بالنظر إلى موجبات قيام ثورة 21 سبتمبر، الثورة التي جاءت لتظهر مجدداً القيم العربية والإنسانية الأصيلة للشعب اليمني وتعيد ربطه بهويته وثقافته وقيمه، وتزيل كل العوائق أمام تقدمه ونهوضه واستقلاله؛ وإلى ما واجه هذه الثورة من مؤامرات واستهداف غير مسبوقين من قبل معظم دول الجوار والقوى الكبرى، ومن عملائهم "اليمنيون" في الداخل؛ وبالنظر كذلك إلى الدور "المتناقض" الذي مارسته معظم المنظمات الدولية إزاء مسؤولياتها القانونية والأخلاقية "المفترضة" في تعاملها مع أسباب ذلك العدوان وتداعياته، بصورة أظهرت بجلاء مدى ارتهان تلك المنظمات للرغبات غير المشروعة لدول العدوان، وتحولها إلى مجرد أداة في يد تلك الدول لتبرير عدوانها؛ بالمخالفة لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والإنسانية؛ بالنظر إلى ذلك كله، تتجدد الحاجة لإطلاق التساؤل الآتي: أي واقع دولي مشوه للعدالة والقيم الإنسانية أصبحت تعيشه اليوم شعوب العالم المنافحة عن حقوقها وكرامتها واستقلال قرارها في مواجهة قوى ودول تمكنت من أسباب القوة المادية العسكرية، لا لأجل شيء سوى أن تظل تمارس الوصاية على تلك الشعوب وتستمر في إذلالها وسلبها حقوقها وكرامتها الوطنية؟!
في مدارات مضمون التساؤل سالف الذكر ستجري أجزاء هذه الدراسة في محاولة لبيان مدخلات ذلك الواقع الدولي المشوه، وتداعياته التي أفرزت مواقف غير عادلة تجاه ثورة 21 سبتمبر، وتجاه ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان غاشم طال دماء اليمنيين وأرواحهم ومكتسباتهم التنموية والثقافية، بل وشواهد تاريخهم الحضاري العريق. إذ ستحاول هذه الدراسة تقديم قراءة تحليلية لمسار المواجهة المستترة؛ ومن ثم الظاهرة (منذ 2011م وحتى الحرب العدوانية) ما بين إرادة الشعب اليمني في التغيير والثورة على أوضاعه البائسة وبين إرادة القوى الدولية والإقليمية المناهضة. تلك القوى التي لم تحِدْ في مواقفها مطلقاً عما تتبناه على الدوام من استهداف مباشر وغير مباشر لأي رغبة يمنية في استنهاض مقومات السيادة الوطنية الكاملة إزاء تحديد اختيارات الشعب اليمني وقراراته المصيرية للنهوض والتقدم نحو المستقبل. وتلك القراءة التحليلية بالطبع ستؤطر (من وجهة نظر نقدية) بما رافق مسار المواجهة ذاك من مدخلات قانونية كقرار مجلس الأمن رقم (2014) لعام 2011م، والمبادرة الخليجية، ولقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة وخصوصاً القرار رقم (2216)، وصولاً إلى مناقشة الدراسة ضمن هذه الرؤية التحليلية لمسوغات العدوان المعلنة في ضوء نصوص القانون الدولي.
ومن ثمّ ستحاول الدراسة رصد بعض النماذج لما ارتكبته قوى العدوان من جرائم وانتهاكات إزاء حقوق الإنسان في اليمن، وفقاً لما نصت عليه المواثيق القانونية الدولية والإنسانية كافة، مروراً بجنيف ولاهاي وميثاق الأمم المتحدة، وتوزيع تلك الانتهاكات وتصنيفها في ضوء نص المادة الخامسة من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية. كما ستشير الدراسة إلى بعض المظاهر الموضوعية الدالة على التناقض السائد في منظومة العدالة الدولية، ما بين مضمون القوانين والمواثيق وبين السلوك الفعلي لتلك المنظومة، وكذلك التناقض السائد في المبادئ والقيم المعلنة للمجتمع الدولي، والتوظيف السيء لتلك القيم في ضوء معطيات الممارسات التي نشأت عن العدوان. وتختم الدراسة بإشارة سريعة لأسباب صمود الشعب اليمني.
بعد نجاح الثورة الشبابية السلمية (المخملية) في تونس وما رافقها من اهتمام إعلامي عالمي ودعم من الدول الغربية والمنظمات الدولية والإقليمية والحقوقية؛ استلهم الشعب اليمني توقيت تلك الفرصة وبادر إلى النزول السلمي إلى الشوارع في كل الساحات وميادين الثورة لممارسة حقه الديمقراطي والدستوري في التظاهر ضد النظام القائم آنذاك. كان صبر الشعب اليمني قد نفذ في حينه جرّاء الحالة غير المستقرة التي كانت تعيشها البلاد، في ظل مظاهر الفساد المتغول في كل ما يمس حياة المواطن ومعيشته على المستويات السياسية والإدارية والمالية، ومن بروز مظاهر الاتساع المستمر لمظاهر غياب العدالة والمساواة والشراكة في توزيع الثروة والسلطة، وتفاقم مظاهر التفاوت الطبقي في المجتمع والانحسار شبه الكامل للطبقة الوسطى التي تعد ديمومة وجودها بمثابة الرافعة العملية لتقدم أي مجتمع واستقراره.
وقد تعرضت الثورة منذ بداياتها لامتحانات صعبه. وواجهت الثورة من خصومها مالم يكن في حسبان ومخيلة الثوار؛ إذ حاول أحد أجنحة السلطة بقيادة علي محسن الأحمر (الشريك الأساسي لعلي عبد الله صالح في الحكم) أن يركب موجة الثورة ويحرفها عن مسارها. ثم تصاعدت الهجمة على الثورة وبلغت ذروتها في الجريمة الشهيرة المعروفة بجريمة جمعة الكرامة التي تعرض فيها الشباب لإطلاق نار مباشر وعشوائي من رجال السلطة، حيث سقط عشرات القتلى ومئات الجرحى. وقد توالت الاعتداءات بذات الحدة كما هو الحال في جولة كنتاكي وملعب الثورة، ناهيك عن ممارسة الاغتيالات والاعتقالات، وقد أثبت الشباب صمودهم ولم تزدهم تلك الممارسات إلا قوة وعزيمة وإيماناً بثورتهم.
ومن المهم الإشارة إلى أنه وبقدر إيمان الشعب بعدالة قضيته، إلا أنه وبفعل الثقافة الليبرالية كان جزءاً من الشباب مخدوعاً بالمنظمات الدولية والإقليمية، ومعولاً على مساندة تأتيهم عبر هذه المنظمات ودعاة مناصرة قضايا الشعوب؟! من منطلق تبنيهم الدفاع عن المبادئ والقيم الديمقراطية واحترام الحقوق والحريات؟! ولكن المفاجأة كانت صادمة، فالكل التزم الصمت مولين وجوههم نحو الرياض ونيويورك، وتولى الإعلام التغطية على الأصوات الخجولة لبعض المنظمات الحقوقية والإنسانية وبعض الوقفات الاحتجاجية في عدد من الدول الأوروبية.
وبعد مرور عام من الانتظار وقبل أن يأتي موعد انعقاد مجلس الأمن، بدأ الحديث عبر التصريحات بتوصيف الثورة بأنها مجرد أزمة سياسية بين طرفين سياسيين (قيادة المؤتمر وقيادة المشترك). وبدأ الكلام عن جهود إقليمية لإجراء المصالحة بينهما، ومن هنا جاء الحديث عن مبادرة خليجية لحل تلك "الأزمة". وتلى ذلك إرهاصات بزوغ نجم عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي للانتقال باليمن إلى الحكم الرشيد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية المنشودة. وصاحب هذا الحديث الكلام عن حاجة اليمن للأقلمة وهيكلة الجيش كخيارين لابد منهما لحلحلة الأزمة وتلبية طموح وآمال الشعب اليمني. وصاحب ذلك أيضاً حملة إعلامية صاخبة قادتها قناتا الجزيرة والعربية تمهيداً وتبشيراً بالحلول السحرية للأزمة اليمنية، بما فيها تلميع علي محسن الأحمر كقائد عسكري(ثوري) تطلبه المرحلة وكجزء أصيل في تلك الحلول السحرية!
واستكمالاً لذلك السيناريو "التآمري" على الثورة أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم (2014) لسنة 2011م محتوياً "ضمنياً" إعلان المجلس رفع يده عن تحمل مسؤولياته تجاه ثورة الشعب اليمني، وتسليمه "الملف اليمني" لأطراف دولية بعينها لم يُعرف عنها دولياً سوى معاداتها لثورات الشعوب، وسجلاتها السوداء في مجال الانتهاكات لحقوق الإنسان. وقد تضمن قرار مجلس الأمن سالف الذكر عدداً من البنود كان من أبرزها:
وبالعودة إلى المبادرة الخليجية، كان من الواضح تماماً أنها لم تكن سوى تعبير مباشر عن تداعيات ما اعتبرته الأطراف الخليجية والدولية مجرد صراع سياسي بين طرفي الحكم، ووصفة سياسية لم تهتم مركزياً سوى بإيجاد صيغة يقبلها الطرفان المتصارعان لاقتسام السلطة، ولم تكن المبادرة معنية في مضمونها بتحقيق أهداف الثورة التي خرج من أجلها اليمنيون في 2011م. وقد حملت تلك المبادرة بالفعل بذور فنائها في أحشائها، ولم تكن على أحسن الظنون سوى وصفة جاهزة لحرب أهلية يمنية!
لقد أسست المبادرة في واقع الحال لكل السوءات السياسية والقانونية التي أفرزت فيما بعد صراعاً سياسياً حاداً بين أطراف العملية السياسية كافة، ومثلت تعدياً صارخاً على قيم العدالة والديمقراطية. وذلك بدءاً بتجذير المبادرة لمظاهر الوصاية السعودية على الشأن اليمني، والتي تجدد تأكيدها باحتضان القصر الملكي السعودي لمراسم التوقيع عليها، ومروراً بما أورثته للشعب اليمني من رئيس ذي شخصية سياسية ضعيفة وتابعة ممثلاً في عبد ربه منصور هادي الذي وصل سدة الرئاسة من خلال انتخابات كان فيها المرشح الوحيد، بحسب ابتكارات المبادرة ذاتها المخالفة لأبسط مقتضيات الديمقراطية وشروطها الجوهرية! ووصولاً إلى افتئات تلك المبادرة على الدستور اليمني النافذ؛ من خلال منح بعض بنودها مرتبة إلزامية واجبة النفاذ بغض النظر عن أي مواد دستورية قد تتعارض معها، جاعلة من حكام الرياض مصدراً لشرعية تعلو على الشرعية الدستورية وتتجاهل شرعية الثورة. وكذا تمييعها (أي المبادرة) لقضايا المصالحة الوطنية وقانون العدالة الانتقالية، وإقرارها في المجمل لحالة المحاصصة السياسية لبعض أطراف العملية السياسية، وإقصائها لأطراف أخرى فاعلة ومحاولة تقزيم دورها في تلك العملية.
ولعل من أخطر ما تضمنته بنود المبادرة من سوءات سياسية وقانونية "غير عفوية"، ما يتعلق بتركيز سلطات وصلاحيات استثنائية للرئيس المتوقع انتخابه (وهو لم يكن سلفاً سوى هادي نفسه). فالمادة (6) من المبادرة - على سبيل المثال - أعطت عبدربه منصور سلطة تشكيل لجنة دستورية لإعداد دستور جديد. وأعطته المادة (25) بصفته نائباً للرئيس (أي قبل انتخابه رئيساً) صلاحية إنشاء "لجنة للتفسير لتكون مرجعية للطرفين لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية والآلية". وعموماً، وبالرغم من تلك المحاذير، فإن هادي قد عطل عن عمد إنشاء تلك اللجنة لقطع الطريق أمام أي احتمال لإمكانية مواجهة أي من المشاكل السياسية التي نشأت فيما بين الأطراف السياسية لاحقاً.
وعلى نفس المنوال فيما تقدم يلاحظ أن المادة (12) من آلية تنفيذ المبادرة قد نصت على أن "قرارات حكومة الوفاق يجب أن تكون توافقية، وفي حالة تعذر التوافق بينهما يكون القرار النهائي بيد النائب أو الرئيس بعد الانتخابات المبكرة". ووفقاً لهذه المادة أصبحت جميع صلاحيات الحكومة من حيث الواقع متركزة بيد رئيس الجمهورية؛ لاستحالة حصول التوافق كون عبدربه منصور يسيطر على عدد من أعضاء الحكومة المحسوبين على (المؤتمر الشعبي العام). ذلك بالإضافة إلى أن المادة (13) من الآلية لم تعطِ للحكومة أية صلاحيات فعلية، بالإضافة إلى أن المادة (16) من الآلية ركزت جميع السلطات والمهام التنفيذية والإشرافية لوزارة الدفاع والداخلية بيد نائب الرئيس، وأعطته المادة (17) من الآلية السلطة الكاملة في إعادة هيكلة القوات المسلحة. ولا ننسَ أن الفقرة (5) من المادة (14) من الآلية أعطته كامل الصلاحية في إدارة العلاقات الخارجية وتعيين السفراء.
وبالتمعن اجمالاً في تداعيات استخدام هادي فيما بعد لتلك الصلاحيات والسلطات الاستثنائية وفقاً لبنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية؛ يمكن الجزم بأن نتائج ذلك الاستخدام ظلت على الدوام مجرد خطوات محركة لاندلاع حرب أهلية في اليمن، وهي الحرب التي اندلعت فعلاً! لكنها لم تكن حرباً أهلية كما خُطِط لها، وذلك في ظل حرص قوى التحرر الثورية على الشراكة والحوار مع فرقاء السياسة حتى آخر لحظة؛ فكانت حرباً مباشرة شنتها قوى العدوان من الخارج.
كما أشرنا سلفاً، لم تكن المبادرة الخليجية ولا قرارات مجلس الأمن ذات الصلة سوى مشروع حرب أهلية في اليمن منذ البداية، بكل ما احتوته تلك الوثائق من تناقضات مع واقع ما يريده الشعب اليمني وما يتطلع إليه، وبكل ما تضمنته ممارسات هادي فيما بعد وأركان تحالفه السياسي من استهداف ممنهج لأسس التوافق الوطني، بل ولكل المبادئ التي تبنتها ثورة الشباب 2011م التي أوصلتهم لكراسي السلطة على نهر من تضحيات الثوار.
وقد تجلت سوءات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أثناء الفترة الانتقالية، من خلال ما عكسته ممارسات هادي السياسية والاقتصادية والإدارية من خطورةٍ على كيان الدولة، وتهديدٍ لأسس أمن واستقرار المجتمع اليمني وللسلم الأهلي بصفة عامة. والأمر في ذات الصدد لم يقف عند حد تجلي تأثيرات ما أشرنا إليه سلفاً من بنود سلبية في المبادرة وآليتها؛ بل امتد ليشمل التعطيل المتعمد لبعض بنود المبادرة وآليتها التي وضعت على ما يبدو افتراضاً لتحقيق بعض أهداف ثورة الشباب. ناهيك عن الانقلاب الكامل من قبل هادي وحلفائه على مشروع التوافق الوطني، والاصرار على نظام المحاصصة السياسية في ظل اقصائهم لقوى سياسية فاعلة كانت شريكاً أساسياً في ثورة الشباب 2011م، وظلت متمسكة بتحقيق أهداف تلك الثورة حتى آخر لحظة.
سوءات المبادرة وآليتها التنفيذية، ومن ورائها ممارسات هادي وحلفائه أثناء تنفيذها خلال المرحلة الانتقالية، كل ذلك كان بمثابة صناعة ممنهجة لأزمة سياسية داخلية معقدة خُطِّط لها أن تقود إلى حرب أهلية لا تبقي في اليمن شيئاً ولا تذر. والشواهد على ذلك الأمر في واقع الحال كثيرة. ويمكن استعراض بعض تلك الشواهد وتأثيراتها السلبية في النقاط التالية:
عند تلك المرحلة كان الشعب اليمني قد وصل إلى قناعة تامة، أن الثورات لا يمكن أن تحققها الشعوب إلا بالتضحيات، وأنه بدون هذه الطريقة سيظل الشعب يعيش حياة الذل والهوان مسلوب الإرادة والكرامة والحرية، أو يموت بالتقسيط على طريقة مجزرة جمعة الكرامة ومجزرة مدينة الثورة ومجزرة جولة كنتاكي والقاع، ومجزرة مستشفى العرضي، وضحايا الإرهاب في الطرقات وشوارع العاصمة من المواطنين البسطاء؛ والمفكرين وحملة الرأي الوطني الحر؛ والجنود والضباط، وغيرهم من أبناء الوطن الأبرياء الشرفاء.
وأيقن الشعب حينها أن انتظاره لعدالة قد تأتي عبر الأطلنطي أو الرياض هو مجرد حلم مستحيل أن يتحقق، وأن التأخير في إنجاز ثورته معناه منح القاعدة فرصة للتغول والتمدد في أرجاء اليمن بمساعدة السعودية والمجتمع الدولي عبر أدواتها في الداخل. فكان حينها تاريخ 21سبتمبر2015م هو موعد اندلاع الثورة وانتصارها بالرغم من كل المؤامرات والمخططات الموضوعة لإفشالها، وبالرغم من الغياب التام لما كان يعول عليه من دعم معنوي من المنظمات الحقوقية، ومن كان يدعي مناصرته لقضايا الشعوب العادلة من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، ومن المفكرين والمؤسسات الإعلامية التي كانت تنعت نفسها بالأصوات الحرة.
ومع أن ثورة 21 سبتمبر قد أثمرت في أيام قلائل على اندلاعها وانتصارها عودة حثيثة لتوحيد شتات الصف الوطني تحت عنوان وحيد هو "الشراكة الوطنية الحقيقية والفاعلة" في سبيل وضع آلية تنفيذية لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني تشترك فيها جميع المكونات السياسية في اليمن. وقد ترجمت تلك الثمرة الوطنية التي طال انتظارها من خلال توقيع القوى السياسية في 27سبتمبر2014م على اتفاق السلم والشراكة ([1]). وهو الاتفاق الذي توقع له الكثيرون أن يشكل نهاية لمخططات الاحتراب الأهلي، ونقطة بداية حقيقية لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وتحقيق سلام حقيقي ودائم وشامل يمكن في ظله الانطلاق في مشروع بناء الدولة في اليمن. إلا أن ذلك الأمر لم يرق لمن ظلوا يضعون الخطط لتسميم أجواء العملية السياسية في اليمن، ويأملون في الوصول باليمنيين إلى طريق مسدود يعودون دونه ليشعلوا حرباً أهلية تأكل الأخضر واليابس. وقد أثبتت قوى العدوان تلك النوايا المبيتة، عندما انقضَّت على نافذة الأمل الواسعة التي فتحها حوار موفمبيك للشعب اليمني بالتوصل إلى انجاز ملامح تسوية سياسية تشاركية بين القوى السياسية. عندها دشنت قوى العدوان هجومها العسكري على اليمن.
أولاً: حجة الدفاع الشرعي
كان من ضمن مبررات تحالف العدوان الاستناد إلى (51) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على أنه: "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس من الحق أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من أعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابهما".
والملاحظ أن النص وإن كان يفرض الحق في الدفاع الشرعي الجماعي مما يسوغ التدخل العسكري، غير أن إعمال هذا النص - كما يذهب الشراح وكما هو واضح من عبارة النص الصريحة - يتطلب توافر شرط أساسي لممارسة حق الدفاع الشرعي وهو أن يحصل فعلاً اعتداءٌ من قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وهذا مالم يتحقق في حالتنا، فاليمن لم تباشر أي اعتداء على إحدى الدول المشاركة في العدوان حتى تسوغ لنفسها العدوان على اليمن بدعوى ممارسة حق الدفاع الشرعي.
والقول إن المادة (51) من الميثاق لا تقصر الحق في الدفاع الشرعي على الحالة التي يكون فيها التعدي المسلح قد حصل فعلاً، بل يكفي أن يحصل الشك في حصول العدوان المسلح لكي يخول الحق في الدفاع الشرعي، ويستند العدوان إلى المناورات العسكرية التي أقامها الجيش اليمني في محافظة صعدة، معتبرين ذلك عملاً استفزازياً تتوافر معه حالة الشك في حصول عدوان مسلح على أراضي المملكة العربية السعودية ([2])هو إسناد باطل نظراً للآتي:
الشرعية المزعومة لعبدربه منصور انتهت بانتهاء المدة الزمنية لرئاسته وفقا للمبادرة الخليجية التي حددتها بعامين والتمديد له بعدها لا يستند لأي شرعية دستورية غير الشرعية التوافقية الحاكمة للمرحلة الانتقالية منذ 2011م وقد انتفت عنه الصفة التوافقية بعد أن أعلن نفسه وحكومته خصما لأكبر وأكثر القوى السياسية اليمنية نفوذاً، وخصماً لليمن باستدعائه عدوان دولة أجنبية على اليمن وهذه وحدها تكفى لنزع أي شرعية عنه وتعرضه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى التي يعاقب عليها القانون اليمني بالإعدام، ويعتبر طلبه باطلاً بحكم الدستور والقانون الذي يشترط أن يكون طلب المساعدة لدفع العدوان عن اليمن لا لجلب العدوان عليه، وأن يمر بالمؤسسات الدستورية من خلال مجلسي النواب والشوري وأن يكون التقدم بالطلب للأمم المتحدة لا لدولة أجنبية.
وغير هذا هادي قدم استقالته بكامل إرادته ثم بعدها إلغاء شرعيته بالإعلان الدستوري الذي يستند إلى الشرعية الثورية.
لقد مثل قرار مجلس الأمن (2216) عنواناً واضحاً لغياب العدالة الدولية في التعامل مع ما تواجهه اليمن من عدوان غاشم، واستهداف ممنهج لأرواح اليمنيين دونما أي تمييز، وتدمير شامل للبنى التحتية والمرافق والخدمات العامة، والمعالم الدينية والثقافية والحضارية. فذلك القرار الذي جاء لاحقاً لبدء شن العدوان، لم يكن سوى محاولة لا أخلاقية لتوفير غطاء أممي لذلك العدوان. وقد تضمن ذلك القرار العديد من المؤشرات التي تؤكد تواطؤ الأمم المتحدة مع قوى العدوان، واستمراراً لمسلسل خضوعها لرغبات تلك القوى في إجهاض ثورة الشعب اليمني المستمرة منذ 2011م. ولعل من أبرز تلك المؤشرات الأمران التاليان الذي يتضمن أولهما بعداً موضوعياً بالغ الدلالة، فيما يتضمن الآخر بعداً قانونياً وموضوعياً عميق المعنى والدلالة:
أولاً: قصف الأهداف ذات الاستعمال المزدوج دون سابق إنذار، ومخازن التموين العسكري وخطوط الإمداد ووسائل النقل المختلفة. وقد كان القصف لتلك الأهداف دون مراعاة لكل الاعتبارات الإنسانية وتجنب إصابة المدنيين، فقد كان أغلب تلك الأهداف ذات الطبيعة المزدوجة متواجدة في أحياء وتجمعات سكانية كبيرة؛ مما سبب دماراً هائلاً للمنازل وقتل المئات من المدنيين، بالإضافة إلى القصف العشوائي للأحياء والقرى والمنازل بدعوى أنها تمثل أهدافاً عسكرية.
ثانياً: تم استخدام أحدث أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وأكثرها فتكاً مثل القنابل العنقودية والفوسفورية، وتم زرع مئات الآلاف من الألغام الأرضية المستهدفة للأفراد، كما أحدثت الأسلحة المحرمة كثيراً من التشوهات في الأراضي.
وكأمثلة على استخدام قوى العدوان لتلك الأسلحة المحرمة دولياً نعرض بعض الحالات فيما يلي([4]):
ثالثاً: تدمير البنية التحتية لليمن إمعاناً من السعودية في غيها، وتنفيذاً لغايات قديمة راسخة في معتقداتها بوجوب الإبقاء على اليمن فقيراً متخلفاً. فقد هاجمت أهدافاً اقتصادية ومدنية يمنية في تدمير متعمد لا علاقة له بالأهداف العسكرية ([5]) ومن ذلك:
رابعاً: القتل المتعمد للمدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، وذلك من خلال استهداف أماكن سكنى المدنيين وتجمعاتهم، والطرقات العامة ووسائل النقل. فقد نفذت قوى العدوان آلاف الهجمات الجوية ضد أهداف مدنية في جميع أنحاء الجمهورية وبصورة همجية وعشوائية، وذلك بدءاً من مخيمات النازحين في المزرق، ومنازل موظفي محطة الكهرباء بمدينة المخا، وقوارب الصيادين في عرض البحر، وتجمعات الأعراس في المخا وسنبان، ودار المكفوفين في صنعاء، وخيام البدو في الصحراء، والتجمعات السكنية للفئات الأكثر فقراً في صنعاء (سعوان) وتعز وغيرها من محافظات الجمهورية، وكذا عشرات الأسواق الشعبية المكتظة بالمتسوقين في محافظات حجة والحديدة وصعدة وصنعاء وإب وتعز، كما تم تدمير آلاف المنازل فوق رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ، واستهدفت كذلك الملاعب الرياضية في إب وصنعاء وصعدة وحجة([10]).
خامساً:
سادساً: قصف الجسور والعبارات الرابطة بين الطرقات العامة بهدف تعطيل حركة النزوح والنقل بين المدن اليمنية وتعطيل وصول الإمدادات التموينية إلى السكان.
سابعاً: قصف الجنود عند تجمعهم لاستلام المرتبات كما هو الحال في الأمن المركزي والقيادة العامة للقوات المسلحة وغيرها، بالإضافة إلى قصف الأهداف ذات الاستخدام المزدوج دون سابق إنذار.
ثامناً: الحصار غير المشروع المفروض على اليمن من قبل قوى العدوان بحراً وجواً وبراً لمنع دخول البضائع وجميع الواردات وخصوصاً المشتقات النفطية والمواد الغذائية الأساسية والدوائية، وكذا فرض القيود المشددة والمجحفة على حرية حركة المواطنين اليمنيين من وإلى الجمهورية اليمنية عبر التحكم في حركة وعدد كل وسائل النقل العابرة للحدود براً وبحراً، بالإضافة للتحكم المطلق في المجال الجوي اليمني. ناهيك عن إخضاع المسافرين اليمنيين جواً للتوقف الاجباري في المطارات السعودية ووضعهم رهن إجراءات تفتيش تمس حرياتهم وحقوقهم الشخصية والإنسانية. ويضاف إلى ذلك ما تتخذه قوى العدوان من إجراءات غير مشروعة إزاء حرية وصول البضائع إلى الموانئ اليمنية؛ حيث تعمل على ترهيب السفن التجارية وتعطيلها لأشهر في عرض البحر أمام الموانئ اليمنية ومنعها من تفريغ حمولاتها، ناهيك عن ممارستها إجراءات تفتيش غير منطقية وعبثية بحق تلك السفن، وإجبارها على دفع الإتاوات والرسوم المجحفة؛ مما يؤدي إلى رفع أسعار السلع إلى مستوى يفوق قدرة المواطن اليمني ويزيد من معاناته([15]).
تاسعاً: قصف محطات ومنشآت الاتصالات المدنية في أغلب المحافظات وخصوصاً محافظة صعدة.
عاشراً: تأسيس مراكز احتجاز غير معلنة، وحجب المعلومات حول أسرى الحرب على الصليب الأحمر، وإخفاء ما يزيد عن أربعة آلاف أسير. وتسليم مصير كثير من الأسرى في المناطق التي تحتلها قوى العدوان إلى تنظيمي القاعدة وداعش لمواجهة مصير الإعدام بوسائل بالغة الوحشية. ناهيك عن ممارسة عمليات "البيع والشراء" للأسرى ما بين تلك القوى وبين تلك التنظيمات الإرهابية([16]).
في ضوء ذلك التناقض البيِّن في مفهوم العدالة الدولية بين منطوق الوثائق وبين واقع التطبيق، يبدو أن وهم ذلك المفهوم ليس سوى بضاعة الضعفاء والمغلوبين على أمرهم! أما واقع العلاقات الدولية فلا يحتمل سوى حقيقة واحدة. حقيقة أن التنظيم الدولي المعاصر مازال محكوماً بمنطق القوة وليس بقوة القانون. أليس صحيحاً أن الأمم المتحدة وسواها من المنظمات الدولية قامت بدايةً بإرادة الأقوياء؟ لذا حفظت لهم في ميثاقها الحق في التمرد على مضمونها العالمي الجمعي العادل، والحق في استئثارهم "حصراً" بسلطة التعطيل للإرادة الدولية الجمعية، وصولاً إلى حد الحق في التفرد بقرارات الحرب والسلام دون باقي دول العالم وبعيداً عن إراداتهم ومصالحهم!!
فواقع التنظيم الدولي يغاير ما أعلنه ميثاق الأمم المتحدة، فقد برز إلى السطح استعمار من نوع جديد يصادر مبدأ المساواة في السيادة المزعومة، وهو التحكم الذي تمارسه الدول الكبرى بوسائلها الخاصة المباشرة وغير المباشرة من سياسية واقتصادية وعسكرية على تلك المجموعات من الدول التي يساعد تخلفها الاقتصادي وعدم استقرارها السياسي ووضعها العسكري الضعيف على تحقيق النتائج المرجوة من وراء هذا التحكم الاستعماري.
لقد أعلنها هنري كيسنجر (وزير خارجية أمريكا الأسبق) بصراحةٍ قائلاً: "ينبغي على كل دولة تسير في طريق التنمية أن تعرف أن علاقاتها الثنائية معنا ستتوقف على سلوكها نحونا في المنظمات الدولية، وبخاصة تصرفها على المسائل التي نعلق نحن عليها أهمية خاصة"([17]).
وقد أصبح من المتعارف عليه في الأوساط السياسية الدولية أن ديمقراطية الغرب تحتم عليه اختلاق التهم ثم إلباسها لباس القانون الدولي والأمثلة كثيرة، نذكر منها قضية لوكربي وما صدر بشأنها من قرارات دولية: القرار رقم (731)، والقرار رقم (748). فهذان القراران أطاحا بالعديد من المبادئ الرئيسية لحقوق الإنسان؛ لأنهما أخذا بُعداً عقابياً على أسس سياسية سخّرت لأجله آليات التنظيم الدولي وبطريقة هزلية غير مسبوقة، - وبحسب قانونيين - فهذان القراران يمثلان شكلاً من الأعمال الانتقامية المحظورة في ميثاق الأمم المتحدة([18]).
يبدو أن النظام القانوني للنزاعات الدولية والقواعد القانونية الناظمة للحرب منذ لاهاي وحتى جنيف، مروراً بكل القواعد التي أرساها التنظيم الدولي المعاصر للحفاظ على حقوق الإنسان، وأن كل التنظيمات الدولية والإقليمية الحقوقية والإنسانية التي وجدت لمناصرة المظلومين في الأرض والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم الأساسية، كل تلك القواعد والتضحيات وجهود الفقه في دراستها وتفسيرها لسنين طويلة وتدريسها كإنجازات تاريخية وثوابت قانونية للإنسانية؛ يبدو أنها قد ذهبت أدراج الرياح.
([1]) وكانت أهم بنود اتفاق السلم والشراكة على النحو التالي:
أولاً:
ثانياً: تضمن الاتفاق خارطة طريق مزمنة لعملية تحقيق تلك الأهداف والتنفيذ لمخرجات مؤتمر الحوار:
ثالثاً:
رابعاً: يمارس رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية لضمان تمثيل عادل لجميع المكونات في الهيئات التنفيذية على المستويين المحلي والمركزي والهيئات الإشرافية.
خامساً: على الحكومة مراعاة مبدأ الشراكة الوطنية ومصالح اليمن العليا في السياسات المحلية والخارجية.
سادساً: مشاركة جميع المكونات للمجتمع للسجل الانتخابي.
سابعاً: يعمل رئيس الجمهورية مع جميع المكونات من أجل تحقيق توافق على دستور جديد عبر لجنة صياغة الدستور.
ثامناً: مراجعة عضوية اللجنة الوطنية لضمان تمثيل عادل للمكونات.
تاسعاً: تشكل الحكومة لجنة لإعداد مصفوفة تنفيذية لتنفيذ مخرجات فريق عمل قضية صعدة في مؤتمر الحوار وكذلك تشكيل لجنة لإعداد مصفوفة تنفيذية عاجلة لتنفيذ مخرجات فريق عمل القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار.
عاشراً: تنفيذ مخرجات فريق عمل الجيش والأمن في مؤتمر الحوار بشكل صارم ضمن فترة زمنية متفق عليها بمراقبة ومتابعة من الهيئة الوطنية.
حادي عشر: إزالة جميع مخيمات الشباب بعد إعلان رئيس الحكومة الجديد.
ثاني عشر: وقف التصعيد السياسي والجماهيري والإعلامي ورفع مظاهر القوة والتهديد وإيقاف دعوات التحريض المذهبي والطائفي والمناطقي.
ثالث عشر: تعالج الحالة العسكرية والأمنية والقضايا المتعلقة بعمران والجوف ومأرب وصنعاء وأي محافظة أخرى بملحق لهذا الاتفاق.
رابع عشر: اعتماد الحوار كوسيلة لحل أي خلاف ينشأ بخصوص هذا الاتفاق بأن تتم عملية التفاوض عبر لجنة مشتركة بدعم من الأمم المتحدة على أن يعتمد مخرجات مؤتمر الحوار مرجعية لحل الخلاف.
خامس عشر: يطالب الأطراف من مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومبعوثه الخاص لليمن بأهمية مواصلة دعم الأمم المتحدة في تنفيذ بنود هذا الاتفاق ومواصلة مراقبة أي انتهاكات.
([2]) أشار إليه قرار مجلس الأمن رقم (2216) بصورة غير مباشرة بقوله: "وقف الأعمال الاستفزازية".
(2) لقد استخدمت أمريكا هذه الحجة في اعتدائها على ليبيا والعراق وأفغانستان إلخ...
([4]) انظر المواد (8 / 2/ أ / 17، 18، 19، 20) من النظام الأساسي، اتفاقية جنيف، 17حزيران يونيو1925م، "موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني: النصوص الرسمية للاتفاقيات والدول المصدقة والموقعة"، إعداد شريف عتلم ومحمد عبد الواحد ماهر، الصليب الأحمر الدولي، ص46.
([5]) تمثل انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف، 12 آب/أغسطس 1949م، والمنصوص عليها في المادة (8/2/أ/4 و13) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات.
[6])) نظر نشرة المركز القانوني للحقوق والتنمية؛ متوفر على الرابط:
http://testing.lcrdye.org/lcrd/Default
([8]) تنطبق عليها جريمة من الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة (7/1) من النظام الأساسي للمحكمة، وكذلك تعتبر من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لاتفاقية جنيف والمنصوص عليها في المادة (8/4) من النظام والتي تنص على تجرم: "إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات دون أن = تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة". والفقرة (2/ب) التي تنص على تجرم: "تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية التي لا تشكل أهدافاً عسكرية".
([9]) انظر المركز القانوني للحقوق التنمية، مصدر سابق.
([10]) تتوافر كافة شروط جرائم انتهاك حقوق الإنسان (الإبادة الجماعية) المنصوص عليها في المادة السادسة من النظام الأساسي، كما تتوافر بالنسبة لهذه الجرائم شروط المادة (7/1) من نظام المحكمة التي تعتبر من الجرائم ضد الإنسانية كل الجرائم التي تعني هجوم ضد أية مجموعة من السكان المدنيين نهجاً سلوكياً يتضمن الارتكاب المتكرر للفعال عملاً بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم أو تعزيز لهذه السياسة.
([11]) تنطبق عليها معنى الإبادة الفقرة (1 / ب) من المادة (7) بتعمد فرض أحوال معيشية بقصد إهلاك جزء من السكان ومن بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء.
([12]) المادة (2 / ب / 3) من النظام الأساسي.
([13]) تنطبق على هذه الجريمة حكم الفقرة (1) من المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية القتل العمد وتعمد فرض أحوال معيشية تؤدي إلى الموت البطيء للسكان، وكذلك تنطبق عليها جرائم الحرب المنصوص عليها في المادة (8) الفقرات أ (1، 2، 3) وب (1، 2، 3، 5، 9).
([14]) تنطبق على هذه الجريمة صفة الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة (75/1) من نظام المحكمة الجنائية التي تنص على أنه: "تشمل الإبادة تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء بقصد إهلاك جزء من السكان".
([15]) تعتبر هذه الجريمة من قبيل جرائم الإبادة المنصوص عليها في المادة (7/1) والمادة (25 / ب) من المادة الثامنة المتعلقة بجرائم الحرب التي تنص على أنه: "تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليها في اتفاق جنيف".
([16]) تعتبر هذه الجرائم من ضمن الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة (7 / 1 / هـ ، و، ح، ط، ك والفقرة 2 / ج). كما أنها من الجرائم المتعلقة بالإرهاب.
(([17] د. محمد بجادي، "من أجل نظام اقتصادي دولي جديد"، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1981م، صـ197-199.
(([18] انظر العرض الكامل للقرارين المذكورين وما جرى بخصوصهما في النقاش مع د. جاسم محمد زكريا، "مفهوم العالمية للتنظيم العالمي المعاصر"، رسالة دكتوراه، منشورات الحلبي الحقوقية،2006م، صـ 362-376.