري، يعطي الإمارات، إمكانية أكبر، للهيمنة على قناة السويس وباب المندب، ويتيح للإمارات، أن تبدو كلاعب قوي في منطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا وغرب المحيط الهندي.
وانطلاقاً من الأهمية الجيوسياسية لهذه المنطقة، ومن الاعتبارات الحاسمة في ترجيح القوة عالمياً، إذا ما تم السيطرة عليها من قبل طرف دولي مُعين، ومواقف بقية الدول تجاه استفراده بهذه المناطق، كطموحات إقليمية كبرى، تعمل عليها الإمارات، فإن كل هذا يجعل الباحث يشك أن تكون هذه الطموحات، مشروعاً إماراتياً خالصاً أو خاصاً لهذه الإمارة الصغيرة، والتي رغم نموها الاقتصادي التصاعدي على مستوى البلدان النامية، إلا أنها عبارة عن فقاعة مالية في المقاييس الاقتصادية من حيث الإنتاج والتصنيع والموارد** ولا يُمكن عزل الطموحات الإماراتية في التوسع، عن واقع صراع القطبية العالمي، فهي ليست طرفاً ثالثاً لا علاقة لها بالصراع، في ظل تنافس دولي حاد، بين توجه أحادي القطبية وتوجه التعددية القطبية، وفي كل قطب محاور وتناقضات داخلية.. فما هي الأهداف والدوافع لهذه الطموحات الإماراتية؟
بعد عام تقريباً من تأجير ميناء "بربه" إلى شركة "دي. بي. وورلد" التابعة لإمارة دبي لمدة 30 عام، أقر برلمان "إقليم أرض الصومال" الشهر الماضي، 12/2/2017، الموافقة على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة (بربرة) شمال غرب البلاد، والتي كانت من عام 1870 حتى 1941 عاصمة المحمية الاستعمارية الإنجليزية في الصومال، التي عُرفت بـ "الصومال البريطانية" وتعود أهميتها - بربرة - إلى موقعها الذي يربط ما بين قناة السويس والبحر الأحمر والمحيط الهندي.(1)
إقليم أرض الصومال أعلن استقالته من طرف واحد في التسعينات بعد الحرب الأهلية الصومالية، ولم يأخذ الاعتراف الدولي، ورغم أن الإمارات تدعم الوحدة في الصومال في دبلوماسيتها، إلا أن مثل هذه الاتفاقيات تدعم انفصال هذا الإقليم وتهدد الوحدة الصومالية، ومن المؤكد أن صومال موحد لن تجد فيه الإمارات امتيازات كما هو في تجزئته، وتعتمد الإمارات موقفها من الصومال بالشأن الوحدة في اليمن.
حصلت الإمارات، على امتيازات في دولة إرتيريا، باستئجار ميناء عصب، والمطار الرئيسي لمدة 30عاماً، واستخدامه كقاعدة عسكرية.. وهذا ما أعطى تحالف العدوان، أفضلية جيوسياسية في الحرب على اليمن، بعد أن تحولت عصب إلى قاعدة عمليات رئيسية للقوات الأمريكية والإماراتية فيه.
حصلت الإمارات أيضا سنة 2005على امتيازات إدارة ميناء جيبوتي، واستخدام المطار في العمليات العسكرية، وهذه العلاقة الإماراتية الجيبوتية، تعرضت لأزمة، بسبب أن شركة موانئ دبي عطلت العمل في ميناء جيبوتي المتقدم والهام في سواحل شرق أفريقيا، من أجل تشغيل ميناء جبل علي في دبي، ووصل الخلاف إلى إغلاق القنصلية الإماراتية في جيبوتي، إلا أن هذه العلاقات تم استئنافها من جديد في العام 2016. وتنشيط القاعدة لاستخدامها في الحرب على اليمن.
السودان، أحد الدول الأفريقية الواقعة في منتصف البحر الأحمر، تستعيد علاقاتها بدول الخليج، وبدولة الإمارات بشكل خاص، عقب فترة قطيعة أزمة المواقف العربية المتباينة في حرب الخليج..
الرئيس السوداني عمر البشير، قام في يناير مطلع هذا العام، بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، هي الزيارة الثانية التي يقوم بها لأبو ظبي خلال فترة وجيزة، من أجل تعزيز العلاقة مع الإمارات، و"اتخذت علاقات السودان بدول الخليج بصفة عامة والإمارات العربية المتحدة بوجه خاص، منحىً جديداً خلال السنوات الأخيرة، نحو الإمارات، خاصة بعد قطع (الخرطوم) علاقاتها مع إيران وغلق سفارة طهران في العاصمة السودانية، معززة ذلك بمشاركتها بفاعلية في عملية عاصفة الحزم.(2)
المصالح الجيو سياسية للإمارات في السودان، ودول القرن الأفريقي عموماً وتجارتها التي تمر عبر قناة السويس هي من تحدد سياستها تجاه اليمن ومضيق باب المندب، وطبيعة السلطة التي تريدها في اليمن وشكل النظام فيه، وكانت ضربة قاسية بالنسبة للإمارات قيام وزارة النقل اليمنية في عهد حكومة "الوفاق" باستعادة سيادة اليمن على ميناء عدن الدولي وإلغاء الاتفاقية مع شركة موانئ دبي، التي جمدت نشاطه لصالح ميناء "جبل علي".
وتسيطر القوات الإماراتية اليوم على معظم المحافظات الجنوبية، وتتمركز بشكل خاص في ميناء ومطار عدن الدوليين، وميناء المكلا ومطار الريان في المدينة، وكذلك ميناء شبوة، وتهدد ميناء المخا الذي خرج عن السيادة اليمنية وعن العمل إثر الموجهات الدائرة هناك والتي تأخذ حالات كر وفر.
ووفق ما ورد في تقرير استخباراتي نشره موقع "تاكتيكال ريبورت" المتخصص في تقديم معلومات استخبارية حول الطاقة والدفاع في الشرق الأوسط، فإن ولي عهد الإمارات «محمد بن زايد» كشف أمام قادة عسكريين إماراتيين رفيعي المستوى عن رغبته في "تعزيز دور البحرية الإماراتية" في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ضمن خطة استراتيجية لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الأفريقي.
تعليقاً على ذلك، ذكر موقع "العربي" الشهر الماضي، أن "النفوذ الإماراتي المدعوم أميركياً يتمدد من خلال استئجار قواعد عسكرية في كل من إريتريا وجيبوتي والصومال وجزيرة سقطرى اليمنية، بالإضافة إلى استئجارها للعديد من الموانئ، إما لاستخدامها بما يخدم حركة التصدير والاستيراد لأبو ظبي، أو تعطيلها خوفاً من تأثيرها بميناء جبل علي الإماراتي، كما يحصل في جيبوتي وعدن".(3)
من أجل اكتمال السيطرة على منطقة القرن الأفريقي وخليج عدن، من الجانبين الشرقي والغربي، يُحتم على الإمارات، السيطرة على جزيرة سقطرى، التي تعد مفتاح المنطقة إذ تقع على المحيط الهندي، وقبالة السواحل الأفريقية، وبالقرب من خليج عدن.
تناولت الوسائل الإعلامية في العام الماضي، خبراً عن تأجير "حكومة هادي"، جزيرة سقطرى للإمارات لمده مائة سنة. ورغم أن مثل هذه الاتفاقيات صعب اكاسبها مشروعية قانونية نافذة، لأنها تتطلب موافقة البرلمان اليمني في (صنعاء)، إلا إن الإمارات عملت في السنوات الأخيرة على تقديم الجنسية الإماراتية لأبناء محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، وعلى المساعدات الخيرية والخدمية لاستمالة الأهالي. فيما هي فعلياً مسيطرة على الارخبيل عسكرياً، منذ بداية العدوان حيث أصبحت كثير من الجزر اليمنية خارج السيطرة العسكرية للجيش اليمني.
وقد قامت الإمارات بتجنيد قوات عسكرية موالية لها، كَشف ذلك - من قُبيل الشُكر- محافظ أرخبيل سقطرى الموالي لمعسكر هادي أنه: "تم تدريب 700 عنصر من أبناء الجزيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهم الآن يقومون بعملهم في تأمين الجزيرة، وزودت الإمارات الأجهزة الأمنية بالمعدات والآليات ودعم اللواء المرابط بالجزيرة بكل ما يحتاجه من معدات وسيارات"..
ويقول مدير أمن محافظة سقطرى - الموالي لذات المُعسكر - العقيد صالح علي السقطري: "قدمت دولة الإمارات عدداً من الأطقم والمعدات العسكرية التي من خلالها تم تأمين عاصمة المحافظة والمديريات الأخرى والمحميات في الجزيرة، وتم تكوين حزام أمني للجزيرة في مختلف المنافذ، لم يكن متوفراً في المحافظة سابقاً، فكل ما كان بحوزتنا طقمان فقط لا نستطيع تأمين المحافظة بهما، وبوصول المساعدات استطعنا تأمين المحافظة مع ما تحتويه من 38 محمية".(4) والحزام الأمني لسقطرى شبيه بالحزام الأمني في المحافظات الجنوبية، المُشكل من أبناء المناطق والخاضع بتمويله وتسليحيه وخططه بدول تحالف العدوان.
الدكتورة أمينة العريمي، الباحثـة السياسية الإماراتية في الشأن الأفريقي، تعطي إجابة سياسية، هي ذاتها الرواية الرسمية لدول مجلس التعاون الخليجي، فيما يتعلق برؤيتهم للحرب في اليمن؛ فقد اعتبرت أن التوجه الخليجي والإماراتي نحو الأحلاف العسكرية والاستخباراتية مع دول القرن الأفريقي، نتيجة: "فرضها طول أمد العمليات العسكرية في جنوب الجزيرة العربية، فلقرب دول القرن الأفريقي من مسرح الأحداث، وما تشكله من عمق استراتيجي لليمن، المرتبط بطبيعة الحال بالأمن القومي الخليجي، كان لابد لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، من إبرام تلك الاتفاقيات الأمنية والتي ليست بمستوى الاتفاقيات الاقتصادية بلا شك، إلا أنها اتفاقيات يمكن أن نُسميها بـ (متطلبات المرحلة)، فالاستثمارات الخليجية التي تدفقت على دول القرن الأفريقي عززتها الاتفاقيات الأمنية العسكرية والاستخباراتية، وتصعيد التمثيل الدبلوماسي لدول مجلس التعاون الخليجي في دول القرن الأفريقي، وأعتقد أن ذلك ما كان ليكون لولا التهديد الإيراني في جنوب الجزيرة العربية الذي وضع الأمن القومي الخليجي بعمومه على المحك.... ولابد من التأكيد بأن الأمن العسكري الاستخباراتي الخليجي المُرتبط بأمن عمليات عاصفة الحزم في اليمن أصبح جزءاً لا يتجزأ من الأمن الاستخباراتي العسكري في الصومال، وجيبوتي، وأرتيريا بسبب موقعها الاستراتيجي".(5)
والدكتورة أمينة - هنا - وهي تتمثل الخط السياسي لدول مجلس التعاون الخليجي ودولتها الإمارات، تدافع عن ذرائع العدوان، وتُقدم مغالطات كبيرة، كما تكشف ذات الوقت عن الاصطفافات الخليجية من الصراعات العالمية.. ويصعب تصديق أن الحضور الخليجي، وعلى رأسه الإماراتي، وبجوانبه الحربية العسكرية والاستخباراتية، في منطقة خليج عدن والسواحل الجنوبية الغربة اليمنية والقرن الأفريقي، حضور آني، كرد فعل دفاعي، استدعاه الواجب المحدد للإمارات في اليمن من قبل دول التحالف، يتجه لحماية الأمن القومي الخليجي ضد الأخطار الإيرانية، التي يفترضون انطلاقها من اليمن.. فعملية التوسع الإماراتي، اقتصادياً وعسكرياً هي سابقة للعام 2015، الذي انطلقت به العملية العسكرية العدوانية في اليمن. لأن الوجود الإماراتي العسكري المتمثل، باستئجار موانئ وتشييد قواعد عسكرية واستخدام المطارات الساحلية لذات الأغراض، يجري العمل عليه منذ عشر سنوات على الأقل، كما تخبرنا بذلك تواريخ الاتفاقيات بين الإمارات ودول القرن الأفريقي، وتواريخ تصاعد العلاقات العسكرية الأمريكية الإماراتية.
فرضية الأمن القومي الخليجي الذي تحدثت به الدكتورة أمينة، أو الأمن القومي العربي، من منظور الدول الخليجية، كأحد ذرائع التدخل العسكري العدواني في اليمن، الذي يُظهر التوسع الإماراتي الخليجي في المنطقة، والعدوان على بلادنا إجراءات دفاعية، هذه الفرضية تستدعي منا البحث عن سؤال السيادة.
هل الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي تمتلك سيادة نفسها، لتحميه من الخطر الإيراني أو اليمني إن وجد؟ الجواب الذي يُقدمه الواقع هوَ أن الأساطيل والقواعد الأمريكية تطوق دول مجلس التعاون الخليجي وتقيم في مياهها وأراضيها، مما يجعل من سيادات هذه الدول منتقصة من القوى الغربية، إنما دون أن ينفي وجود مصالح خاصة - غير وطنية وغير عروبية - لهذه الأنظمة والأسر الحاكمة تتخوف عليها، وتعمل على حمايتها بما أوتيت من قوة، وتخشى أن يُطاح بها شعبياً، أو بعدوان أجنبي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية نقيضها السياسي المذهبي، من بعد سقوط حليفها الشاه في طهران.
والواقع الداخلي لمجلس التعاون الخليجي بعد عقود من تأسيسه، تملأه الخلافات بين الأسر الحاكمة، وعجز هذه الدول والأنظمة عن توحيد قوتها العسكري في جيش موحد، وعن معالجة الخلافات فيما بينها، ومنها مسألة الحدود المشتركة، وعجزها أن توحد سياستها الخارجية من إيران ذاتها؛ حيث نلاحظ وجود علاقة دبلوماسية براغماتية اقتصادية بين إيران والشارقة وقطر ودبي وسلطنة عمان، إضافة إلى أن المنافسة غير التكاملية بين هذه الدول وبين المشيخات داخل الإمارات المتحدة، كل هذه العوامل تجعلها أضعف أمام إيران - مهما كان موقف إيران منها إيجابياً أو سلبياً - ويجعلها بحاجه دائمة للقوة العسكرية الغربية وفي حالة خوف دائمة.
وفي البحث الموضوعي عن الخطر الإيراني - الذي ترفعه الأنظمة الخليجية كشعار وتعتقد به كمخاوف، ولها كأي دولة الحق في القلق والخوف من تعرضها لعدوان، أو توسع الدول إلى أراضيها ومحيطها الحيوي المباشر- يعتبر الباحث البريطاني في الشؤون الخليجية، والإماراتية الدكتور «كريستوفر م. ديفيدسون»***: أنه "تزداد الإشارات إلى اعتبار الموقف تجاه إيران مهما بلغت خطورته، هو الآلية الأمثل لبعض الممالك الخليجية، التي يُمكن من خلالها احتواء المعارضة المحلية، والخلق المُستمر لفكره الدولة المجاورة مصدر الرعب، من أجل تخويف المواطنين، ليصرفوا النظر عن بعض الآفات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة والضغوط المتراكمة، فإن وسم إيران بأنها عدو خطر ومباغت يسيطر عليه الشيعة، وعازم على امتلاك الأسلحة النووية، يساعد أيضاً على التلاعب الطائفي الحاصل في عدد من الممالك الخليجية، كما يساعد على نزع الشرعية من أي فعالية ثورية وتشويه سمعة المعارضين بصفتهم عملاء لإيران".(6)
وبحسب بيانات البنك الدولي ومعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حول مجموع الإنفاق العسكري، تكرس المملكة العربية السعودية نسبة تتراوح ما بين 10و11بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على قواتها المسلحة في العام 2010 وهي النسبة الأعلى في العالم، وأكثر من ضعفي مجموع الانفاق العسكري للقوى العسكرية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، واحتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الثالث بين الممالك الخليجية، حيث تراوحت نسبة إنفاقها على جيشها بين 5و6 بالمئة من ناتجها المحلي. (7)
وبما أن الإمارات والدول الخليجية، منحازة إلى المعسكر الأمريكي في تسليحها، واستضافتها للوجود العسكري الأمريكي، في ظل التنافس العالمي، الذي ينفي عنها الدفاع عن الأمن القومي العربي، ولا ينفي دفاعها عن أمنها القومي الخاص، فإن هذه الحقيقة تجعلنا نستنتج في نهاية التحليل أن التوسع العسكري الإماراتي في جوهره توسع يخدم الغرب عسكرياً.
وكأنَ الأدوار مرسومة بين الإمارات والغرب كالتالي: للإمارات الامتياز الاقتصادي في هذه الاتفاقيات، وللغرب الامتياز العسكري، فأنظمة دول الخليج التي على أراضيها قواعد عسكرية أجنبية تحرس القصور الملكية ومصارفهم وآبار النفط، من التهديد الخارجي أو الثورة الشعبية، لا يمكن أن يقبل المنطق أنها تشيد قواعد عسكرية خارج أراضيها لحماية مصالحها الاستراتيجية وهي العاجزة عسكريا دون الاستعانة بالشركات الأمنية والأجهزة الاستخباراتية الغربية عن حماية مصالحها في قلب عواصمها.
وبناءً على ذلك فالتوسع الإماراتي في منطقة القرن الأفريقي، بشكلٍ أو بأخر يخدم القوات الأمريكية والإسرائيلية.. ويتم تغطية هذا الوجود بالأعلام الإماراتية حتى لا يُثير ذلك حساسية شعوب بعض الدول الأفريقية وأبناء المحافظات الجنوبية اليمنية، وعلى العكس لو اتخذت القوات العسكرية الأجنبية قواعد معلنة في هذه المناطق، فذلك سيؤدي في كثير من الأحيان إلى معارضة شعبية، لكنه الآن وتحت الغطاء الإماراتي ينظر له من باب الأخوة العربية والإسلامية..
يقول ديفيدسون: كانت الإمارات العربية المتحدة تضع قاعدة جوية في باكستان تحت تصرف الجيش الأمريكي، ويستند في رأيه هذا على برقية دبلوماسية أمريكية مُسربة وتقرير لرويترز يصف القاعدة الجوية بــ" اللغز الذي يلفه الغموض" تبين أنه قد تم تأجير قاعدة "الشامسي "في (بلوشستان) من قبل الحكومة الباكستانية للإمارات العربية المتحدة، منذ العام، 1992، ولكن الإمارات أجّرتها فيما بعد بالخفاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، على افتراض انها تسهل العمليات العسكرية الأخيرة في أفغانستان وباكستان". وبحسب البرقية أملت الإمارات العربية المتحدة الحفاظ على تفاصيل التعاون بينها وبين الجيش الأمريكي في افغانستان وباكستان سرياً، بسبب قلق الحكومة من كون إشهار هذا التعاون سيعرض أمن الإمارات العربية المتحدة للخطر في كل من الإمارات وباكستان"(8)
ولا زالت حكومات الممالك الخليجية تعتبر الضمانات الأمنية الغربية، ضرورة بالنسبة لأمنها، وتعتبر نفسها جزءاً من مُعسكر الأحادية القطبية الغربي، في علاقاتها الخارجية وخاصةً السياسية والعسكرية، ومنها من بدأت بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.. وعلى الرغم من عدم وجود قواعد للمشاة الأمريكية في الإمارات العربية المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستخدم موانئها بشكل كبير إذ يعتبر ميناء "جبل علي" الأكثر استقبالاً لقوات البحرية الأمريكية، حيث يتم تزويد السفن الحربية بالوقود أو الخدمات بانتظام كسفينة "يو إس جون كيندي" في الأحواض الجافة في دبي(9) التي تعد واحدة من أصل مركزين لإصلاح السفن الحربية في الخليج..
وفي عام 2009 فقط أفادت التقارير أن الإمارات العربية المتحدة اشترت معدات عسكرية أمريكية قيمتها 8 مليارات لتصبح بذلك أكبر زبائن سلاح الأمريكي في تلك السنة(10)
وإضافة إلى ذلك يُشكل ميناء "جبل علي"، وميناء "راشد"، نقطة رئيسية لعبور العتاد العسكري الأمريكي. كما يُعد ميناء "زايد" في أبو ظبي ثاني ميناء للقوات البحرية الأمريكية في الخليج (11) وكذلك الأمر بالنسبة إلى ميناء الفجيرة.. وعقب غزو العراق في العام 2003 بدأت فنادق أبو ظبي بإيواء الجنود الأمريكيين أثناء انسحابهم من العراق، وفي منتصف العام 2006 أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أن "الإمارات العربية المتحدة هي شريك أساس لقواتنا البحرية في منطقة حساسة وخارج بلدنا، تخدم دبي سفننا أكثر من أي بلد أخر في العالم".(12)
وتعليقاً على قضية شركة "موانئ دبي العالمية" حين عارض مجلس الشيوخ الأمريكي إعطاءها الحق في إدارة موانئ أمريكية، صرح أدميرال أمريكي أنه: "لطالما كانت موانئ دبي بمثابة المسؤول عن الأمن الأمريكي، لأن سفننا ترسو هنا في دبي، وانطلاقاً من تجربة شخصية أؤكد أنهم فعالون بشكل رائع"(13) وقد ثبت أن استخدام البنى التحتية الجوية للإمارات العربية المتحدة هوَ مدخل رئيس للتعاون مع الجيش الأمريكي في المنطقة. فبعد حادثة 11 من سبتمبر أصبحت المحطة الثانية في مطار دبي الدولي واحدة من المطارات الأكثر انشغالاً خلال حرب أفغانستان.
ولعل أبرز القواعد العسكرية قاعدة فرنسا في أبو ظبي والتي افتتحت في العام 2009 في (الظفرة).(14) وقد صرح الرئيس الفرنسي في كلمةٍ له في افتتاحية مهمة لإحدى الصحف المدعومة من دولة الإمارات، قائلاً: "لقد كنا شركاء استراتيجيين لمدة 55 عاما، ارتباطاً باتفاقية الدفاع التي وقعناها في العام 1995، وبوجود هذه القاعدة الهامة يصبح التزامنا معكم أقوى... سنقف إلى جانبكم في الظروف كلها حتى أكثرها صعوبة، لا نعرف الصديق إلا وقت الضيق فكونوا على ثقة بأنكم تستطيعون الاعتماد علينا في حال وجود أي خطر يهدد أمن المنطقة".(15)
كسواها من ممالك الخليج، تحولت من قبائل وعشائر إلى دول بوجود المصالح الاستعمارية البريطانية، مع تأسيس شركة "الهند الشرقية" في مطلع القرن السابع عشر 31 ديسمبر 1600.. تشكلت ما تُعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة، في ذلك القرن، عقب دخولها في اتفاقيات حماية عسكرية مع بريطانيا، ومقابل هذه الحماية البريطانية، من الإمبراطوريات الأوروبية ومن القبائل والمشيخات فيما بينها، كان المشايخ يحصلون على رواتب من الحكومة البريطانية، واضطرت الممالك الخليجية للتنازل عن جزء كبير من سياستها الخارجية للمقيم البريطاني. ففي العام 1892 تم ادخال ثلاث بنود على المعاهدات التي عقدت بين بريطانيا ومشيخات الخليج، تمنع الحكام من عقد أي اتفاقيات مع أي دول أخرى أو السماح لها بزيارة أراضيهم أو من بيع أو رهن جزء من أراضيهم، دخلت بريطانيا إلى هذه السواحل في بادئ الأمر تحت ذريعة مكافحة القرصنة بالتعاون مع الأهالي لحماة سُفن شركة الهند الشرقية.
أسرة "القاسمي" الحاكمة في إمارة (رأس الخيمة)، تعرضت لهجمات بريطانية ما بين 1809و1819، ثم خضعت، واضطرت إلى التنازل عن سيطرتها على مدينتها الثانية (الشارقة)، لفرع منقلب من العائلة، ووقعت الشارقة ورأس الخيمة على المعاهدات البريطانية، وتم الاعتراف بهما من قبل بريطانيا وبقية المشيخات.
أما أسرة "آل نهيان" الحاكمة في (أبو ظبي) فكانت تتقدم في القرن التاسع عشر بسبب تراجع ثروات آل القاسمي بشكل جزئي، واستفادت من الحماية البريطانية في صد الاعتداءات الوهابية لآل سعود، وهوَ ما سمح لآل نهيان بتثبيت سيطرتهم على معظم الشريط الساحلي، في الخليج الأدنى، وعلى غرار الانشقاقات في قطر والبحرين، أُجبر آل نهيان على التنازل عن مدينتهم الثانية دبي.
وفي العام 1833 عقب نزاع قبلي غادر مكتوم بن بطي من قبيلة "بني ياس" مع رجال من القبيلة، ليستقروا في دبي ويعملوا في استخراج اللؤلؤ وانضموا إلى الهدنة البريطانية، التي حمتهم من هجومات أبو ظبي والشارقة، وفي ثمانينات وتسعينيات القرن العشرين وتحت حكم "راشد بن مكتوم آل مكتوم" توسع نفوذ (دبي) بشكل كبير بعد أن أصبحت ميناءً حراً في المنطقة، جذبت إليها عدداً من الأسر التجارية الناقمة على المشيخات الأخرى.
أما إمارتا (عجمان) و(أم قيوين) اللتان تقعان بين الشارقة ورأس الخيمة، فكانتا تباعاً تحت حكم أسرتي "النعيمي" و"المعلا" في حين كانت قبيلة "الشمسي" تحكم (الحمرية) التي تقع أيضاً على الشريط الساحلي الأدنى للخليج، أما (دبا) الواقعة على الشريط الساحلي للمحيط الهندي فيحكمها فرع أخر من آل القاسمي.
بدأت الهيكليات الاقتصادية تتشكل أوائل القرن العشرين في هذه المشيخات، وهذا ساعد بريطانيا على إبقاء الممالك الخليجية أو على الأقل مشيخات الساحل المتصالحة (الإمارات العربية وقطر والبحرين) في إطار علاقات خاضعة ومستعمرة. فتم انشاء قاعدة عسكرية في الشارقة، وفي العام 1922 م توقيع اتفاقيات بين معظم حكام الخليج وبريطانيا.
أما فيما يتعلق بـ (عجمان) على سبيل المثال فقد شكل انخفاض قيمة حقوق الهبوط الجوي ومدفوعات الامتيازات النفطية مصدر قلق لهذه المشيخة، لدرجة أنه تم اختيار المنطقة عمداً لتكون مركزاً لقاعدة عسكرية "بريانية" بإيجار سنوي قدره مئة ألف روبية..
ومع بداية تشكل الدولة والهيكليات الاقتصادية بدأت تتخلق الطبقة العاملة وتتسع الشريحة التجارية، وبالتالي فقد تخلقت مطالب سياسية جديدة، فتم تشكيل الجبهة الوطنية في الإمارات، التي طالبت بإزاحة الهيمنة البريطانية ومراقبة أداء السلطة والمشاركة السياسية في الحكم.
في خمسينيات القرن الماضي شهدت الحركة الوطنية بتعبيراتها القومية الناصرية نمواً وتطوراً، وهوَ ما سبب خوفاً لدى بريطانيا ولدى هذه المشيخات، التي استعانت بالأجهزة الأمنية الانجليزية للقضاء عليهم، ومن أجل أن تأمن بريطانيا عدم تعرض هذه الإمارات لمثل هذا الخطر الثوري مرة أخرى أوعزت للمشيخات بالاتحاد قبل انسحابها، وفي 1 ديسمبر من العام 1971 قبل يوم من الانسحاب البريطاني استولت إيران التي يحكمها الشاه - وكانت علاقته جيدة مع بريطانيا - على ثلاث جزر متنازع عليها تابعه للشارقة ورأس الخيمة، وهو ما أشعر الحكام في إمارات الساحل بالخطر، فتم تشكيل "اتحاد للإمارات العربية المتحدة"، يتألف من ابوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم قيوين والفجيرة، وفي الشهر التالي وافقت رأس الخيمة على مضض على الانضمام إليه، ومشروع الاتحاد كان من المفترض أن يضم أيضا قطر والبحرين. ولكون أبو ظبي تسيطر على الجزء الأكبر من احتياطي النفط في الإمارات؛ فقد أصبحت العاصمة الاتحادية وتم تنصيب حاكمها «زايد آل نهيان» أول رئيس للإمارات العربية المتحدة، وعين حاكم دبي «راشد آل مكتوم» نائباً للرئيس، وعند محاولة أبو ظبي توحيد القوى المسلحة المختلفة في الإمارات أواخر السبعينات من القرن الماضي، هددت كل من دبي ورأس الخيمة بالانسحاب من الاتحاد ما أثار أزمة دستورية، ولم يصبح الدستور مستقراً إلا في العام 1996 مع تشكل القوات المسلحة الموحدة، تحت مظلة أبو ظبي.
مازالت العلاقات البريطانية الإماراتية مستمرة وموطدة،، حتى عصرنا الراهن، وأغلب الشركات العاملة في مشيخات النفط من شركات الاستشارات السياسية والاقتصادية والمحاسبية والأنظمة الإدارية بريطانية، وإن لم يعد هنالك مندوب سامٍ في الإمارات العربية المتحدة؛ إلا أن حجم المصالح المشتركة وخاصة المصالح البريطانية في الإمارات العربية المتحدة كدولة استهلاكية، وكدولة نفطية غازيّة في الجزيرة العربية وبالقرب من المحيط الهندي، وحجم العلاقات التاريخية، كل هذا خلق نوعاً من الهيمنة والتأثيرات البريطانية على الإمارات بجانب التأثير الأمريكي، الذي يسعى لجعل الإمارات شرطياً له في ساحل الجزيرة العربية والقرن الأفريقي.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى 70 مليار درهم، (أي حوالي 20 مليار دولار)، حيث تعد الإمارات أكبر سوق مستوردة للبضائع البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أن هناك ما لا يقلّ عن 170 رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين. كما تتواجد في الإمارات نحو 5 آلاف شركة بريطانية، وحوالي 100 ألف بريطاني يستقرّون ويعيشون في الإمارات، ويضاف إلى كل ذلك مليون سائح بريطاني يأتون إلى دولة الإمارات سنوياً. في المقابل يزور بريطانيا نحو 50 ألف سائح إماراتي سنوياً".(16)
كما تسعى بريطانيا إلى العمل مع الإمارات في مجالات "مكافحة الإرهاب" وهو الاسم الجديد للتواجد الاستعماري في العالم. فقد أعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ونظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عن التزامهما بمواصلة الشراكة والدعم لمركز هداية - مركز التميّز الدولي لمكافحة التطرف العنيف -، ومقره في أبو ظبي، خلال اجتماعهما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال جونسون، لدى توقيع إعلان النوايا المشتركة "التطرف العنيف مشكلة عالمية تتطلب معالجته قيادة عالمية وشراكات محلية. والمملكة المتحدة صديق وشريك قوى للإمارات العربية المتحدة، وإنني أعرب عن امتناني للحكومة الإماراتية لقيادتها والتزامها المستمرين، وسوف نتمكن بعملنا معا من مواجهة بلاء التطرف".(17)
وفي زيارة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات إلى المملكة المتحدة، أكدت الملكة البريطانية أن زيارة رئيس دولة الإمارات فرصة للاحتفال بعمق الشراكة القائمة بين البلدين وهي شراكة تزداد نمواً وقوة مع مرور الزمن. وقالت: "كانت معاهدة الصداقة الموقعة بيننا عام 1971 قد نصت على أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة سوف تتشاور إن في سبيل تعزيز وتشجيع التعاون في المجالات التعليمية والعلمية والثقافية وتطوير علاقات تجارية وثيقة بينهما ويتجلى هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى، ويسعدني جداً كيفية تطور علاقاتنا تحت اشراف فريق العمل البريطاني الإماراتي. وإنني اتطلع قدماً لتعميق وتوطيد هذه الروابط بينما نعمل على تطوير الشراكة الاستراتيجية البريطانية للجيل القادم". مشيرة أن التعاون بينهما "يتراوح الآن ما بين روابط تعليمية وسياحية مزدهرة ومشاريع مشتركة في المجال الدفاعي والتعاون في قضايا الأمن والسياسة الخارجية والاستثمارات المتبادلة، مؤكدة أن الإمارات العربية المتحدة تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لبريطانيا في منطقة الخليج".(18)
بدوره، أكد الدكتور عبد الرحمن الشميري رئيس تحرير صحيفة الوطن، الذي كان من ضمن الوفد المُرافق أن العلاقات بين البلدين تنمو بلا حدود، وقال: "من يتمعن ملياً في مضمون العلاقات الإماراتية البريطانية في عمق تاريخها وحاضرها، في أفقها وامتداداتها، يجد في ثنايا تلك العلاقات دوافع حيوية ومحركات طبيعية تعمل على تطوير الروابط بين البلدين من منطلقات راسخة وأسس متينة صنعها التاريخ والمصالح والصداقات".(19)
ومن المعروف أن العلاقة التاريخية بين البلدين التي صنعها التاريخ لم تكن علاقة طبيعية ندية بل علاقة استعمارية، ومعادية للقوى الوطنية القومية والتقدمية الاشتراكية، واستئنافها لا يخرج عن هذه المضامين، ولدى بريطانيا طموحات أكبر لاستعادة قوتها القديمة خاصة مع خروجها من الاتحاد الأوروبي.
* تشكلت الإمارات العربية المتحدة في العام 71م من إمارة (أبو ظبي) وإمارة (دبي) وإمارة (الشارقة) وإمارة (رأس الخيمة) وإمارة (الفجيرة) وإمارة (أم القيوين) وإمارة (عجمان). يشرف المجلس الأعلى للحكام على الحكومة الاتحادية، منذ العام 1971 وهو يتألف من حاكم كل إمارة، وفي بعض الأحيان يضم ولاة العهد التابعين لهم، وفي حين أن الدستور يسمح للمجلس الأعلى للحكام بإجراء انتخابات رئاسية كل خمس سنوات، إلا أن حكم أبو ظبي يبقى فعلياً مرادفاً لرئاسة الإمارات العربية المتحدة، بسبب تمويل أبو ظبي لمعظم مشاريع التنمية الاتحادية، ويعطي المجلس الأعلى للحكام وضعاً مميزاً لدبي عن طريق منح حق النقض الفيتو لكل من أبو ظبي ودبي فقط في اجتماعاته.
** اقتصاد الفقاعة
الإمارات العربية المتحدة، كسواها من دول الخليج دول ريعية لا رأسمالية صناعية، ودولة رفاه اجتماعي يُعطيها استمرارية البقاء وقبول الشعوب ببقاء الأنظمة مادامت الامتيازات النفطية مُستمرة، إلا أن تغيرات كبيرة بدأت تطرأ على هذا الاستقرار المالي في مختلف دول الخليج التي بدأت تفرض الضرائب على رعاياها.. وخاصة مع إنفاقها العسكري المُكلف في التدخل العسكري العدواني على (اليمن).
تعتمد إمارة (أبو ظبي) على النفط وصناعة البتروكيماويات، وانخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى خلق محركات طاقية غير نفطية يجعل من الغير استراتيجي الاعتماد على النفط، باستثناء (الشارقة) التي تملك مخزوناً لا بأس به من الغاز له مستقبل كمصدر نظيف للطاقة، على عكس أبو ظبي فإن تنويع الهيكل الاقتصادي لـ(دبي) الذي يقلل من اعتمادها على النفط يعمق في نفس الوقت اعتمادها على السوق العالمية، لاستثمارها في الخدمات والانشاءات العقارية والسياحة، وفي اعتمادها إلى التمويل الأجنبي للمشاريع، وعلى الديون، وهذه المصادر لا تصنع اقتصاداً قوياً، ويؤدي إلى صدمات اقتصادية قاتلة كما حدث في الأزمة المالية العالمية في العام 2008 التي قام خلالها كثير من مستثمري الأموال بسحب أموالهم، وهوَ ما أدى إلى شلل اقتصادي أوقف الأعمال وأدى إلى تسريح العُمَّال والموظفين وبيع المستثمرين لممتلكاتهم والعودة إلى بلدانهم، مما أدى إلى انهيار الأسهم الإماراتية. كما أن حجم الاعتماد على العمالة الوافدة التي تمثل 90 بالمئة من نسبة السكان في الإمارات، يهدد ليس فقط الهوية الوطنية للإمارات وطبيعتها الديموغرافية، ولكن مالياً؛ فالعمال ايضاً ينقلون الموارد إلى بلدانهم ويحرمون الإمارات من الدورة المالية، كما أن مغادرتهم للبلاد بعد انقضاء عقود أعمالهم تؤدي إلى فجوة اقتصادية لا يستطيع تعويضها أبناء البلد. في ذات الوقت فإن الدستور يتيح لكل إمارة استقلالية في إدارة مواردها الطبيعية، وهو ما يؤدي إلى فوضى في النمو وتكرار ذات المشاريع في مختلف الإمارات في ظل انعدام تخطيط مركزي وتقسيم واضح للعمل في مختلف الإمارات المتحدة، ووجود تنافس طفولي بين الأسر الحاكمة على مشاريع غير إنتاجية يجري إهدار مليارات الدولارات فيها.
***كريستوفر ديفيدسون باحث في معهد الدراسات الإسلامية والشرق الأوسطية بجامعة درهام بإنجلترا، وأستاذ مساعد سابق في العلوم السياسية بجامعة زايد بدبي. له دراسات عديدة، وكتب متخصصة في الشأن الخليجي، منها كتاب "دبي.. هشاشة النجاح". وكتاب " الإمارات العربية المتحدة: دراسة في البقاء ". وكتاب " أبو ظبي: النفط وما بعده". وكتاب "ما بعد الشيوخ.. الانهيار المقبل لممالك الخليجية". وكتاب "حروب في الظل"، الذي صدر مؤخراً في العام 2016 ويوضح به الكاتب طبيعة التدخلات الغربية المستمرة في العالم العربي الإسلامي وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية بالإسلام الرجعي كما يُسميه في حديثه عن الوهابية وجماعة الأخوان المسلمين.
1: مقالة تحليلية قاعدة عسكرية في الصومال.. كيف تعزز الإمارات نفوذها في القرن الأفريقي؟ 31/2/2017.
2: خبر: عمر البشير العلاقات السودانية الإماراتية.. ماض وحاضر يبشران بمستقبل واعد.. موقع دوت مصر، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط... 19/2/2017
3 : الاخبار اللبنانية العدد ٣١٠٣ الاثنين ١٣ شباط ٢٠١٧
4: سقطرى.. انطلاقة محافظة وعطاء إماراتي كبير.. استطلاع .. مركز عدن للبحوث الاستراتيجية والإحصاء .. عبد الجبار.
5 : دراسة الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي.. مركز مقديشو للبحوث والدراسات.. 22 مارس، 2017
6: كتاب كريستوفر م. ديفيدسون .. كتاب ما بعد الشيوخ (الانهيار المقبل لممالك الخليج) ص (300) .. مركز اورال للدراسات والتوثيق، الطبعة الأولى بيروت نوفمبر 2014.
7: بيانات البنك الدولي عام 2011 مستنبطة من معهد ستوكهولم الدّولي لبحوث السلام.. قاعدة بيانات الإنفاق العسكري
8: صحيفة إكسبرس تريبيون الباكستانية 4يوليو)
9: كتاب ديفدسون المصدر السابق ص(289)
10: ذا ناشيونال،2 يناير 2010
11: ووركز وورلد مايو 2007
12: كتاب ديفدسون المصدر السابق ص (290)
13: كتاب ديفدسون المصدر السابق ص(290)
14واشونطون بوست27 مايو 2009
15ذا نشيونال 25مايو 2009
16: تقرير خبري: خليفة في بريطانيا... زيارة مهمة وعلاقات دافئة. ايلاف.. محمد العوضي
17خبر: بريطانيا والإمارات تشكلان فريق عمل جديد للمساعدة في منع التطرف.. وكالة الشرق الأوسط 22/سبتمبر/2016
18: خبر عن زيارة رئيس دولة الإمارات إلى المملكة المتحدة موقع نور الشرق 1/5/2013
19: تقرير خبري زيارة خليفة تاريخية وترسم مشهداً جديداً في العلاقات زيارة خليفة تاريخية وترسم مشهداً جديداً في العلاقات.. موقع صحيفة البيان الإماراتية. 1مايو/2013