ليست هذه المرة الأولى التي يَصدر فيها قرار من مجلس الأمن بشأن اليمن. فالقرار (2216) الصادر عن المجلس في الرابع عشر من أبريل 2015م تضمّن في ذاته إشارات متعددة إلى عدد من قراراته السابقة المتعلقة بالأزمة السياسية في اليمن منذ العام 2011م([1]). ولعل الأمر الاستثنائي في القرار (2216) ما يتم طرحه في العديد من الأوساط السياسية والإعلامية بخصوص منحه غطاءً قانونياً دولياً "لاحقاً" للتدخل العسكري الذي يمارسه التحالف السعودي ضدّ اليمن بصورة فعلية قبل صدور القرار بثلاثة أسابيع. وذلك الطرح (إن سلمنا بصحته جدلاً) سيعني أنّ أعضاء مجلس الأمن قد انحازوا لجانب تأييد التدخل العسكري الذي تتزعمه السعودية! كما أن القرار (إن صح توجهه ذاك) سيبدو متحولاً بموقف المجلس المعتاد في قراراته السابقة بخصوص الملف اليمني من الرفض لأي تدخل خارجي في الشأن اليمني بصفة عامة إلى موقف مؤيد للتدخل العسكري القائم في الوقت الراهن! وإن صح ذلك التحول، فإن القرار (2216) لم يكن ليحقق في محصلته النهائية هدف إحلال السلام والأمن والاستقرار في اليمن بقدر ما يزيد الأمور تعقيداً!
بصفة مبدئية، تجب الإشارة هنا إلى أن القرار (2216) يُعدّ قراراً متشعباً نوعاً ما في مضمونه الموضوعي، وطويلاً نسبياً في محتواه النصي مقارنة بقرارات مجلس الأمن بصفة عامة. فقد تضمن القرار (24) فقرة تمهيدية تمثّل الديباجة بالإضافة، إلى (25) بنداً تمثل متن القرار. وإذا ما علمنا بأن معظم ما احتواه هذا القرار قد تناولته سلسلة من القرارات السابقة الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص ما يمكن تسميته بــ"المسألة اليمنية"، وأن ديباجة القرار نفسها قد أشارت إلى أهم تلك القرارات؛ فإن تشعب القرار وطوله - لا ريب - يمثّل (من وجهة نظر تحليلية شخصية للباحث) نقطة ضعف في القرار تبين مدى ضبابية أهداف قوى التدخل.
من جانب آخر، يثير الحديث الدائر إعلامياً وسياسياً عن أن القرار (2216) قد شرعن العدوان على اليمن العديد من علامات الاستفهام. فالشرعنة "المفترضة" للتدخل العسكري بعد كل ذلك الوقت من وقوعه (في حال اعتبرنا هذه الشرعنة مجرد إجراء قانوني داعم لعملية عسكرية تحقق أهدافها عملياً على الأرض، بحسب ما ظل يكرر إعلانه التحالف نفسه)؛ لم تكن بحاجه للقرار (2216)، من ناحية قانونية إجرائية، سوى لإشارات مقتضبة لقرارات المجلس السابقة، وبخاصة القرار (2140) 2014م الذي سبق ووضع اليمن تحت طائلة الفصل السابع. ومن ثم تضمين هذا القرار الجديد توضيحاً بخصوص ما يعتبره المجلس مخالفة، أو ربما مخالفات ارتكبها "الحوثيون" للقرار (2140) سالف الذكر. لينتقل القرار الجديد بعد ذلك إلى النص صراحة على شرعنة التدخل القائم من قبل قوى التحالف السعودي الأمريكي، مع ضرورة الإشارة في النصّ ذاته إلى موعد محدد لمراجعة مسألة مدى الالتزام بتنفيذ القرار الجديد، والتهديد كذلك بإجراءات وتدابير إضافية في حال عدم الالتزام! لكن الحاصل أن القرار (2216) لم يلجأ إلى ذلك النهج القانوني الإجرائي الموضوعي والمنطقي المفترض به اتخاذه تماشياً مع افتراض استهدافه شرعنة التدخل العسكري ضد اليمن!
ومن واقع الأمور الاستثنائية سالفة الذكر، وعلامات الاستفهام تلك، وتعقيدات المشهد السياسي والعسكري الميداني في اليمن؛ تنطلق هذه الدراسة في تناول موضوع "مضامين وأبعاد قرار مجلس الأمن (2216)". وذلك عبر محاولة تقديم رؤية تحليلية أولية من "منظور وظيفي" تنتظم بموجبه جزئيات التحليل وفقاً لمبدأ "البحث عن الدور الوظيفي" المرسوم افتراضاً للقرار (2216)، وذلك انطلاقاً من فكرة مركزية مفادها، أننا بحاجة لمحاولة فك رموز العلاقة ما بين ذلك القرار والتدخل العسكري القائم ضد اليمن من قبل قوى التحالف. وذلك عبر محاولة الإجابة عن التساؤل الآتي:
هل احتوى المضمون الموضوعي لقرار مجلس الأمن (2216) (ممثلاً بديباجته وبنوده) أي تفويض أو غطاء قانوني أممي يجيز التدخل العسكري ضد اليمن بصفة عامة، أو يشرعن التدخل العسكري (القائم فعلياً في حينه) ضد اليمن من قبل السعودية وحلفائها؟!
وفقاً لما تقدم، وانطلاقاً من الفكرة المركزية سالفة الذكر، ومن خلال محاولة الإجابة على التساؤل المرتبط بتلك الفكرة؛ ستتضمن هذه الدراسة ثلاثة محاور رئيسية. حيث يقدم المحور الأول عرضاً قانونياً تحليلياً لصلاحيات مجلس الأمن التي أقرّها ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حفظ السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك ما تضمنه الفصل السابع من الميثاق بالخصوص ذاته. فيما يقدم المحور الثاني عرضاً تحليلياً لمضمون نص القرار (2216). على أن ينصرف المحور الثالث لرصد مجموعة من الخلاصات التحليلية الختامية.
المحور الأول: صلاحيات مجلس الأمن ومسؤولياته وحدودهما
سينصرف هذا المحور إلى تقديم قراءة قانونية تحليلية لصلاحيات مجلس الأمن التي أقرّها ميثاق الأمم المتحدة بخصوص مسألة "حفظ السلم والأمن الدوليين"، بما في ذلك ما تضمنه الفصل السابع من الميثاق بالخصوص ذاته ([2]).
أولاً: فلسفة استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة
من المعلوم (بصفة قطعية) لدى أغلب المتخصصين في القانون الدولي العام والعلوم السياسية أن الفصول: (الخامس والسادس والسابع) تعدّ أهم فصول ميثاق الأمم المتحدة. وهي الفصول التي تتحدث عن مجلس الأمن واختصاصاته في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين. ويُنظر عادة إلى الفصل السابع باعتباره الأكثر أهمية من بين تلك الفصول، وذلك كونه ينصرف إلى أكثر المسائل حساسية في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وهما:
1- مسألة إعطاء مجلس الأمن حقّ اتخاذ إجراءات عقابية (قد تصل حد التدخل العسكري) إذا ما قرر المجلس أن هناك ما يهدد السلم والأمن الدوليين.
2- مسألة تأكيد حق الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان. وقد جاء الفصل السابع نفسه تحت عنوان: "فيما يُتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان". حيث يتضمن هذا الفصل ثلاثة عشر مادة (المواد: 39 – 51) تتضمن إشارات متواترة تدور في مجملها حول مفهوم "القسر أو الإجبار"؛ أي قسر الدول أو إجبارها على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الصادرة تحت هذا الفصل. ومن ذلك المفهوم تأتي استثنائية الفصل السابع في إطار ميثاق الأمم المتحدة. ومن ذلك المفهوم -أيضاً-تأتي شهرة الفصل السابع باعتباره المدخل القانوني الأممي الذي يجيز استخدام القوة ضد الدول في إطار العلاقات الدولية.
ولكن، تظل هناك جوانب استثنائية تتعلق بمسألة استخدام القوة تحت مظلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فاستخدام القوة في العلاقات الدولية يعدّ في الأساس "مبدأً استثنائياً" في إطار الشرعة الأممية المنوط بها تنظيم العلاقات بين الدول. إذ من المتفق عليه أن فلسفة ميثاق الأمم المتحدة، وطبيعة دور مجلس الأمن (من منطلق وظيفي) إنما ترتكزان في المقام الأساس على مبدأ: "حفظ السلام والأمن الدوليين بالطرق السلمية"، وهو ما نصّت عليه المادة الأولى (البند أولاً) من الميثاق. كما تؤكد في السياق نفسه المادة الثانية (البند ثالثاً) من الميثاق على ضرورة حل جميع المنازعات بالطرق السلمية من خلال النص على أن: "يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر". ذلك فضلاً عن تأكيد البند (رابعاً) من المادة الثانية من الميثاق على عدم جواز شن أي حرب أو استخدام القوة أو التلويح باستخدامها ضد دولة أخرى، وذلك بالنص على أن: "يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة".
وبالتالي، فإن اللجوء إلى استخدام القوة تحت مظلة الفصل السابع لا يتم (بموجب نص ميثاق الأمم المتحدة وروحه) إلا في أضيق الحدود، وفي الظروف الطارئة، ولمواجهة الحالات الاستثنائية التي تشكّل تهديداً حاسماً للسلم والأمن الدوليين، وعلى أن يكون اللجوء للقوة بصورة آنية ومؤقتة. وذلك ما تؤكد عليه -أيضاً- مواد الفصل السابع، كما سيتضح لنا في نقطة لاحقة عند استعراض طبيعة التكييف القانوني المعياري في إطار نصوص ذلك الفصل لمسألة تدابير حفظ السلم والأمن الدوليين، وكذا استعراضنا لما أشارت إليه نصوص ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حدود الصلاحيات الوظيفية القانونية لمجلس الأمن في المسألة نفسها من الناحيتين الموضوعية والإجرائية.
ثانياً: صلاحيات مجلس الأمن ومسؤولياته
من ناحية مبدئية، اختص ميثاق الأمم المتحدة مجلس الأمن بالمسؤوليات الرئيسية في حفظ السلم والأمن الدوليين؛ إذ نصت المادة (24) من الميثاق على ما يلي:
1-"رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعاً وفعالاً يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات".
2-"يعمل مجلس الأمن في أداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها والسلطات الخاصة المخولة لمجلس الأمن لتمكينه من القيام بهذه الواجبات المبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر".
واقع الحال يشير إجمالاً إلى أن ممارسة مجلس الأمن لصلاحياته في حفظ السلم والأمن الدوليين وحدود تلك الصلاحيات، استناداً إلى نصوص ميثاق الأمم المتحدة، وبصفة خاصة الفصول: (السادس والسابع والثامن والثاني عشر)، قد جاءت إجمالاً في إطار نوعين من الصلاحيات. إحدى تلك الصلاحيات تتعلق بتعامل مجلس الأمن مع ما قد يهدد السلم والأمن الدوليين باعتباره "أداة للتسوية السلمية". أما الصلاحية الأخرى فتتعلق بتعامله مع ما قد يهدد السلم والأمن الدوليين باعتباره "أداة للتدخل العسكري". مع الأخذ بعين الاعتبار أن ممارسة المجلس لفعل التدخل العسكري لا يُعدُّ، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، الخيار الوحيد ضمن صلاحيات المجلس في الصدد ذاته؛ إذ نظَّم الفصل السابع تلك المسألة في إطار أكثر من خطوة "سلمية" يمكن أن يتبعها المجلس لمواجهة التهديد القائم للسلم والأمن الدوليين قبل الوصول إلى خيار التدخل العسكري.
وبالنظر إلى النوع الأول من اختصاصات المجلس في مواجهة أي نزاع دولي يهدد السلم والأمن الدوليين من منطلق البحث عن تسوية، نجد أن أحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة قد أجازت للمجلس التدخل لحلّ الخلافات والمنازعات بين الدول المعنية، سواء تمّ ذلك بطلب من تلك الدول أو ممّن له الحق في ذلك، أو تمّ بمبادرة من المجلس.
ويمارس المجلس هذا النوع من الاختصاصات بوصفه أداة للتسوية السلمية، وذلك من خلال قيامه بالنظر في مواضيع تلك النزاعات للتأكد ممّا إذا كان استمرارها سيشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، الأمر الذي قد يستدعي إنشاء المجلس لجاناً خاصة بذلك ذات صفة تحقيقية أو توفيقية أو غيرها من اللجان. بحيث يكون هدف تلك اللجان إجمالاً العمل على التعجيل بالكشف عن أسباب الخلاف أو النزاع.
وغالباً ما يصدر عن المجلس في شأن تلك النزاعات توصيات إلى الأطراف المعنية بحسب نتائج تحققه منها ودراستها. وقد تتخذ هذه التوصيات إحدى صور ثلاث:
1-التوصية التي تتضمن مجرد دعوة الأطراف المعنية لتسوية ما بينهما من منازعات بالطرق السلمية من غير تحديد لطريقة معينة من طرق حل المنـازعات سلمياً.
2-التوصية التي تتضمن طريقة معينة لحل النزاع. على أن حرية مجلس الأمن في إصدار مثل هذه التوصية يرِد عليها اعتراضين اثنين؛ يتمثل أولهما: بضرورة مراعاة المجلس لما سبق اتخاذه من إجراءات لحل النزاع من قبل الأطراف المعنية، فيما يتمثل الثاني: بضرورة أخذ المجلس بعين الاعتبار مراعاة حق أطراف النزاع عرض المنازعات القانونية فيما بينهما على محكمة العدل الدولية بما يتفق مع النظام الأساسي لهذه المحكمة.
3-التوصية المتضمنة شروطاً معينة لحل النزاع بما يجعل من مجلس الأمن حَكَماً بين أطراف النزاع.
وبصفة عامة، فإن التوصيات الصادرة عن مجلس الأمن والمستندة إلى الفصل السادس من الميثاق لا تتمتع بأية قوة إلزام قانونية إزاء الأطراف المتنازعة إلا في حال اتفاقهم على تفويض مجلس الأمن للقيام بدور محوري فاعل لتسوية النزاع باعتباره حَكَماً فيما بينهما.
وبالنظر إلى النوع الثاني من اختصاصات المجلس في مواجهة أي تهديد للسلم والأمن الدوليين من منطلق التدخل العسكري؛ نجد أن أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد أجازت للمجلس اتخاذ تدابير وإجراءات عقابية لمواجهة ما يراه تهديداً للسلم والأمن الدوليين مستنداً في ذلك على مبدأ "القسر أو الإجبار"؛ لإنفاذ ما يقرره من تدابير وإجراءات بما في ذلك إجراء التدخل العسكري. فقد أعطى الفصل السابع لمجلس الأمن سلطات تتفاوت درجاتها ليتخذ منها المجلس ما يلائم مواجهة كل حالة من حالات تهديد السلم والأمن الدوليين.
وهنا يظهر الفرق بين التدابير المتخذة بموجب الفصل السادس والتدابير المتخذة بموجب الفصل السابع بالنظر إلى تواجد عنصر "الإلزام". ففي الوقت الذي لا تتمتع فيه التدابير المستندة إلى الفصل السادس بأية صفة إلزامية أو قسرية؛ فإن التدابير المستندة إلى الفصل السابع تكون ملزمة للدول كافة، ولا يجوز لأي دولة أن تمتنع عن تطبيقها. كما أن المادة (25) من الميثاق ألزمت الدول الأعضاء بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها، وذلك بنصها على أن: "يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق".
وفيما يتعلق بآلية ممارسة مجلس الأمن للنوع الثاني من الاختصاصات، نجد أن الفصل السابع قد حدد تلك المسألة منطلقاً في بداية الأمر من أولى المهام في إطار تلك الآلية، وهي المتعلقة بمسؤولية المجلس عن تقدير ما إذا كانت حالة ما تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليين من عدمه. وذلك استناداً إلى نص المادة (39) من الفصل السابع التي تنص على أن: "يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين (41) و (42) [الفصل السابع] لحفظ السلم والأمن الدولي وإعادته إلى نصابه".
وعند تقرير مجلس الأمن وقوع ما يهدد الأمن والسلم الدوليين؛ فإن له في إطار النوع الثاني من اختصاصاته (الإلزامية أو القسرية) أن يتخذ ما يراه من إجراءات، وتدابير في إطار ما حدده الفصل السابع. حيث وضع الفصل السابع إطارين موضوعيين لتلك الإجراءات والتدابير الممكن للمجلس اتخاذها، وذلك في إطار نوعين من القرارات:
أ-القرارات التي تتضمن تدابير وإجراءات لا تستلزم استخدام القوة العسكرية
ويمكن تصنيف هذا النوع إلى "تدابير مؤقتة وأخرى غير مؤقتة". إذ أشارت المادة (40) من الفصل السابع إلى التدابير المؤقتة بالنص على أنه: "منعاً لتفاقم الموقف لمجلس الأمن قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة "39" أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه".
وتشمل هذه التدابير المؤقتة الإجراءات التي ليس من شأنها أن تحسم الخلاف بين الأطراف المتنازعة، ولا تخل بحقوق المتنازعين أو تؤثر في مطالبهم، كما هو الحال بالقرارات المتعلقة بوقف العمليات العسكرية أو الأمر بسحب القوات أو فصلها إلى غير ذلك من الإجراءات.
وبصفة عامة، يقع على عاتق مجلس الأمن تقدير مدى ملاءمة هذه الإجراءات للنزاع المطروح أمامه وطبقاً لظروف كل حالة على حدة. ومعيار مجلس الأمن في هذه الملاءمة بصفة عامة، هو أن تؤدي الإجراءات المتخذة إلى منع تدهور الموقف بين الأطراف المتنازعة من ناحية، وعدم مساسها بحقوقهم ومراكزهم القانونية من ناحية أخرى.
أما فيما يتعلق بالتدابير غير المؤقتة، فقد أشارت إليها المادة (41) من الفصل السابع بالنص على أن: "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية".
ب-القرارات المتضمنة تدابير وإجراءات تستلزم استخدام القوة العسكرية
يستطيع مجلس الأمن اللجوء إلى هذه التدابير عندما يجد نفسه أمام موقف يحتم عليه استخدام القوة للحيلولة دون الإخلال بالسلم والأمن الدوليين أو تهديدهما، أو لرد عمل من أعمال العدوان الواقع على دولة أو أكثر. وقد أشارت إلى ذلك المادة (42) من الفصل السابع بالنص على أنه: "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تفِ به جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ويجوز أن تتناول هذه الأعمال الحصر [أي الحصار] والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة".
وتجب الإشارة هنا إلى أن أي قوات مسلحة قد يستخدمها مجلس الأمن؛ لإنفاذ مثل تلك التدابير بالتدخل العسكري لا بد، بحسب الفصل السابع، أن تكون تحت إمرة المجلس وإشرافه، بحيث تتلقى التعليمات فيما يتعلق بعملياتها منه وحده. وذلك من أجل مراقبة مدى تقيد تلك القوات بالهدف الذي دفع بمجلس الأمن إلى استخدام القوة من أجله، وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ورد العدوان وعدم تجاوز القوات العسكرية لحدود هذا الهدف.
ثالثاً: انعكاسات تحليلية
خلاصة القول فيما يتعلق بالعرض السابق لصلاحيات مجلس الأمن وسلطاته ومسؤولياته في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة عامة وللفصل السابع بصفة خاصة؛ أن المجلس يملك حقاً مطلقاً في تحديد حالة التهديد للسلم والأمن الدوليين (دون وجود تعريف محدد لتلك الحالة!)، على أن يكون تحديد المجلس لتلك الحالة مرتبطاً بتحققه منها ودراستها بصورة موضوعية. كما يتوجب على المجلس في حال اتخاذه لأي إجراءات أو تدابير لمواجهة ذلك التهديد القائم أن يُضَّمن قراره ذي الصلة إشارة واضحة إلى أنه (أي القرار) يُتخَذ تحت الفصل السابع. ومن ثم يتوجب على المجلس تضمين قراره ذي الصلة نصوص ومؤشرات واضحة تبين طبيعة الإجراءات والتدابير محل التنفيذ لمواجهة ذلك التهديد، سواء كانت تلك التدابير توفيقية بهدف التسوية (تدابير مؤقتة أو غير مؤقتة) أو تدخلية عقابية (سواء باستخدام القوات المسلحة أو وسائل عقابية أخرى غير عسكرية). وهو (أي المجلس) عند اتخاذه لقرار يتضمن (بصفة خاصة) إجازة استخدام القوة العسكرية، يتوجب عليه تحديد ماهية تلك القوات، والإشراف عليها بشكل مباشر أو منح تفويض لدول بعينها لاستخدامها بالنيابة عنه أو الدعوة الصريحة لقيام الدول الأعضاء بالتدخل المباشر، وإن لم يُسَّمْ المجلس دولاً بعينها؛ أي أن الميثاق لم يترك مسألة إجازة التدخل العسكري من قبل المجلس ضد أي دولة لاجتهادات غيرها من الدول أعضاء الأمم المتحدة.
ولكن بالرغم من وضوح الأفكار سالفة الذكر، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن بعض نصوص الميثاق يشوبها شيء من الغموض فيما يتعلق بالمفهوم الموضوعي لمسألة "التدخل العسكري"، وكذا مبررات تقرير المجلس لحالة "تهديد السلم والأمن الدوليين". ففي حين تشير المادة (41) من الفصل السابع إلى مفهوم "القوة المسلحة" صراحة، ولكن في سياق حديثها عن التدابير التي لا تستلزم استخدام القوة المسلحة؛ إذ نصت تلك المادة على أن لمجلس الأمن أن يطلب: "ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير". نجد أن المادة (42) تتحدث بغموض شديد عن الأعمال العسكرية، وتشير إليها فقط بلفظ: "الأعمال"، وذلك في معرض تناول تلك المادة لمسألة إجازة المجلس لنفسه أن: "يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي، أو لإعادته إلى نصابه". وبذلك؛ فإن المادتين المذكورتين آنفاً لم تشيرا صراحةً إلى مسألة استخدام القوة العسكرية ضد دولة ذات سيادة. فالمادة (41) تمنع استخدام القوات المسلحة إلا في حالة استنفاذ جميع "التدابير" الأخرى، والمادة (42) لم تذكر لفظ القوة العسكرية صراحة، ولا شن الحرب، واكتفت بإشارة غامضة إلى ما أسمته "الأعمال"!
ولعل في ذلك الغموض الذي يكتنف نصوص الفصل السابع بخصوص مفهوم التدخل باستخدام القوة العسكرية، ما يوحي برغبة الدول أعضاء مجلس الأمن ذات النفوذ المطلق عالمياً في التمتع بحرية اعتماد تفسيرات أحادية لتأويل نصوص الفصل السابع بحسب ما تقتضيه مصالحهم، أو مصالح حلفائهم.
غير أن ذلك لا يعني مطلقاً أن سلطة مجلس الأمن سلطة مطلقة بلا أي حدود أو قيود. فبالرغم من حقيقة نفوذ دول كبرى بعينها في تحديد سياسات مجلس الأمن وقراراته؛ إلا أن هناك، من ناحية قانونية صرفه، عدد من الحدود التي تقيد سلطات المجلس في الصدد ذاته. فقد أشارت المادة (24) البند (1) من الميثاق بوضوح إلى أن مجلس الأمن يعمل نائباً عن الأعضاء. وعلى هذا فإن على مجلس الأمن أن يلتزم بما اتفقت عليه الدول الأعضاء من مبادئ وأهداف عند إنشائهم المنظمة الدولية، والتي يعد مجلس الأمن أحد أجهزتها الرئيسية. وهذا ما يؤكده -أيضاً -البند (2) من المادة نفسها من خلال إشارته إلى أن مجلس الأمن يعمل في أدائه لواجباته وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة والموضحة في المادة الأولى من الميثاق التي تبين أن على الأمم المتحدة أن تعمل وفق مبادئ العدل والقانون الدولي. لذا فإن على مجلس الأمن عند ممارسته لاختصاصاته المختلفة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والفصل السابع أن يخضع لمبادئ العدل والقانون الدولي، وأن يستهدف مواجهة حالات التهديد أو الإخلال بالسلم والأمن الدوليين بتطويقها ومعالجتها، مع إعطاء فرصة في المقام الأول لحل النزاعات وتسويتها بالوسائل السلمية.
المحور الثاني: مضمون وأبعاد القرار (2216) ([3])
يمكن لنا هنا أن ندشن تحليلنا لمضمون نصّ القرار (2216) بالعودة إلى محاولة الإجابة على التساؤل الذي أشارت إليه نقطة سابقة على هامش التوطئة لهذه الدراسة؛
هل احتوى المضمون الموضوعي لقرار مجلس الأمن 2216 (ممثلا بديباجته وبنوده) أي تفويض أو غطاء قانوني أممي يجيز التدخل العسكري ضد اليمن بصفة عامة، أو يشرعن التدخل العسكري (القائم فعلياً في حينه) ضد اليمن من قبل السعودية وحلفائها؟!
وللإجابة عن هذا التساؤل، يتوجب النظر في محتوى ما تناولته هذه الدراسة في المحور الأول بخصوص ما يمنحه ميثاق الأمم المتحدة (وفصلاه السادس والسابع بصفة خاصة) لمجلس الأمن من صلاحيات في ممارسته الدور المنوط به لحفظ السلم والأمن الدوليين، وما يضعه من قيود منظمة لتلك الصلاحيات. ومن ثم مقارنة ذلك المحتوى بواقع ما يتضمنه نص القرار (2216) في ديباجته وبنوده.
ولكن، قبل الولوج إلى العرض التحليلي لمضمون القرار بديباجته وبنوده، لا بد من الإشارة هنا إلى ملاحظة عامة فنية قانونية تتعلق بديباجة القرار بصفة خاصة. إذ من المتعارف عليه بصفة عامة أن تنصرف ديباجة أي قرار صادر عن مجلس الأمن إلى تقديم صورة شاملة عن الإطار الموضوعي للقرار، وبيان هدفه المركزي. ولعل ذلك الأمر يبدو أكثر إلحاحاً إذا ما تعلق القرار بالفصل السابع. فمن أهم الشروط الشكلية المطلوب توفرها في أي قرار صادر عن مجلس الأمن في إطار الفصل السابع هو وجوب النص على أن المجلس قد اتخذ هذا القرار استناداً إلى الفصل السابع. بحيث يترتب على ذلك النص أمران ([4]):
1-أن القرار ملزم للدول كافة.
2-أن القرار يفتح المجال أمام إمكانية فرض عقوبات أو القيام بعمل عسكري ضد الدولة المعنية، وذلك من خلال النص على تلك الإجراءات في بنود القرار نفسه أو في قرار آخر لاحق.
وبما أن هدف القرار (2216) بدايةً، بحسب غرض مقدميه وبحسب ما يُروَج له منذ صدوره، كان منح مجلس الأمن غطاءً قانونياً أممياً لشرعنة التدخل العسكري (القائم فعلياً في حينها) من قبل السعودية وتحالفها؛ فقد كان من المفترض أن تنصرف ديباجة القرار بدايةً إلى بيان مكامن المبرر القانوني لإدراج الوضع في اليمن تحت غطاء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ومن ثم الإشارة في نص الديباجة - أيضاً - إلى ما يمكن أن يعطي انطباعاً أولياً بأن بنود القرار ستتضمن تدابير وإجراءات تجيز التدخل العسكري ضد اليمن.
وعموماً، ستحاول النقاط التالية بيان المسألة سالفة الذكر بتوضيح أكثر إلى جانب مسائل تحليلية أخرى متعلقة بمضمون ديباجة القرار وبنوده، وذلك على النحو التالي:
أ- مسألة وضع اليمن تحت الفصل السابع والتدخل العسكري
- لقد أكدت ديباجة القرار (2216) بالفعل على وضع اليمن تحت الفصل السابع، معتبرة الحالة اليمنية حالة تهدد السلم والأمن الدوليين. ومن ناحية قانونية نظرية، معلوم أن الفصل السابع قد أناط بمجلس الأمن صلاحية تقدير ما إذا كانت حالة ما تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين من عدمه. وذلك استناداً الى نص المادة (39) من الفصل السابع التي نصت على أن: "يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين (41) و(42) [الفصل السابع] لحفظ السلم والأمن الدولي وإعادته إلى نصابه"،
- ولكنها؛ (أي الديباجة) في سعيها لتبرير ذلك الإجراء لم تتضمن فقراتها أي مظهر من المظاهر المؤثرة الدالة على أن الحالة اليمنية تشكل حجم تهديد "خطير وجدي" للسلم والأمن الدوليين. وفي المقابل، اقتصرت إشارة الديباجة إلى مظهر واحد يبدو "متواضع الأثر" في احتمالية تهديده للسلم والأمن في اليمن، بحسب الديباجة التي نصت على ما أسمته:" ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻢ والأمن ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ نتيجة لنقل الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وتكديسها وإساءة استعمالها على نحو غير مشروع". وتلك التسمية عموماً تتماشى مع مجموعة الحالات التي عادة ما يعتبرها مجلس الأمن حالات بطبيعتها "عامة واحتمالية" في تهديدها للسلم والأمن الدوليين. ذلك فضلاً عن إشارة الديباجة إلى مبرر آخر يبدو غامضاً، وغير محدد الملامح في الواقعة "المفترضة" لتهديد الحالة اليمنية للسلم والأمن الدوليين؛ إذ أشارت الديباجة إلى أن الوضع في اليمن يهدد جيرانه بنصها في إحدى فقراتها على ﺃن: "استمرار تدهور الحالة الأمنية وتصاعد العنف في اليمن يشكل تهديداً خطيراً ومتزايداً للدول المجاورة"،
- وبالتالي، من غير المفهوم كيف لمسألة "نقل الأسلحة الصغيرة والخفيفة وتكديسها وإساءة استعمالها" أن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين في ظل حقيقة أن تلك المسألة (إن صحت) تعد مظهراً اصيلاً لوجود أزمة داخلية في اليمن تحتاج بطبيعتها لمساعدة دولية على حلها، لا أن يتم تدويلها عبر وضع الأمر برمته تحت الفصل السابع! ناهيك عن أن تلك الأنواع من الأسلحة تعد شائعة الوجود والتداول في أوساط المجتمع اليمني دون حدود أو قيود، سواء في وقت السلم، أم في وقت الحرب؛ فالمسألة إذاً لا يمكن أن تكون ذات طابع استثنائي بالمرة.
- كما لم يكن من الواضح، كيف يمكن أن يشكّل الوضع في اليمن تهديداً لجيرانه! في ظل انحصار مفاعيل الأزمة اليمنية منذ 2011م في إطار الحدود الجغرافية للجمهورية اليمنية، دون وجود مظهر تهديد واحد لأي دولة مجاورة. وإن كان البعض يشير إلى المناورة العسكرية التي نفذها الجيش واللجان الشعبية في أراضي محافظة يمنية حدودية مع السعودية باعتبارها شكل من أشكال التهديد للسعودية. وممّا لا ريب فيه أن تلك المناورة قد حملت في حينه معاني موجهة للسعودية، ولكنها لم تكن لتخرج على أقصى الحدود عن معاني الردع للسلوك التدخلي الفعلي الذي تمارسه السعودية في الشؤون اليمنية، خاصة في ظل تصاعد أوار الأزمة السياسية في اليمن آنذاك. وفي نهاية المطاف، تظلّ مسألة تنفيذ المناورة -بلا ريب-حقاً مشروعاً لليمن، ومن غير المنطقي من ناحية قانونية أن يندرج تحت مفهوم "التهديد".
- وإذا ما أضفنا إلى تلك الملاحظات الثلاث سالفة الذكر أن وضع القرار (2216) لليمن تحت الفصل السابع لم يكن بالأمر الجديد، إذ سبق وأكّد عليه قرار سابق لمجلس الأمن (2140)؛ فإنه من الواضح أن ما أورده القرار (2216) من مبررات لوضع اليمن تحت الفصل السابع لم تكن تستند مطلقاً إلى أسباب منطقية قوية تفيد بوجود تهديد حقيقي متصاعد وفعلي تشكّله الحالة اليمنية للسلم والأمن الدوليين.
- ولكن، إذا ما سلمنا بعدم جدوى الجدال حول مصداقية تهديد الحالة اليمنية للسلم والأمن الدوليين، وإقراراً منا بواقع ما عرضناه في المحور الأول بخصوص إطلاق الميثاق صلاحية مجلس الأمن التقديرية لما يراه تهديداً للسلم والأمن الدوليين، خاصة في ظل واقع الغموض والضبابية التي عادة ما ترافق صدور أغلب قرارات المجلس تحت الفصل السابع نتيجة ما هو معهود ومعروف لدى الجميع عن الطبيعة غير المتوازنة أو العادلة للنظام الدولي الراهن وازدواجية معاييره؛ فإنَّ القرار (2216) في المقابل لم يعط لقارئه أي انطباع يشي بوجود توجه عملي لدى مجلس الأمن عند وضعه لليمن تحت الفصل السابع للتأسيس لأي إجراءات يمكن أن تتضمن استخدام القوة العسكرية ضد اليمن. إذ لم يتضمن القرار أي إشارة من قريب ولا من بعيد تفيد اتخاذه لأي تدابير تجيز استخدام القوة العسكرية للتدخل ضد اليمن، كما لم توجد أي إشارة مطلقاً تفيد تفويضه للدول الأعضاء أو لدول بعينها للقيام بأي تدخل عسكري ضدّ اليمن، وفقاً بالطبع لأحكام مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
- من زاوية أخرى، وبالنظر إلى نوعي الصلاحيات التي منحها الميثاق لمجلس الأمن (وفقاً لما استعرضناه في المحور الأول)، من الواضح أن القرار (2216) قد تناول تصوره لدوره في الحالة اليمنية في إطار رؤية تمزج ما بين صلاحيات المجلس بصفته أداة للتسوية من ناحية، وبصفته أداة للتدخل من ناحية أخرى. مع اكتفاء المجلس في ممارسته لصلاحياته التدخلية (ضمن منطوق القرار) بالتركيز على مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تدفع باتجاه التسوية السلمية تحديداً. كما أن وضع المجلس لمجموعة من العقوبات على شخصيات وأطراف سياسية يمنية بعينها لم يتجاوز حد العقوبات الاقتصادية ومسألة حظر توريد السلاح، ولم يُشِرْ مطلقاً إلى أي إمكانية لاستخدام القوة المسلحة، كنوع من العقوبات التي تدخل ضمن صلاحياته وسلطاته.
- ولعل من المؤشرات التي تؤيد ما ذهبت إليه النقطة السابقة بخصوص صلاحيات المجلس كأداة للتسوية، أن مجلس الأمن ظلّ يؤكد في أكثر من موضع في قراره (2216) على مسألة استمرار دور الأمم المتحدة، كوسيط لحل النزاع في اليمن، إلى جانب تكرار تأكيده على أهمية الدفع بالعملية السياسية الانتقالية بمشاركة الأطراف السياسية اليمنية كافة، وتقديمه كذلك توصيات بخصوص مآلات التسوية وقضاياها، مع تركه أمر التسوية نفسه بيد اليمنيين، وعدم وضعه أي شروط متعلقة بمآلات العملية السياسية سوى بعض الأمور التي لها علاقة بالتسوية، كعملية يجب انطلاقها. والمجلس في أدائه لوظيفته تلك كأداة للتسوية في الأزمة اليمنية، إنما ينطلق أولاً: من أحكام الفصل السابع من الميثاق الذي لا يعد ممارسة المجلس لفعل التدخل العسكري بمثابة الخيار الوحيد ضمن صلاحيات المجلس في الصدد ذاته. وهو في ذلك الصدد يلتزم ثانياً: بما وضعته أحكام الفصل السابع من مسائل تنظيمية تتيح للمجلس اتباع أكثر من خطوة سلمية لمواجهة التهديد القائم للسلم والأمن الدوليين قبل الوصول إلى خيار التدخل العسكري. وهو ثالثاً: يستأنس بأحكام الفصل السادس من الميثاق الذي أتاح له التدخل لحل الخلافات والمنازعات التي تهدد السلم والأمن الدوليين بوصفه أداة للمساعدة على تسوية تلك الخلافات والنزاعات عبر إنشائه للجان الخاصة (تحقيقية أو توفيقية)، وإرساله للمبعوثين والمفوضين الأمميين وإصداره التوصيات للأطراف المعنية دون تدخل في فرض الحلول والتسويات أو ممارسته لدور المحكم فيما بين الأطراف المتنازعة.
- كما أن من المؤشرات التي تؤيد ما ذهبت إليه النقطة الرابعة سالفة الذكر بخصوص صلاحيات المجلس التدخلية غير العسكرية، أن مجلس الأمن قد لجأ في قراره (2216) إلى اتخاذ مجموعة من التدابير المؤقتة، وغير المؤقتة التي تضمنها الفصل السابع من الميثاق في إطار مفهوم "التدابير التي لا تستلزم استخدام القوة المسلحة"؛ إذ أشار القرار إلى مجموعة من الآليات والإجراءات والتدابير العقابية. ففيما يتعلق بالتدابير المؤقتة التي ليس من شأنها بطبيعتها أن تحسم الخلاف بين الأطراف المتنازعة، ولا تخل بحقوق المتنازعين أو تؤثر في مطالبهم، كما هو الحال بالقرار الصادر بوقف العمليات العسكرية أو الأمر بسحب القوات أو فصلها إلى غير ذلك من الإجراءات؛ أشار القرار (2216) إلى مجموعتين من التدابير التي يمكن أن تندرج إحداهما تحت ذلك النوع المؤقت من التدابير، ومنها على سبيل المثال الدعوة إلى الانسحاب من المدن ومؤسسات الدولة، والإفراج عن المعتقلين. فيما تندرج المجموعة الأخرى تحت النوع غير المؤقت من التدابير، ومنها على سبيل المثال، العقوبات الاقتصادية والعسكرية، كحظر السفر، وحظر توريد الأسلحة وإجراءات تفتيش البضائع الواردة إلى اليمن في موانئ الدول الأعضاء في إطار حظر توريد الأسلحة.
- وهكذا، فإنه من الواضح تماماً وفقاً لمنطوق نصوص القرار (2216) أن مجلس الأمن لم يقترب مطلقاً من استخدامه لصلاحياته في مجال التدخل العسكري ضد اليمن؛ إذ لم يتضمن القرار أي من التدابير أو الإجراءات التي تستلزم استخدام القوة العسكرية وفقاً لما أشارت إليه المادة (42) من الفصل السابع بالنص على أنه: "اذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تفِ به جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر [أي الحصار] والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة". فالقرار مطلقاً، لم يتضمن أي إشارة إلى استخدام القوة المسلحة، ولا الحصار البحري أو الجوي أو البري ضدّ اليمن، ولا أي شكل من أشكال التدخل العسكري.
ب-مسألة الانتقال السياسي وطبيعة التسوية المنشودة
- أظهرت العديد من فقرات ديباجة القرار (2216)، وبنوده اهتماماً واضحاً بالعملية السياسية في اليمن. وهي مسألة تبدو ذات حضور أصيل ليس في هذا القرار فحسب، بل وفي قرارات مجلس الأمن كافة ذات العلاقة بالأزمة اليمنية منذ عام 2011م. وقد تمحور ذلك الاهتمام لمجلس الأمن بالعملية السياسية في قراراته التي صدرت منذ عام 2014م حول مفهوم "عملية الانتقال السياسي". وقد شدد القرار (2216) في أكثر من فقرة وبند على ضرورة استئناف عملية الانتقال السياسي. وذلك -لا ريب-يعطي انطباعاً قوياً بأن لدى المجتمع الدولي عامة إدراكاً مستقراً بخصوص طبيعة التعامل الواجب اتباعه مع الأزمة اليمنية عبر طريق وحيد هو طريق "عملية الانتقال السياسي"، والتي تتضمن وفقاً؛ لإشارات متعددة احتواها القرار (2216) وأموراً تتعلق بمسائل سياسية من قبيل: التسوية السياسية وقضاياها المطروحة، التفاوض بين الأطراف اليمنية، والحلول السلمية، والمساعي الحميدة للأمم المتحدة...إلخ. وبالتالي؛ فإنَّ رؤية مجلس الأمن، ومن ورائه الأمم المتحدة للأسلوب الأفضل للتعامل مع الأزمة اليمنية، إنّما تقوم على منطلقات سياسية تتبنى منهجاً سلمياً بعيداً عن أي لغة تصعيدية قد تُعقّد الأزمة. ومن هنا؛ فإن أي حديث عن أن القرار (2216) يشكّل مدخلاً يبيح إمكانية استخدام أي طرف دولي أي وسائل تصعيدية للتعامل مع الوضع في اليمن، يُعدّ - لا ريب - حديثاً خارج سياق الأهداف الحقيقية لذلك القرار. فالقرار صدر باعتباره خطوة أخرى في طريق حلحلة الأزمة اليمنية عبر الضغط باتجاه عودة الأطراف كافة لاستئناف عملية التسوية السياسية.
- بالرغم من موضوعية ما طرحته النقطة السابقة بخصوص الهدف الجوهري للقرار (2216)؛ إلا أنّ طبيعة الظروف السياسية الإقليمية والدولية، وكذا طبيعة عضوية مجلس الأمن آنذاك، قد أثقلت كاهل ذلك القرار بالعديد من المضامين السياسية التي تبدو من ناحية عملية غير مستوعبة للنهج الموضوعي الذي طالما حكم رؤية المجلس؛ لطبيعة الأزمة اليمنية منذ أعوام مضت. إذ بدا القرار عقيماً من الناحية التطبيقية إذا ما وضعناه تحت الاختبار فيما يتعلق بمسألة مدى إمكانية إسهامه في التفاعل البنّاء مع المدخلات التحولية الاستراتيجية التي طرأت على المشهد السياسي اليمني، وعلى توازنات القوى ما بعد 21 / سبتمبر/2014م. فالقرار لم يغادر في ذلك الأمر؛ كونه مجرد محصلة غير متوازنة لمجمل الضغوط والتجاذبات التي سادت أجواء مداولات إصداره، فيما بين بعض القوى الإقليمية والكبرى أعضاء المجلس. فلا هو الذي جاء بالجديد؛ لفتح آفاق أكثر إيجابية أمام إمكانية استئناف العملية السياسية بما يحقق الهدف المركزي الوظيفي لوجود مجلس الأمن بذاته متمثلاً في المحافظة على السلم والأمن، ولا هو الذي وصل بأهداف أصحاب المصلحة الحقيقة في استصداره إلى مداها المتعلق بشرعنة تدخلهم العسكري ضدّ اليمن. والقرار بذلك الشكل لم يَعْدُ كونه مرآة عاكسة لطبيعة النظام الدولي الراهن بتجلياته الازدواجية، وتنازعاته البراغماتية فيما بين قواه المؤثرة.
- ووفقاً لما جاء في النقطة السابقة، يمكن بكل بساطة الإشارة إلى العديد من المظاهر التي تؤيد الفكرة سالفة الذكر. إذ بدأ القرار في إظهار "عقمه التطبيقي" عبر تجاهله أسباب اشتداد أوار الأزمة اليمنية بالرجوع إلى تقارير مبعوث الأمين العام نفسه، ومخرجات جهوده ورؤيته لمجريات العملية السياسية، وآفاق الحلول الممكنة. ومن ثم تجاهل القرار طبيعة التقدم الذي كان قد تمّ إحرازه في المفاوضات بين الأطراف السياسية إلى لحظة انطلاق الحملة العسكرية على اليمن من قبل التحالف السعودي دون أي إذن من المجلس. كما أن القرار اتخذ نهجاً تحيزياً غير مثمر من خلال تبني العديد من نصوصه لمفردات الخطاب السياسي لأطراف التحالف السعودي المرتبط بتدخلاتهم التصعيدية للأزمة في اليمن. ناهيك - أيضاً - عن تشدد ألفاظ القرار المتعلقة بما أسمتهم "الحوثيين". وكذا جنوح ديباجة القرار تحديداً عند عرضها لأهم قضايا العملية السياسية إلى تجاهل مسألة التقسيم الفيدرالي المقترح (الأقاليم الستة)، وهي المسألة التي مثّلت في حينه المصدر الأكثر إثارة للصراع السياسي. بالإضافة إلى تعمّد القرار تجاهل اتفاق السلم والشراكة الذي وقعته الأطراف السياسية اليمنية، ولقي في حينه ترحيباً من قبل الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، خاصة وأن محتوى الاتفاق قد ذهب إلى آفاق أكثر انفتاحاً لحلّ الأزمة حتى من القرار (2216) نفسه. وذلك - لا ريب - تحيز غير مبرر من قبل مجلس الأمن لجانب طرف قوى التحالف السعودي، وهو يتماشى تماماً مع رغبة السعودية وحلفائها؛ أصحاب المصلحة من شنّ الحرب والتدخل في الشأن اليمني.
ج-مسألة دور الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية
- كل نصوص القرار (2216) التي تناولت دور الأمم المتحدة في الأزمة اليمنية (كأغلب قرارات مجلس الأمن بخصوص الأزمة اليمنية) إلتزمت رؤية موحدة إزاء ذلك الدور. حيث ترتكز تلك الرؤية على التزام الأمم المتحدة القيام بدور "الوساطة" بين الأطراف اليمنية في إطار مفهوم "المساعي الحميدة". والأخير يُعدّ أحد المفاهيم المستقرة في إطار القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، وهو مفهوم لا يحمل بطبيعته أي مضامين تدخلية مطلقاً. ناهيك عن إشارة القرار إلى دور آخر للأمم المتحدة يتعلق بالجوانب الإنسانية.
- إشارة القرار (2216) إلى الأدوار الممكنة أو المطلوب ممارستها من قبل دول ومنظمات إقليمية، لم تتعدَ في جُلِّها مسائل الإسهام في دعم عملية الانتقال السياسي السلمية، والدعم الإنساني، وتأييد رعايتها لمؤتمر الرياض المقترح من قبل السعودية. والاستثناء الوحيد لذلك النهج كان في إطار بنود القرار التي نصّت على مسألة العقوبات؛ إذ ألزم القرار الدول أعضاء الأمم المتحدة مسؤولية تنفيذ بند العقوبات المتعلق بحظر توريد الأسلحة، مع حصر حدود ذلك الدور على تنفيذ إجراءات التفتيش للبضائع الواردة إلى اليمن، مُحدِّداً (أي القرار) موضوع ذلك التفتيش تفصيلاً بـــــ "الأسلحة ﻭﺍﻷﻋﺘﺪﺓ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ، ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺬﺧﺎﺋﺮ، ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺪﺍﺕ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻗﻄﻊ الغيار، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺧﻼﻓﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺃﻱ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﻭﺃﻋﺘﺪﺓ ﺫﺍﺕ ﺻﻠﺔ ﺃﻭ ﺻﻴﺎﻧﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺰﻗﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﻴﻦ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺼﺪﺭﻫﻢ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺃﻡ ﻻ". كما حدَّد القرار مكان تنفيذ إجراء العقوبات بالنصّ على أن: "يتم التفتيش للبضائع الواردة إلى اليمن ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ أراضي تلك الدول ﺃﻭ ﻋﺒﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻬﺎ، ﺃﻭ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺳﻔﻦ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻤﻬﺎ".
- وبالتالي، فإنّ رؤية مجلس الأمن للأزمة في اليمن من خلال ما تضمنه القرار (2216)، وهي الرؤية التي تعبّر في محصلتها النهائية عن رؤية المجتمع الدولي ممثَّلاً في منظمة الأمم المتحدة؛ لم تكن رؤية ذات أبعاد تدخلية مطلقاً، سواء لجانب مجلس الأمن والأمم المتحدة نفسها، أو لجانب الدول أعضاء المنظمة. ولم تحمل تلك الرؤية وفقاً للقرار نفسه أي مضامين تشي برغبة أممية؛ لإتاحة المجال أمام أي دولة عضو لممارسة أي دور تدخلي في الأزمة، عدا تلك الأدوار المفترض مساهمتها في حلّ الأزمة سلمياً.
د-مسألة أمن اليمن واستقراره ووحدته وسيادته وخطر الإرهاب
- لم يـَخْلُ القرار (2216) (كأمثاله من قرارات المجلس بخصوص الأزمة اليمنية) من إشارات واضحة وقوية إلى التأكيد على مسألة الالتزام بالحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية. ممّا يعني (بمنطق المخالفة أو تناظرية المفهوم) أن مجلس الأمن، كممثل لإرادة القوى الكبرى، ومن ورائه الأمم المتحدة، كممثلة للمجتمع الدولي عامة، يُعتبر أي عمل أو اجراء أو تدبير يمارسه أي طرف داخلي أو خارجي إقليمي أو دولي أو حتى ما دون الدولة وينتج عنه مساساً بأمن اليمن واستقراره ووحدته وسيادته الإقليمية، يُعدّ عملاً مخالفاً للقانون الدولي عامة، ولقرار المجلس (2216) بصفة خاصة، بل، ولقراراته السابقة بخصوص الأزمة اليمنية.
- بالرغم من أنّ القرار (2216) أظهر اهتماماً بالإشارة المباشرة إلى التهديد القائم الذي يشكّله تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أمن اليمن خاصة والأمن الإقليمي والدولي بصفة عامة؛ إلا أنه بالنظر في طبيعة الألفاظ التي استخدمتها النصوص التي تناولت ذلك الأمر في هذا القرار، ومقارنتها بنظيراتها من الألفاظ التي تضمنتها قرارات سابقة للمجلس بخصوص الأزمة اليمنية منذ العام 2014م بالتحديد، يمكن التأكيد على أن تخفيفاً جلياً قد طرأ في حدة ألفاظ القرار (2216) عن مثيلاتها في القرارات السابقة. كما تتضح من تلك المقارنة - أيضاً - تحاشي القرار (2216) الإشارة إلى تداعيات الأعمال الإرهابية التي عانى منها اليمنيون في الفترة التي سبقت صدور القرار (2216) مباشرةً، وذلك خلافاً لما درج عليه المجلس في قرارات سابقة إزاء حوادث إرهابية سابقة.
- وعلى نفس المنوال السابق، اكتفت بعض نصوص القرار (2216) بإشارات خجولة وغامضة إلى ما قامت بها الجماعات الإرهابية، وما وصفها القرار بمسمى "الجماعات الفاعلة من غير الدول" والمقصود بها بالطبع المليشيات التابعة للرئيس هادي، والتي تنشط تحت مسمى "اللجان الشعبية"، وذلك في معرض حديث القرار في أحد نصوصه عن سيطرة تلك الجماعات على مؤسسات الدولة، وتدخلها في نطاق سلطات الحكومة. ونهج القرار ذاك - لا ريب - يعزِّز فكرة انحياز المجلس غير المبرِّر لجانب رغبات قوى التحالف السعودي في سبيل تركيز اهتمام القرار على تعزيز فكرة إلقاء المسؤولية عن التعقيدات التي شابت الأزمة اليمنية في حينه على طرف سياسي بعينه. وكذا صرف النظر عن طبيعة التهديدات الجادة والخطيرة التي يشكّلها تنظيم القاعدة على الوضع الأمني في اليمن، مّما يستلزم وجود قوة عسكرية وطنية رادعة يمكن أن تقف في وجهه، كما هو حاصل على سبيل المثال في العراق في الوقت الراهن.
هـ-مسألة الالتزامات والمطالب التي تضمنها القرار
- من واقع ما تضمنته نصوص القرار (2216) بخصوص "خطاب" المطالب، والالتزامات التي ترتبت عليه، يمكن الإشارة إلى ملمح رئيسي في ذلك الصدد. حيث يُلاحَظ أن إشارات القرار العديدة إلى مجموعة المطالب والالتزامات بصفة عامة لم توجه باتجاه طرف واحد في الأزمة اليمنية، وهو هنا طرف "الحوثيين". وذلك بحسب ما تحاول ترويجه باقي الأطراف السياسية اليمنية، وقوى التحالف السعودي. فباستثناء البند (1) من القرار الذي انحصرت مطالبه إزاء "الحوثيين"، يُلاحَظ أن باقي خطاب المطالب والالتزامات توزع على الأطراف اليمنية كافة إضافة لطرف قوى التحالف السعودي والأمين العام للأمم المتحدة وباقي الدول الأعضاء. فأحد تلك المطالب على سبيل المثال، وهو المتعلق بطلب "وقف العنف"؛ يُظهِر بوضوح أنه موجه لــــ: "الأطراف" دون تعيين، أو توصيف لماهية تلك الأطراف؛ الأمر الذي يجعل تلك الإشارة ذات معنى شامل وعام يطال كل الأطراف المنخرطة في فعل العنف، وهي -لا ريب-تضم بين ثناياها طرف قوى التحالف السعودي التي تشنّ حربها على اليمن. ناهيك -أيضاً- عن مظهر آخر لشمولية المطالب، والالتزامات التي تضمنها القرار في بعض نصوصه من خلال مطالبته جميع الأطراف "الإلتزام بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وكفالة ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ، ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﻴﻦ ﺑﻬﺎ، ﺗﻴﺴﻴﺮ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ضمان ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺍﻟﻄﺒﻴﺔ، ﺗﻴﺴﻴﺮ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺈﺟﻼﺀ ﻣﺪﻧﻴﻴﻬﺎ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﻦ، اتخاذ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺃﻭ ﺿﺮﺭ، عدم الاخلال ﺑﺴﻼمة ﺍﻟﺒﻌﺜﺎﺕ الدبلوماسية ﺃﻭ النيل ﻣﻦ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﺎ، ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ".
- خصّ القرار (2216) ما أسماه "الحوثيين" بمجموعة حصرية من المطالب، والالتزامات تركزت حول "ﺳﺤﺐ ﻗﻮﺍﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺻﻨﻌﺎﺀ، ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻹﺿﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، الإﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﺄﻱ ﺍﺳﺘﻔﺰﺍﺯﺍﺕ ﺃﻭ ﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺿﺪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، ﺍﻹﻓﺮﺍﺝ ﺑﺄﻣﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﺼﺒﻴﺤﻲ، ﻭﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﻦ ﺭﻫﻦ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺠﺒﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﺘﺠﺰﻳﻦ ﺗﻌﺴﻔﻴﺎً، وﺇﻧﻬﺎﺀ ﺗﺠﻨﻴﺪ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﻢ ﻭﺗﺴﺮﻳﺢ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ اﻟﻤﺠﻨﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ".
- في المقابل، خاطب القرار (2216) الأطراف اليمنية كافة بأغلب ما تضمنه من مطالب والتزامات مع تأكيده في بعضها، وضمن الخطاب نفسه، على "الحوثيين" بصفة خاصة. ومن تلك المطالب والالتزامات ذات الخطاب الشامل، ما يتعلق بمسائل محددة من قبيل: استئناف المفاوضات الشاملة، تسريع عملية الانتقال السياسي، والالتزام بمرجعيات تلك العملية (بحسب رؤية القرار بالطبع لتلك المرجعيات)، وقف العنف، الالتزام ﺑﺘﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ، ﺍلاﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍلإﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻳﺔ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍلإﻧﻔﺮﺍﺩﻳﺔ ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍلاﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، اتخاذ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ للاتفاق، ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺣﻞّ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍلآﺭﺍﺀ، الالتزام بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وكفالة ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ، ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﻴﻦ ﺑﻬﺎ، ﺗﻴﺴﻴﺮ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ضمان ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺍﻟﻄﺒﻴﺔ، ﺗﻴﺴﻴﺮ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺈﺟﻼﺀ ﻣﺪﻧﻴﻴﻬﺎ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﻦ، اتخاذ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺃﻭ ﺿﺮﺭ، عدم الإخلال ﺑﺴﻼمة ﺍﻟﺒﻌﺜﺎﺕ الدبلوماسية ﺃﻭ النيل ﻣﻦ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﺎ، ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ.
و-المسألة الإنسانية والتزامات القانون الدولي
- فيما يتعلق بتناول القرار (2216) للمسألة الإنسانية في الأزمة اليمنية، وللالتزامات التي تمليها أحكام القانون الدولي بصفة عامة على الأطراف المنخرطة في الحرب الدائرة في حينه، يُلاحَظ أن القرار لم يولِ تلك المسألة ما تستوجبه من اهتمام، سواء من ناحية طبيعة الجدية في استخدام نصوصه للألفاظ الآمرة، أم من ناحية شمولية نظرته للمسألة وتجرُّدها. وإن كان خطاب القرار في الشأن ذاته قد توجه في المقابل إلى جميع الأطراف، ولم يوجه باتجاه طرف بعينه. وجميع الأطراف -لا ريب-، كما أشرنا سلفاً تتضمن، إلى جانب الأطراف اليمنية كافة، قوى التحالف السعودي نفسه.
- اكتفى نصّ القرار (2216) بــــــ"الإهابة" بجميع الأطراف الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ولم يتعد ذلك إلى ذكر أي إجراء عقابي يمكن أن يُتخذ في حال انتهاك ذلك الالتزام من أي طرف، بل إنه لم يُشِرْ مجرد إشارة إلى أن احتمال الانتهاك يمكن أن يشكل نقطة مراجعة من قبل المجلس في وقت لاحق في حال حصول أي انتهاك فعلي.
- بدا القرار (2216) أكثر حرصاً على استخدام لهجة متشددة عند تناوله مسألة ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻮﻇﻔﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﻴﻦ ﺑﻬﺎ، وإجلاء موظفي المنظمات ورعايا الدول المعنية، وضمان سلامة البعثات الدبلوماسية وأمنها وكرامتها. مقارنة باستخدامه؛ (أي القرار) لهجة أخفّ عند إشارته إلى مسائل تتعلق بتيسير ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، وﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، والتوصل لهدنة ﻟﻸﻏﺮﺍﺽ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
- تجاهل القرار (2216) بصفة مطلقة الإشارة إلى الواقع المأساوي للحالة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني جراء القصف الجوي العنيف والمكثف، والمتواصل؛ لطائرات التحالف السعودي والحصار البحري والجوي والبري الخانق الذي تفرضه قوى ذلك التحالف على الموانئ والمنافذ البرية والبحرية اليمنية، ناهيك عن سيطرتها الكلية على الأجواء اليمنية، ومنع حركة الطيران مطلقاً من وإلى اليمن. ولم يُشر القرار مطلقاً في ذات الصدد إلى مسؤولية قوى التحالف السعودي عن تلك المأساة، وما ترتب عليها من أزمة حادة في الغذاء والدواء والوقود. كما لم يلتفت القرار -أيضاً- إلى حقيقة وجود مظاهر فعلية دالة على تلك الحالة الإنسانية المأساوية من قبيل: حالات القتل الجماعي للمدنيين، وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم الخاصة، وتدمير البنى التحتية؛ بما فيها المنشآت الطبّية والتعليمية والمؤسسات الخدمية والطرق والجسور، ناهيك عن حالات الإصابات الحرجة بين المدنيين والأطفال والنساء نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وكذا موجات النزوح الجماعي الداخلي القسري لمئات الآلاف من الأسر جراء القصف الجوي.
المحور الثالث: خلاصات تحليلية
يمكن التأكيد بصفة مبدأية على أن معظم ما يتمّ تداوله من رؤى وأفكار في الأوساط السياسية والإعلامية على مستويات عدة بخصوص أهداف القرار (2216)، وأبعاده القانونية والسياسية يبدو أقرب إلى العمومية المضللِّة، سواء تمّ ذلك التعميم المضلِّل عن غير قصد بالنسبة للبعض، أو عن قصد وسوء مقصد بالنسبة للغالبية.
ومن ثمّ، يصبح من الضرورة بمكان أن تختتم هذه الدراسة موضوعها (ضمن محورها الثالث) بتقديم بعض ما يمكن استخلاصه من الاستنتاجات والخلاصات التحليلية. على أمل أن تُشكّل هذه الاستنتاجات والخلاصات التحليلية رداً كاشفاً لحجم الغموض الذي يرقى إلى حدّ التضليل فيما يتم تداوله من رؤى وأفكار بخصوص القرار (2216)، وذلك على النحو الآتي:
- إصدار مجلس الأمن للقرار (2216) جاء كاستجابة في الأساس لتحرك سعودي قطري إماراتي أردني، وفي ظلّ ظروف مثالية برئاسة الأردن الدورية للمجلس ([5]).
- ظروف النقاشات التي سادت مناخ إصدار القرار شهدت حراكاً سياسياً دبلوماسياً نشطاً ومفاوضات جادة من قبل الدول أعضاء المجلس، التي لم تكن تقف في صف الخيارات التدخلية التي تدفع باتجاهها الدول متبنية القرار. وقد تجلى ذلك بوضوح في نصّ الكلمات التي ألقاها ممثلو روسيا والصين وفنزويلا ([6]) على هامش جلسة المجلس لإصدار القرار (2216). وقد اتضحت أجواء ذلك المناخ من خلال البيان الذي أصدرته الخارجية الروسية ([7]) غداة صدور القرار، مبينة فيه طبيعة اعتراضاتها على القرار، والتي تُشكّل بالطبع مبررات امتناعها عن التصويت. وبالتالي فمن المفروغ منه التأكيد على أن القرار مثّل بطبيعته محصلة مواقف كل دول المجلس إزاء الأزمة اليمنية، حتى روسيا الممتنعة عن التصويت.
- في إطار إشارة الديباجة إلى مرجعية تحرّك المجلس لإصدار القرار (2216) كان من الواضح أن الديباجة قد استرسلت في الإشارة إلى قرارات المجلس السابق وبياناته الرئاسية بخصوص اليمن، في حين اكتفت في الصدد ذاته بمجرد "الإحاطة علماً" برسالة ممثل اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة المعين من هادي المستقيل والتي يحيل بها رسالة هادي التي يبلغ فيها المجلس بأنه: "ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ، ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺷﻌﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ". دون أن تبدي الديباجة أي ردة فعل للمجلس إزاء تلك الرسالة أو طلب هادي غير "الإحاطة علماً بما جاء فيها"؛ أي أن المجلس بدا، وكأنه غير معني بطلب هادي، الذي تضمنته الرسالة بالتدخل، ولم يُبْدِ بالأساس أي موافقة فعلية على ما جاء فيها، وإلا لكان ترجم ذلك في بنوده، وإن عبر إشارة ضمنية، ولكن ذلك لم يحدث. ومن الممكن - أيضاً - تلمُّس الدليل على ذلك من نصّ الديباجة التالية مباشرة لتلك الإحاطة؛ حيث انتقلت الديباجة مباشرة إلى التأكيد على ضرورة استئناف العملية السياسية بالنصّ على: "ﻭﺇﺫ ﻳﺆﻛﺪ [أي المجلس] ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ".
- القرار إجمالاً، لم يكن من ضمن أهدافه "مطلقاً" استخدام القوة أو إجازة التدخل العسكري ضدّ اليمن، فقد اكتفى باتخاذ مجموعة من التدابير العقابية ذات الصبغة الاقتصادية إضافة إلى حظر توريد السلاح. وهو (أي القرار) لم يتضمن أي رخصة لأي دولة بالتدخل العسكري في اليمن أو حتى ممارسة أي دور في الأزمة اليمنية، سوى ما يتعلق بتقديم المساعدة على استئناف العملية السياسية ودعمها. والقرار كذلك عندما أوقع بعض العقوبات لم يمنح أي رخصة بممارسة أي من أشكال الحصار على اليمن مطلقاً، كما لم يمنح القرار أي دولة الحقّ في منع السفن أو الطائرات من الوصول إلى الموانئ والمطارات اليمنية أو حتى الحق في تفتيشها سوى في أراضي تلك الدول وموانئها حصرياً، وبهدف وحيد يتعلق بحظر وصول الأسلحة إلى الأطراف المشمولة بالعقوبات.
- القرار إجمالاً لم يكن موجهاً مطلقاً تجاه طرف يمني بعينه من أطراف الأزمة اليمنية، حتى في ظل تركيزه في بعض مطالبه على ما يطلق عليه طرف "الحوثيين وصالح"، إلا أن معظم مطالبه والتزاماته ظلت موجهة للأطراف اليمنية كافة، بل ولقوى التدخل نفسها وللأمين العام للأمم المتحدة.
- أظهر السياق العام للقرار أن رؤية المجلس لدوره في الأزمة اليمنية لم يتحول عمّا درج عليه في قراراته السابقة حتى مع وضعه لليمن تحت الفصل السابع الذي لم يكن بحد ذاته اجراءً جديداً تفرد به القرار (2216). إذ اهتم القرار (2216) بتأكيد دور المجلس، كأداة للتسوية، وركز على استئناف العملية السياسية، وعلى توفير حل سلمي توافقي شامل للأطراف اليمنية كافة. ناهيك عن تأكيد عدد من نصوص القرار على حرص مجلس الأمن على استقرار اليمن وأمنه ووحدته وسلامته الإقليمية وتحذيره من خطر الإرهاب.
- برغم تأكيد القرار على دور مجلس الأمن في الأزمة اليمنية كأداة للتسوية، وابتعاده عن مسألة إجازة التدخل أو استخدام القوة ضد اليمن، إلا أنه بدا في معظم ألفاظه منحازاً لجانب قوى التدخل السعودي. ولكن ذلك التحيز عموماً لم يُلَّبْ سقف تطلعات تلك القوى بمنحها أي مستند قانوني أممي لشرعنة تدخلها القائم حينها فعلياً ضد اليمن.
- القرار من الناحية الوظيفية المتعلقة برؤية مجلس الأمن لدوره في الأزمة اليمنية لم يستوعب بشكل موضوعي وواقعي احداثيات تطورات الأحداث السياسية والميدانية، ولا تحولات ميزان القوى على الساحة اليمنية بعد 21 سبتمبر 2014م. وذلك يأتي كنتيجة بالطبع لتحيزاته المسبقة لجانب قوى التدخل. وبالتالي فمن غير المتوقع (من وجهة نظر الباحث) أن يؤدي القرار "لوحده" دوراً حاسماً كأساس مرجعي مُفترَض قادر على تسوية الأزمة اليمنية وفقاً لما يجري مؤخراً في الكويت من مشاورات بين أطراف الأزمة اليمنية. ويتوقع الباحث أن مجريات التفاوض ومخرجاته المتوقعة في حال نجاحه ستتجاوز بنود القرار (2216) إلى ما هو أكثر واقعيةً وعملانيةً من الحلول الممكنة للأزمة اليمنية.
الخاتمــة
بالنظر إلى الخلاصات التحليلية سالفة الذكر، ووفقاً لمحتوى القرار (2216) ومضامينه وأهدافه؛ يمكن بكل ثقة ومن ناحية منهاجية، التأكيد على أن ما قامت به السعودية وحلفاؤها (ولا تزال تقوم به) من تدخل عسكري مباشر ضدّ اليمن عبر القصف الجوي، وغير مباشر عبر دعمها للأطراف اليمنية المتحالفة معها، وعبر استجلابها لأفراد من قواتها المسلحة إلى الأراضي اليمنية، وإدخالها كذلك لأفراد مرتزقة من دول أخرى؛ كل ذلك يُعدُّ بالتأكيد "عدواناً سافراً" على اليمن بالمخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية، وهو كذلك يُعدُّ انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن (2216) ذاته، ولكل قرارات مجلس الأمن السابقة ذات الصلة بالأزمة اليمنية. وذلك بدايةً من أن ما تمارسه قوى العدوان بحق اليمن يشكل تدخلاً صارخاً في الشؤون اليمنية دون سند قانوني، بل وبالمخالفة لأحكام القانون الدولي ذاته، ومروراً بما سببه ذلك العدوان (ولا يزال يسببه) من انتهاكات جسيمة لأمن اليمن واستقراره ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية، وما عمل (ولا يزال يعمل) على تهيئته من مناخات مواتية لتمدد الجماعات الإرهابية في المناطق الواقعة تحت سيطرته وسيطرة حلفائه من الأطراف اليمنية، وكذا بما سببه ذلك العدوان (ولا يزال يسببه) من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتدميرٍ للبنية التحتية وللمنشآت المحرّم استهدافها كالمستشفيات والمدارس، فضلاً عن أعمال الحصار الاقتصادي الذي يمارسه العدوان (ولا يزال يمارسه) ضدّ اليمن، بما في ذلك عرقلة انسياب وصول السلع الغذائية الأساسية والوقود والدواء، ومنعه وصول المساعدات الإنسانية. الأمر الذي يرقى بتوصيف تلك الأعمال والممارسات إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضدّ الانسانية، وفقاً للمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة. وهو ما أكدت عليه العديد من تقارير المنظمات الدولية المتخصصة.
ومما لا ريب فيه أن واقعة عدوان التحالف السعودي بتداعياتها المأساوية على اليمن واليمنيين على الأصعدة كلها تمنح اليمن الحق كاملاً في مواجهة ذلك باعتباره عدواناً سافراً، وذلك من منطلق قانوني شرعي يتعلق بمبدأ "حق الدول والشعوب في الدفاع عن النفس وصدّ العدوان"، وهو المبدأ الذي يقرُّه ميثاق الأمم المتحدة، وتقرُّه كذلك الشرائع الإلهية والوضعية كافة.
وبالتالي، يصبح من الأهمية بمكان، وفقاً لكل ما تقدّم في هذه الدراسة، ووفقاً لأبعاد الأزمة اليمنية، وما يدور حولها من متغيرات تتعلق بأدوار القوى اليمنية أطراف الأزمة والطرف الأممي ممثلاً بمجلس الأمن والدول التي تشن عدوانها على اليمن؛ أن تنطلق أي محاولة لفهم تلك الأزمة وتحليلها ومحاولة حلها من عدة معطيات موضوعية لعل من أبرزها:
- إن الأزمة بحد ذاتها تُعدُّ شأناً داخلياً، وأن ما تمارسه السعودية وحلفاؤها يُعدُّ تدخلاً سافراً في ذلك الشأن.
- وإن رؤية المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن للأزمة اليمنية تقوم على أساس غير تدخلي سلمي تشاركي وشامل، وهي رؤية لا تتضمن أي رغبة في السماح بأي تدخل عسكري ضد اليمن.
- وإن ما يواجهه اليمن من تدخل عسكري يُعدُّ عدواناً سافراً.
- وإن أي حل لهذه الأزمة لا يمكن أن يتحقق بشكل سلمي ودائم إلا إذا تضمن إزالة أي مظاهر وتداعيات لذلك العدوان.
- وإن ذلك الحلّ المنتظر لا بد أن يعود ليكون حلاً وطنياً صرفاً دون أي تدخلات خارجية، حلاً يقوم على أساس الشراكة الوطنية والتوافق، حلاً يستوعب بمرونة "إيجابية" طبيعة التحولات الراهنة في موازين القوى على الساحة السياسية اليمنية، دون أن يعني ذلك "الاستيعاب" القبول مطلقاً بأي مظاهر لسلوك سياسي يستهدف الاستحواذ أو الإقصاء للآخر المخالف سياسياً.
([1]) للاطلاع على محتوى تلك القرارات:
عمار شرعان، أهم قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، المركز الديمقراطي العربي في الشرق الأوسط؛ متوفر على الرابط:
http://democraticac.de/?p=15622
([2]) تعتمد هذه الجزئية بصفة رئيسية على المصادر التالية:
- جمال ناصر جبار الزيداوي، الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة؛ تطبيقه وآثاره على العراق؛ متوفر على الرابط: www.hamoudi.org/dialogue-of-intellenct/07/05.htm
- ثائر السهلي، الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة: هل يخدم «السلام الدولي» أم مصالح الكبار دون غيرهم؟!، متوفر على الرابط: www.alhourriah.org/?page=ShowDetails&Id=635&table=articles
- التدابير المتخذة بخصوص حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، متوفر على موقع مجلس الأمن على الرابط:
http://www.un.org/ar/sc/repertoire/faq.shtml#_Toc272841901
- التدابير المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان (الفصل السابع والمواد ذات الصلة)، متوفر على موقع مجلس الأمن على الرابط:
http://www.un.org/ar/sc/repertoire/actions.shtml
([3]) تعتمد هذه الجزئية بصفة رئيسية على وثيقة نص قرار مجلس الأمن 2216 (2015)؛ للرجوع إلى نص القرار، أنظر الملحق، ص 35؛ متوفر على الرابط:
http://www.un.org/ar/sc/
([4]) جمال ناصر جبار الزيداوي، مرجع سابق.
([5]) إلى جانب الدول الخمس أعضاء المجلس دائمة العضوية (أميركا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا)، احتلت عشر دول المقاعد غير الدائمة ضمن عضوية المجلس وهي: (الأردن، أسبانيا، انغولا، تشاد، تشيلي، فنزويلا، ليتوانيا، ماليزيا، نيجيريا، ونيوزلندا). وقد حضر مندوب اليمن في الأمم المتحدة المعين من الرئيس المستقيل هادي ممثلاً لليمن صاحبة الشأن بحسب لوائح المجلس.
([6]) ينظر: في ذلك الشأن محضر الجلسة (7426)، لمجلس الأمن بخصوص إصدار القرار 2216 تحت عنوان: "مجلس الأمن يطالب بإيقاف العنف في اليمن، ويفرض عقوبات على الأشخاص الذين يزعزعون استقرار اليمن"؛ متوفر على موقع الأمم المتحدة على الرابط:
http://www.un.org/press/en/2015/sc11859.doc.htm
(([7] أصدرت الخارجية الروسية بياناً في 15 أبريل 2015 م تبين فيه أسباب امتناعها عن التصويت؛ حيث ردت ذلك إلى عدم تركيز القرار المقترح على "المهام التي تطرحها الأزمة اليمنية وهي الوقف الفوري للقتال واستئناف المفاوضات في إطار العملية السياسية اليمنية". وأشار البيان إلى أن روسيا اقترحت إجراء تغييرات من شأنها تهيئة القرار المقترح لتحقيق تلك المهام، "ولكن بعض التغييرات العامة التي اقترحناها لم تؤخذ في الاعتبار، وهي تحديداً مطالبة أطراف المواجهة المسلحة كافة بوقف إطلاق النار، وفرض هدن انسانية منتظمة، وحظر تصدير الأسلحة إلى الأطراف اليمنية كافة". وأكد البيان أيضاً "أنّ موسكو، والعديد من بلدان المنطقة تقف ضد حل الصراع في اليمن بالوسائل العسكرية", مشددًاً "على عدم جواز استخدام القرار الصادر لتصعيد المواجهة، وضرورة البحث عن حل سلمي يأخذ في عين الاعتبار مصالح جميع اليمنيين". نص البيان متوفر على الرابط:
http://arabic.sputniknews/russia/20150415/1014017195html