مقاربة استراتيجية القسم (1)
لم ينبت الهجوم الكبير الأخير من فراغ بل هو نتاج مباشر وغير مباشر لكل ما بذر من حبات أو أحداث ووقائع في هذه الحرب العدوانية اللعينة وما قبلها وبعدها.
وهناك عدد من العوامل والأسباب - التي دفعت العدو إلى هذا الهجوم الكبير في ختا م حقبة أو طور من أطوار العدوان ككل، طور عنوانه الكبير هو انتقال العدو من الهجوم إلى التقهقر الشامل وتقطع الأنفاس التدريجي على كافة الجبهات وانتقال الجيش اليمني من الدفاع الاستراتيجي إلى الهجوم الاستراتيجي التدريجي الطويل النفس على كافة الجبهات واختلال التوازن الاستراتيجي الدولي والاقليمي والمحلي لصالح القوة الوطنية الشعبية اليمنية التحررية، واحتبال المنطقة والعالم بتطورات كبيرة تغير المنطقة والعالم وتحشدها ضد الارهاب والداعمين له، وعلى رأسهم السعودية وعدوانها، وصعود قيادات رئاسية جديدة قومية في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأوروبا المعادية للإرهاب الدولي - السعودي القطري الأمريكي الراهن، ومحاكمة العائلة الإرهابية أمام المحاكم الأمريكية والأوربية على جرائم الإرهاب الدولي، وسيكون أول ضحاياها الكبار هو القرار الإمبريالي الشهير- للعار – ومات رتب عليه وبقايا شبكات بان كي مون كيري أوباما، واتحاد حلف دولي جديد ينتج قرارات جديدة تسحب أغطية العدوان السياسية وتضع أغطية مضادة للعدوان، ويصبح رفع الحصار الشامل ووقف القصف السعودي الأمريكي قراراً دولياً بديهياً، وتكون إرادة دولية لفرض الحل السلمي واحترام الشرعية القانونية والإنسانية والسيادة، وسوف نرى الطائرات والمدرعات والدبابات والآليات السعودية والزوارق والبوارج وهي تحترق تحت ضربات صواريخ القوى اليمنية، وليس هذا ببعيد على الله والمستضعفين في أرضه.
وهذا يتضح من خلال التركيز الشديد على توسيع المعركة الساحلية حول باب المندب ومشاركة الأساطيل الأمريكية والبريطانية والسعودية والاماراتية.
الهجوم الكبير الذي يشنه العدو السعودي الأمريكي ليس له بعد واحد؛ بل هو ذو أبعاد عديدة في وقت واحد، تتداخل فيه جميع الأطراف الإمبريالية- الرئيسية وأهداف كل طرف من أطراف التحالف، وتزأمن وتضايف استراتيجياتها وأهدافها معاً.
وتطمح أمريكا والإمارات إلى الحصول على سقطرى والنفط الجنوبي الشرقي، واستغلالها كنقطة سيطرة على الطريق البحري المتاح بين الشاطئين اليمنيين – بعرض 500 كيلو، وتجعل منها قاعدة بحرية لأسطولها المحيطي ومنصة صواريخ وطائرات استراتيجية موجهة ضد ايران وروسيا والصين وسوريا ومصر، والسيطرة على طريق الملاحة بين البحار السبعة والمحيطات الثلاثة التي تتلاقى عند تلك المنطقة التي تنتهي عندها المساحات الصالحة للملاحة الدولية البحرية.
ومن هذا الموقع المتحكم تطمح أمريكا إلى التحكم بالتجارة الدولية القادمة من الصين والهند واليابان والشرق عموماً وبين تلك القادمة من الغرب عبر البحر الأحمر ورأس الرجاء الصالح والأطلنطي وأستراليا.
يرى مبرر وجوده في أن يندمج اندماجاً كلياً مع المركز الكولنيالي الخليجي السعودي – الصهيوني، تحت الإشراف الإنجلو أمريكي الناتوي بعيداً عن الشعارات اللاتاريخية ومرحلياً تكون مهمتهم المباشرة تنفيذ المخططات التقسيمية التفكيكية وإضفاء الطابع والخاتم الرسمي الشرعي وأقرب المحطات على خطى المشروع الكبير هي:
وتلتقي هنا المصالح والأهداف المرحلية المباشرة لجميع الأركان العدوانية، بعد أن استحال عليها تحقيق الأهداف العليا التي تضعها في إطار مؤجل تاريخي طويل الأمد ومرحلي تعيد تنظيم قواها مستقبليا.
ميدانياً وعملياتياً يأخذ الهجوم الكبير شكل أطوار كبرى أو مراحل تكون كل مرحلة عبارة عن تركيز كبير على جبهة رئيسية ذات أفضلية وأولوية.
في الوضع الراهن سيكون الهجوم محكوم بثلاثة أطوار أو اتجاهات أو مراحل هي:
مشكلة استراتيجية تواجه العدو في الساحل تشبه ما يواجهه في هيلان - صرواح - مأرب نهم تتلخص مشكلته في استحالة العدو لتجاوز النقطة الحاكمة الاستراتيجية على الأرض- أرض ميدان المعركة - بالطريقة الغربية المدرسية (الحروب السريعة الخاطفة) والانتقال للأمام خاصة عندما يكون من الصعب حصارها من كل الجهات، فكلما اتجه العدو للميدان وتكبد خسائر جديدة، يضطره هذا إلى تجميد أعداد كبيرة من قواته حول النقطة لمنع تقدمها جنباً، مما يجعل كثافة هجومها شمالاً أضعف من ذي قبل، معرضاً إياه لانكسارات محتمة، وهكذا تدور عليه الدوائر من كل جانب وهو ما يجري الآن.
هناك أمام العدوان مدة أسبوع آخر على أكثر تقدير للوصول إلى نهاية للهجوم الكبير.
نهايات مروعة في جميع الجبهات الشمالية الشرقية الغربية من نجران إلى مأرب الجوف نهم وإلى شبوة وميدي، وصل الهجوم إلى نهايته العليا منذ أسبوع وهو يتحول إلى القتال التراجعي بعد فقدانه لطاقات الهجوم الأكبر أو لتعزيزه بإعادة اطلاق هجومات جديدة قوية.
الانتقال إلى المعركة الدولية العدوانية الإمبريالية المشتركة بدعوى تأمين الملاحة الدولية
أوباما في أيامه الأخيرة لا يتورع عن خلق كل المشاكل مع العالم ليكون المقعد الرئاسي الأمريكي مقعداً سرطانياً لا يكمن الجلوس عليه بعده، وهو يتصرف برعونة اليانكي الأبيض وفضاضته عندما يكون مغادراً الموقع مكرهاً يدمّر!
هذا ما يفعله الآن إنه يتصرف كما تتصرف الضرة الغاضبة من زوجها إذ تحطم العالم الذي يعيش فيه وتسمم أجوائه، وهو يتصرف بدون حذر أو تقدير للمسؤولية ليغطي عقدة النقص لديه لإحساسه بالإهانة المرضية الدائمة جراء إبداء الضعف والخوار خلال أيامه السابقة.
كما أن البنتاجون والمخابرات الأمريكية والخارجية والمؤسسة الأمريكية في حالة غضب شديد جراء إخفاقها السياسي وظهر هذا في العلن خلال المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس الجديد، مما يشير إلى عواصف محتمة تنتظر البيت الابيض والإدارة، وهو المناخ الذي ينذر أكثر من غيره بالقرارات المتهورة لمعتوهين باتوا ينتظرون طردهم بعد أسبوع فقط، وهذا هو المناخ والبيئة التي تنتج الأزمات لا أن تحلها.
العدو فقد القدرة والرهان على كسب المعارك البرية في الشمال الداخلي الجبلي ولم يعد لديه بصيص أمل ولو ضئيل إلا في نقل ثقل المعركة إلى الحقل الدولي المكشوف.
التوقع المحتمل الآن على هذا المحور الساخن ذي الأبعاد الدولية
اعادة تجميع قوى العدوان بعد التمهيد اللازم لها وتفجير الوضع الأمني في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن وإنزال قوات أجنبية على الساحل لإنقاذ المرتزقة من الانهيار الكبير، ومحاولة التعويض عما فقدوه في الشام والعراق هنا في اليمن الجنوبي الغربي وسواء أقدموا الآن أم تراجعوا عن المشروع؛ فإن المؤكد منطقياً هو أن يحافظوا على استمرار الحرب والهجوم جنوباً وغرباً ولو بوكلاء محليين إلى أن يحققوا - بطريقة مباشرة أو غير مباشرة - الغاية المنتظرة للعدوان الدولي.
هناك مؤشرات وإمكانيات ومخططات سابقة قيد البحث والعمل أبرزها:
4 - تفعيل المخطط الإمبريالي القديم المقر في قمة الدوحة والرياض وجدة عشية العدوان في مارس 2015م والمسمى بالمشروع البحري الصديق الذي يشمل قوات الخليجيين والناتو تحت غطاء حماية أمن الملاحة الدولية.
5 -الرغبة الأوبامية والسعودية البريطانية الصهيونية المشتركة في الإقدام على تحركات مغامرة تغرق السياسة الدولية في مواجهات تهدد الأمن العالمي لتعطيل سياسات الإدارة الأمريكية القادمة التي تعهدت بوقف السياسات المغامرة والحربية خارج الولايات المتحدة ومحاربة داعش الارهابي وداعميه والسعودية بشكل خاص، وهناك حرب داخلية حقيقية باردة ضمن المؤسسات الأمريكية الحاكمة والمسيطرة المنقسمة الآن ومن الممكن أن تخوضها بالوكالة في الساحة اليمنية الملتهبة في ظل توفر الدوافع والعوامل.
6 - كثافة الهجوم المنطلق على الساحل الغربي:
كهجوم مكمل للهجوم الرئيسي على الجبهة الشرقية وامتداد له فقط وإن ظهر بداية على هذا النحو لكن كثافة الهجوم وعدد الألوية المشاركة فيه من المرتزقة( 5 ألوية ميدانية جنوبية وإرهابية وحراكية وسلفية) مضاف إلى هذا الزحوفات البحرية والجوية الكبيرة وحضور القوى الأجنبية الاماراتية والبريطانية والأمريكية والسودانية والسعودية وحلف سلمان الوهابي.
أبعاد ما يجري على البر والبحر والجو الأن تجعلنا نوسع النظر لما يجري بوضعه في سياقاته الأوسع التي تتبلور أمامنا تدريجياً وإن لم تعلن رسمياً.
أن الهجوم الكبير هو في حقيقته هجوم مركب يتكون من هجومين كبيرين في آن واحد:
وهذا يصل إلى نهايته الآن ولم يتبق منه إلا ما هو مكرر: زحوف وانكسارات! وهكذا الدائرة الجهنمية تدور واستمرارها يعني التآكل التدريجي للعدوان السعودي الأمريكي وسقوطه حتماً.
2- ذلك استعد العدوان الأجنبي للدخول إلى الميدان لحجز مواقع له قبل نهاية المباراة، فالرهان السعودي يخسر ويخسر.
ومن هنا لابد للعدوان الأكبر أن يطلق هجومه الاستراتيجي الكبير لكي يتلافى السقوط الكامل للعدوان السعودي الجاري ولكي يضمن تحقيق أهم أهدافه مباشرة تحت أغطية جديدة قديمة.
وهذه المرحلة من العدوان الشامل نسميها الطور الجديد من العدوان والاحتلال تمييزاً لها عن الطور القديم من العدوان، والفارق بين الطورين واضح ونلاحظه في:
كانت الواجهة الرسمية للعدوان على الأرض والجو سعودية خليجية ومرتزقة فيما الغرب يلعب دور المساعد فقط، أما في الطور الجديد فإن السعودية تحاول أن تتراجع عن مقدمة المشهد للقوى الكبرى الدولية فيما تلعب هي دور مساعد في الظاهر.
وهذا يتوقف على مدى نجاح المساومة السياسية التي أعدها كيري كغطاء للعدوان خلال سيره وتناميه ومظلة لإنقاذه حين تواجهه التحديات وهي تمهد لهذا الانتقال وتشرعن له.