عقد (منتدى مقاربات) بمركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني لقاءه الرابع، عصر الأربعاء الموافق 23-11-2016م، خصصه لمناقشة آفاق الحرب والسلام في اليمن، على ضوء جولات المفاوضات السابقة من بيل السويسرية إلى مسقط العمانية، وانتهاء بمبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في منتصف نوفمبر الجاري 2016م، والتي أعلن فيها أن "السعوديين والحوثيين اتفقوا على وقف إطلاق النار في اليمن بدءاً من تاريخ 17 نوفمبر الجاري، وأن الأطراف اليمنية اتفقت على تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل نهاية العام الحالي" وما تلى ذلك من عدم التزام النظام السعودي ومرتزقته بما تضمنته مبادرة كيري واعتماد خيار التصعيد العسكري في كل الجبهات بدلاً عن المبادرة.
شارك في المنتدى الأخوة السفير/ عبد الإله حجر عضو الوفد الوطني المفاوض كمتحدث رئيسي، ومن السياسيين الشيخ / حسين حازب، والأستاذ يحيى الشامي، والأستاذ/ محمد محمد الزبيري، والأستاذ/ عبدالله هاشم السياني، والأستاذ/ نزيه العماد، والأستاذ نبيل الصوفي. كما شارك أيضا الفريق البحثي لـ "منتدى مقاربات". وفي بداية اللقاء قدم السفير/ حجر عرضا للمراحل التي مرت بها عملية التفاوض والصعوبات والتحديات التي واجهت الوفد الوطني، واللقاءات المتعددة التي عقدها مع الأطراف الإقليمية والدولية، والضغوط التي مارستها تلك الأطراف، وأشار إلى أنه ورغم كل ذلك، فقد تمكن الوفد من إحراز العديد من النجاحات، لعل من بينها إيصال رؤيتنا الوطنية الواضحة للأطراف المعنية كدول ومنظمات، محدثا بذلك خرقا لحالة الحصار والتعتيم والتشويه المتعمد لموقف بلادنا، كما تمكن الوفد من نقل معاناة الشعب اليمني الناجمة عن العدوان العسكري والحصار الاقتصادي، والجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها السعودية ومن تحالف معها، والضغط باتجاه رفع المعاناة وتوفير متطلبات البلد في الحدود التي أمكن الضغط لتحقيقها. كما أشار السفير حجر إلى أنه وفي المقابل فقد اتسم الموقف السعودي ومن يقف معه بعدم وضوح الرؤية والتناقض في المواقف واعتماد وسائل الرفض والعرقلة كمنهجية في مراحل المفاوضات المختلفة، وفي ختام حديثه أبدى السفير حجر تفاؤله وتأكيده على أن فرص التسوية ووقف الحرب لازالت ممكنة وقائمة. بعد ذلك ناقش الحاضرون في المنتدى فرص وقف الحرب وآفاق التسوية في ظل سيناريوهات متعددة اتسم بعضها بالتفاؤل والبعض الآخر كانت متشائمة وذلك على خلفية ما يجري من تصعيد ميداني في مختلف الجبهات، واستناداً على المتغيرات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على فرص الحرب والسلام.
وفيما يلي عرض لوجهتي النظر; المتفائلة والتي ترى احتمالية وقف الحرب وقرب التوصل إلى تسوية سياسية، والأخرى غير المتفائلة التي ترى أن الحرب مستمرة وأن فرص التسوية السياسية لازالت بعيدة، مع إبراز لحيثيات ومبررات وجهتي النظر المشار إليهما:
وجهة النظر المتفائلة بوقف الحرب واقتراب التوصل إلى تسوية سياسية:
بنى المتفائلون وجهة نظرهم باقتراب التوصل إلى تسوية سياسية على جملة من المعطيات والافتراضات لعل أهمها ما يلي:
توصل المجتمع الدولي إلى قناعات بعدم جدوائية الحرب العسكرية لتسوية الأزمة اليمنية والتي مضى عليها ما يقارب العامين دون تحقيق نتيجة تذكر.
وجود مبادرات وجهود تبذل من عدد من الأطراف الإقليمية والدولية وفي المقدمة سلطنة عمان، وفي ذلك ما يؤشر على إمكانية الاقتراب من التسوية السياسية ووقف الحرب.
الضغوط من قبل الدول والمنظمات الحقوقية على السعودية ودول التحالف بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحق الشعب اليمني.
تفاقم الأوضاع والأزمات التي تواجه السعودية مالياً واقتصادياً واجتماعياً وارتفاع أعداد القتلى من الجيش السعودي.
حرص الديمقراطيين على إنهاء ملف الحرب في اليمن قبل تسليمهم السلطة في يناير القادم، إنقاذاً للسعودية من ناحية وتفادياً لما قد يثار بشأن مشاركتهم في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في حال ظل ملف الحرب مفتوحا في اليمن حتى تسلم الجمهوريين للإدارة الأمريكية.
صعود الجمهوريين إلى الحكم في أمريكا يجعل من مصلحة النظام السعودي التعجيل بوقف الحرب والدخول في تسوية سياسية في اليمن.
وجهة النظر غير المتفائلة بوقف الحرب واقتراب التوصل إلى تسوية سياسية:
بنى هذا الفريق وجهة نظره القائلة باستمرار الحرب وعدم التوصل إلى تسوية سياسية في الأجل القريب وذلك على جملة من المعطيات والافتراضات لعل أهمها ما يلي:
تخبط النظام السعودي وعدم وضوح أهدافه سواء المتعلقة بالحرب أو بالسلم، ونزوعه المستمر إلى الاعتماد على القوة العسكرية التي يرى أنها المدخل الوحيد لتحقيق الانتصار على خصومه في اليمن.
أن الموقف الميداني والعسكري على الأرض ليس لصالح السعودية ومرتزقتها، وهو ما قد يدفعها لمواصلة عدوانها وعدم القبول بأي مبادرات في الأجل المنظور لوقف الحرب والانخراط في تسوية سياسية تنهي الحرب في اليمن، وتفضي إلى اتفاق سلام دائم بين اليمن والسعودية.
مواصلة التحشيد العسكري في كل الجبهات ليس لغرض تعزيز الوضع التفاوضي بل لإسقاط الساحل الغربي وفي مقدمة ذلك مضيق باب المندب ومدينة الحديدة، بعد الفشل الذريع في تحقيق أي تقدم في الجبهة الشرقية.
استمرار الدور السعودي الإماراتي المدعوم بريطانياً وأمريكياً لتهيئة المحافظات الجنوبية والشرقية للانفصال، يتبين ذلك من خلال ما يعتمل في المحافظات الجنوبية من بناء وحدات عسكرية وأمنية وتهيئة فرع البنك المركزي في عدن للقيام بوظائف ومهام بنك مركزي رئيسي، لذا سيستمر العدوان الخارجي والحرب في المحافظات الشمالية حتى تتحقق أهداف الاحتلال في الجنوب.
مراهنة النظام السعودي على عدم حدوث تغيير في الموقف الأمريكي من السعودية في ظل حكومة الجمهوريين برئاسة دونالد ترامب، والتي لن تكون أفضل حالاً من الإدارة الديمقراطية فيما يخص الموقف من العدوان والحرب على اليمن.
لكن ما أكد عليه المشاركون في المنتدى هو الإسراع في تشكيل الحكومة وبذل الجهود لتحقيق مصالحة داخلية وتفعيل التحرك الخارجي في بعديه السياسي والاقتصادي، وإعادة تشكيل الوفد الوطني ليمثل الموقف الرسمي للدولة والسلطة اليمنية الرسمية، وعمل ميثاق شرف إعلامي بين شركاء العمل السياسي يوحّد الجبهة الداخلية ويعزز موقف المفاوض اليمني.
انتهى