توطئة
بقراءة موضوعية نتناول دور ثورة 21 سبتمبر في تصحيح مسار ثورة فبراير2011 اليمنية من زاوية أنها ثورة البنادق الشعبية (سبتمبر) المكملة لمشوار ثورة فبراير الشبابية، التي صودرت كحلقة من حلقات السلسلة اليمنية التاريخية على الصعيد السياسي ونظام الحكم والمؤثرات الداخلية والخارجية والمناهج العقدية للشعب اليمني التي تتحرك بمعظمها في دائرة الإسلام الحنيف والمرتكز الأساس بعد قيام الثورة أو الثورة كيف ستكون نهايتها وهل ستنتهي عند استلام السلطة أم تستمر وفق خطط مرحلية وفق الحاجات والإمكانيات وقد قيل (الثورة مثلها مثل الرواية أصعب جزء فيها كيفية إنهائها)( ) وهل ستكون السلطة غاية كما بقية الثورات السابقة أم ستكون وسيلة لنصرة المستضعفين والمظلومين وتحقيق العدالة الاجتماعية ؟
والسؤال هنا... هل ينحصر دور ثورة سبتمبر في تصحيح مسار ثورة فب راير2011م؟ أم في تصحيح مسار ثورة سبتمبر 1962 أم تصحيح ومحو أثار حكم الإمامة التي تثقل بأعبائها حركة أنصار الله من خلال اتهام الآخرين لها بأنها تهدف لإحياء الإمامة وهذا ما يعيق حراكها السياسي نتيجة تحميلها أخطاء تجربة سياسية لم تك شريكة فيها، بل كانت أحد ضحاياها كسائر أطياف الشعب اليمني لذا فإنني أميل للاعتقاد بأن دور ثورة سبتمبر يشمل تصحيح مسارات المراحل السياسية الثلاث السابقة لأن الواقع الحالي هو نتاج فشل وفساد وقصور المراحل الثلاث مضافا إليها مؤثرات الاحتلال البريطاني والتدخل السعودي، ولذا سأحصر القراءة والتحليل بالفترة الزمنية من (عام 1962م إلى 2014م ) أي من الثورة سبتمبر 1962 إلى ثورة سبتمبر 2014 وبينهما ثورة فبراير 2011م، حيث شهد اليمن تغييرات سياسية حادة يمكن حصرها بالعناوين الرئيسية التالية:
- إسقاط حكم الإمام وقيام النظام الجمهوري (1962م).
- استقلال الجنوب وانتهاء الاستعمار البريطاني وعدم الوحد بين الجنوب والشمال (1967).
- وحدة اليمن (1990 -2011م)
- ثورة فبراير 2011م.
- ثورة سبتمبر2014 (الحركة التصحيحية).
أهداف ثورة سبتمبر 1962م.
إن ثورة سبتمبر1962م قامت ضد حكم الإمامة بقيادة حركة الضباط الأحرار بمحاكاة لثورة يوليو في مصر بقيادة الضباط الأحرار وأعلنت أهدافها التالية:
1 - التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
2 - بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.
3- رفع مستوى الشّعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.
4- إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.
5- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.
6-احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسّك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز، والعمل على اقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم.
إن الأطراف المشتركة في ثورة 1962م كانت داخلية وخارجية وتتوزع على محورين إثنين:
المحور العربي التقدمي بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
المحور العربي الرجعي بقياد الملك السعودي فيصل آل سعود.
لقد تصارع المحوران على الأرض اليمنية عسكرياً وسياسياً، حيث تدخل الجيش المصري لدعم الثورة لمواجهة الدعم السعودي للقبائل والموالين للإمام والأطراف المناهضة للثورة للإبقاء على النفوذ السعودي في الداخل اليمني ولحماية مكتسبات السعودية في الجغرافيا اليمنية عبر الاحتلال المقنع بالمعاهدة والمقايضة اليمنية – السعودية التي خسر فيها اليمنيون أقاليم عسير ونجران وجيزان مقابل عطاءات مالية ومنح اليمنيين حرية العمل في السعودية ومن النتائج السياسية لثورة سبتمبر 1962 ما يلي:
إسقاط حكم الإمامة وقيام الجمهورية العربية اليمنية بدعم من الرئيس جمال عبد الناصر أو ما سمي بحرب اليمن التي خاضتها السعودية ضد مصر بدعمها للملكية المتوكلية في إطار الصراع المصري – السعودي للسيطرة على اليمن وزيادة نقاط القوة لكلٍ منهما في العالم العربي.
دعم السعودية لحكم المملكة المتوكلية للحفاظ على المصالح السعودية في اليمن، وضمان استمرارية المعاهدة الموقعة بين الطرفين بعيداً عن الموقف العقدي والمذهبي بين الوهابية السعودية والإمام الزيدي وقد شارك في الحرب أيضاً البريطانيون والأردن والعدو الإسرائيلي( )، فقد ذكر الباحث ألكساندر بلاي من معهد ترومان في مقال كتبه في مجلة العلوم السياسية الفصلية "جيروزاليم كوارترلي"( ) تحت عنوان "نحو تعايش إسرائيلي - سعودي سلمي" إن المملكة السعودية وإسرائيل قامتا ببناء علاقة حميمة وكانتا على اتصال مستمر في أعقاب حدوث ثورة اليمن عام 1962بهدف ما أسماه "منع عدوهما المشترك" - أي عبد الناصر - من تسجيل انتصار عسكري في الجزيرة العربية . وذكر بلاي أنه أجرى مقابلة مع السفير الإسرائيلي السابق في لندن آهارون ريميز (1965 - 1970) الذي أعلمه أن الملك سعود والملك فيصل كانا على علاقة حميمة مع إسرائيل وعلى اتصال وثيق معها، وأكد الكاتب البريطاني فريد هاليدي ما ذكره الباحثان الآخران حيث ذكر في كتابه "الجزيرة العربية بلا سلاطين" أن الملك فيصل طلب من إسرائيل التدخل لحمايته من عبد الناصر أثناء حرب اليمن، وأن إسرائيل قامت بشحن كمية كبيرة من الأسلحة مستخدمة الطائرات البريطانية العسكرية، وأن صناديق الأسلحة ألقيت من الجو فوق مناطق الملكيين اليمنيين.
استقلال الجنوب عن الاستعمار البريطاني وتقسيم اليمن واقعياً عام 1967م وقيام الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية والتي كانت الدولة الماركسية الوحيدة في العالم بدين رسمي وهو الإسلام ( )، مما يدحض مقولة الصراع المذهبي ويؤكد صفة الصراع السياسي المتدثر بالشعارات المذهبية والدينية، نتيجة اقتناع الغرب بأنه الوسيلة الأكثر سهولة لتحقيق مصالحه وتقسيم الأمة والكيانات وإشعال الفتن المدمرة للأمة، فيوعز لأدواته الإقليمية السياسية والدينية لتغيير تحالفاتها وفق خططه المتغيرة وفق المكان والزمان والوقائع لحفظ مصالحه الذاتية دون اعتبار لمصالح أدواته، وذلك وفق استراتيجية الربح بدماء الآخرين أو الحرب البديلة التي أوصت بها مراكز الدراسات الأميركية والصهيونية.
ويتبين من النتائج فشل ثورة سبتمبر 1962م في الحفاظ على وحدة اليمن، بالرغم من قيامها بدعم ثورة الجنوب واحتضان مقاتليها، وكذا في استعادة أراضي اليمن التاريخية، فتم التفريط بالوحدة السياسية ووحدة الجغرافيا وانتهكت السيادة ولم تستطع تحقيق العدالة الاجتماعية وأبقت على التمييز ومنهج الإنماء غير المتوازن ولم تتحرر من آثار الاستعمار الخفي والظاهر.
دولة الوحدة (22/5/1990).
تتميز المنظومة السياسية اليمنية بكثرة توقيع الاتفاقيات، ومن ثم الانقلاب عليها خاصة منذ قيام دولتي اليمن الجنوبي والشمالي، بالإضافة لتعدد أسماء مؤتمرات الحوار وكثرة اللاعبين الداخليين أحزابا وقبائل وشخصيات ودولاً خارجية، والميزة الأهم تتمثل بعدم صمود الاتفاقيات لفترات طويلة، مما رسخ ثقافة عدم الثقة المتبادلة والتوجس والخوف الدائم عند الأطراف المتفقة وجعلها تحتفظ دائما بالخطة البديلة والباطنية السياسية، وظهر ذلك جلياً في اتفاقية الوحدة بين اليمنين عام 1990م والتي صمد مفعولها السياسي (الوحدة) ولم يصمد اتفاق الموقعين عليها، حيث أنتجت الممارسات السياسية والأمنية فشل المشاركة في النظام الواحد بين الجنوب والشمال وكانت ذروتها بما يعرف بالحرب الأهلية عام 1994م بين الشمال والجنوب الموحدة نظريا وانتهت بإقصاء الرئيس علي سالم البيض وقيادات الجنوب من مؤسسات نظام الوحدة وفرارهم إلى الخارج وجعلت حصان الوحدة (أعرجاً) بالإضافة إلي أن نظام الوحدة قد أقصى أحد مكونات الشعب اليمني في الشمال (صعدة) ومنعهم من المشاركة السياسية في تقرير مصير اليمن، ثم شن ستة حروب متتالية منذ العام 2004م على حركة أنصار الله والتي عرفت في الأعوام الماضية بـ (الحركة الحوثية) نسبة إلى قادتها من آل الحوثي، وهذا ما جعل نظام الوحدة يخسر المكون الجنوبي والشمالي (صعدة) مع غض النظر أو المساكنة مع جحافل القاعدة والعائدين من أفغانستان (الأفغان العرب )، وبدأت عوامل التفكك ومداميك الحركات الاحتجاجية المتعددة ضد نظام صالح والذي انفجر بالتلازم مع الثورات الشعبية في تونس ومصر وغيرها وظهرت ثورة فبراير2011 .
ثورة فبراير 2011م
إن ثورة فبراير 2011 أو ما عرف بثورة الشباب اليمني في سياق ما سمي بالربيع العربي بالتزامن مع الثورات الشعبية في الدول العربية، بدأت بحراك شعبي داخلي للتغيير والإصلاح لما فيه مصلحة الشعب اليمني بكل أطيافه دون تأثير خارجي في الظاهر، سرعان ما اصطدمت بالعقبات الداخلية والخارجية وتبدل التحالفات وتعثر المسيرة الثورية وبقائها في دائرة المراوحة والتعثر بل والتآكل وتهميش القوى المبادرة والمشاركة فيها وانتقال القرار من القواعد الشعبية إلى مراكز القرار الفوقية على مستوى الداخل والخارج، واحتوائها عبر المبادرة الخليجية، التي عملت على تدجين الثورة وإجهاضها وفرض تسويات سياسية شكلية دون تغيير في الجوهر والمنظومة السياسية والإدارية، وصولاً لتدويلها عبر المبعوث الأممي الخاص باليمن جمال بن عمر( )، وتعيين سير آجلان دناكن مبعوثاً خاصاً لبريطانيا في اليمن، بالإضافة إلى رئيس بعثة دول مجلس التعاون الخليجي السفير سعد العريفي، والسفير السعودي علي بن محمد الحمدان الذي عُيِّن رئيساً للجنة السعودية الخاصة المعنية باليمن، لمواكبة إعادة تكوين السلطة مما يعرضها للانحراف عن شعاراتها الأساسية والأهداف المرجوة وفقاً لمصالح المشاركين في هندسة الأولويات والمصالح وصولاً لتغليب المصالح الخارجية على الداخلية وصولاً إلى سرقتها من أيدي اليمنيين وإبقائهم وقوداً لها دون حصاد للمكتسبات وضياع القرار السيادي المستقل والحر، حيث أصبح هؤلاء المبعوثون شركاءً في العملية السياسية بل وتحولوا إلى قادة يصدرون الأوامر للقوى السياسية وأركان النظام لتنفيذها دون نقاش وإلا تعرضوا للمسائلة والعقاب بحجة عرقلة العملية السياسية كما حدث ضد الرئيس علي عبد الله صالح وقادة أنصار الله( ).
أهداف ثورة 11 فبراير ( ):
- إسقاط النظام الفردي الأسري الاستبدادي.
- بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تكفل الحقوق والحريات العامة وتقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات واللامركزية الفاعلة.
- تحقيق نهضة تعليمية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني وتستعيد مكانته الحضارية.
- بناء اقتصاد وطني قوي يكفل حياة كريمة للمواطنين.
- إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية حديثة وبما يضمن حياديتها.
- استقلالية السلطة القضائية بما يضمن تطبيق العدل والمساواة.
ويتبين أن الشعارات والأهداف قد تمت صياغتها على عجل دون تخطيط وبشكل انفعالي يفتقر إلى وجود المشروع البديل الجاهز لاستلام السلطة وإدارة البلاد وتحديد الآليات والوسائل والكفاءات القادرة على تحقيق الأهداف المرسومة، وأكتفت الثورة بتحقيق الهدف الأول وهو إسقاط الرئيس علي عبد الله صالح دون إسقاط النظام والمنظومة الحاكمة، ولم تتعرض الثورة للمشاكل البنيوية لليمن وخاصة قضية الجنوب ووحدة اليمن، مما سهل عملية مصادرتها بسبب غياب القيادة الموحدة والقادرة والمشروع الاستراتيجي البديل، وقد قال فيديل كاسترو (بدأت الثورة ب82 رجلا ولو فعلتها مرة أخرى لفعلتها ب10 أو 15 رجلاً فقط ولكن بإيمان كامل ...لا يهم صغر حجمك إذا كان لديك خطة العمل )! وقال السيد عبد الملك في خطاب عاشوراء (يجب أن تستفيد من الحسين وتتمسك بمشروعه وتحمل روحيته وتقتبس من عزمه وثباته والقيم والروحية والعزيمة والرؤية الحسينية، هي الضمانة لاستمرارية الثورات العربية حتى تحقيق أهدافها في مواجهة مسار احتوائها، لأن هناك جهداً كبيراً ومكائد كبيرة ومكر كبير لاحتواء الثورات العربية وإفشالها للحيلولة دون تحقيق أهدافها ولذلك يجب أن نقتبس في ثوراتنا من روحية الحسين (ع) من ثباته من عزمه وحينها لن يستطيع أحد أن يقف بوجهنا مهما حاول مهما كان كيده ومكره مهما كانت التحديات والضغوط)
ثورة 21 سبتمبر 2014م (الحركة التصحيحية)
لم تتنكر ثورة سبتمبر2014 لثورة فبراير 2011 بل اعترفت بها وأسست على نتائجها وبنت مشروعها على مخرجات ونتائج ثورة فبراير وأكدت أنها استمرارية لها لإعادة تصويب المسار واستعادة القرار وزمام المبادرة للشعب اليمني من المبعوثين الخارجيين ومن متسلقي ولصوص الثورة حيث قال السيد عبد الملك الحوثي في خطاب الانتصار "نبارك لشعبنا انتصار ثورته الشعبية التي أسست لمرحلة جديدة قائمة على التعاون والتكاتف في اليمن "مؤكداً أنه" انتصار لكل الشعب وكل مكوناته .وأكد "لسنا في وارد الثأر أو الانتقام "مطالباً بـ "الشراكة بدلاً من الاقصاء". وقد رفعت الثورة ثلاثة أهداف رئيسية هي:
الهدف الأول: اسقاط الجرعة السعرية وإعادة الدعم للمشتقات النفطية الذي ألغته حكومة الوفاق.
الهدف الثاني: اسقاط حكومة الوفاق الوطني الفاشلة والفاسدة.
الثالث: تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي توافق عليها اليمنيون وتم وضعها في الأدراج.
يمكن اعتبار ثورة سبتمبر بأنها الحركة التصحيحية لمسيرة ثورة فبراير، أو الحشوة السياسية الدافعة بعد معاناة من التمييع والتباطؤ في تحقيق أهداف الثورة وذلك بقيادة حركة أنصار الله وبالتحالف مع القبائل ومواطنين مؤيدين لحزب المؤتمر الشعبي العام وبعض الأحزاب الأخرى التي أصيبت بخيبة أمل من التسوية التي فرضتها المبادرة الخليجية والتي يمكن تلخيص أهدافها وفق محورين:
المحور الأول: البنود الستة عشر في اتفاق السلم والشراكة الوطنية( ) الذي وقعت عليه جميع القوى السياسية بعد ثورة 21 سبتمبر 2014 الذي جاء في مقدمته ( بناءً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي توافقت عليها جميع المكونات اليمنية والتي أرست أسس بناء دولة يمنية اتحادية ديموقراطية جديدة مبنية على مبادئ سيادة القانون والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد، والتزاماً بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، واستجابة لمطالب الشعب في التغيير السلمي وإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية وتحقيق الرفاه الاقتصادي، وخدمة للمصلحة الوطنية العليا، وتجسيداً للشراكة والتوافق في التشخيص والحلول والتنفيذ، والتزاماً باستقرار البلاد وتحقيق مستقبل ديموقراطي واعد ومشرق، ومن أجل الوحدة الوطنية وبناء السلام وتعزيزه، تلتزم الأطراف الموقعة ببنوده الكاملة)
المحور الثاني: مقررات "اللقاء التشاوري لعقلاء وحكماء اليمن" للدلالة على الدور الذي تضطلع فيه والمهام والمسؤوليات التي تقع على عاتقها على المستويين الداخلي والخارجي حيث أكد اللقاء على البنود التالية:
إن دور ثورة 21 سبتمبر يتوزع على محورين إثنين على صعيد الدور الجيوسياسي في الداخل والخارج، لأن للداخل اليمني تداعياته الخارجية على صعيد الوضع الإقليمي كجزء من المشهد السياسي العربي والإسلامي فهو عضو في جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو يمتلك مفاتيح باب المندب وهو عضو الأمم المتحدة، بالإضافة للموقع الجيوسياسي لليمن وأهمية هوية النظام الحكم فيه على صعيد الشرق الأوسط والأمن العالمي، فهو بوابة العرب المائية على مضيق باب المندب وإمدادات النفط العالمي باعتباره الممر الذي تعبر منه إمدادات النفط المصدر إلى الأسواق الأوروبية وإلى الولايات المتحدة من منطقة الخليج إحدى أهم مناطق الإنتاج النفطي في العالم، وتقدر الكميات التي تصدر يوميا ما بين 15 إلى 20 مليون برميل تبلغ حصة المملكة العربية السعودية وحدها 10 ملايين برميل، بالإضافة لتهديده الأمن الإسرائيلي من خلال إشرافه علي البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، لذا يمكن تحديد أدوار ثورة سبتمبر2014 وفق ما يلي:
الدور الداخلي:
ترميم العملية السياسية وتنفيذ مخرجات اتفاق السلم والشراكة.
الشراكة الوطنية وإلغاء منظومة الحزب الحاكم.
وحدة اليمن وعدم التقسيم ورفع المظلومية عن الجنوب.
تشكيل القيادة الوطنية الموحدة والواعية.
الواقعية السياسية والنضج الثوري.
مكافحة الفقر والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن.
مكافحة الفساد ومقاومة الحكم الكلِبتوقراطي (نظام اللصوص)
المراقبة الشعبية للحكومة وأجهزتها.
إصلاح أنظمة التعليم والصحة والإقتصاد الوطني.
مقاومة التكفير والتعصب المذهبي.
الدور الخارجي:
إسقاط مشروع الشرق الأوسط الأميركي الجديد.
دعم القضية الفلسطينية.
مقاومة التدخل الغربي - الاستعماري.
العمل ضمن منظومة الأمة الواحدة وعدم الانعزال قطرياً.
الدور الداخلي
ترميم العملية السياسية وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني
إن أولى المهام لثورة سبتمبر هو إعادة بناء الدولة اليمنية وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ومقررات اللقاء التشاوري لحكماء وعقلاء اليمن، وذلك وفق تسلسل بناء مؤسسات الحكم المدنية والعسكرية ويأتي في مقدمتها تشكيل الحكومة التي سترعى كتابة دستور جديد بمراجعة ما أنجزته اللجنة المشرفة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإجراء الانتخابات النيابية، وانتخابات رئاسة الجمهورية لتشكيل النظام السياسي، بما يكفل نجاح التعددية السياسية وتداول السلطة ومنع قيام الحكم الجمهوري - الملكي كما هو الحال في الدول العربية ذات الأنظمة الجمهورية التي بقي رؤساؤها أكثر من أربعين عاماً في الحكم ولم يتركوه إلا عند الوفاة أو القتل أو الانقلاب، بالإضافة إلى منع التوريث الحكمي والأوتوماتيكي الذي تبتلى فيه أكثر الأنظمة العربية ويمكن الاستئناس بمنظومة الترشح ومدة الولاية القصوى في الجمهورية الإسلامية في إيران التي بدلت سبعة رؤساء جمهورية في فترة 35 عاماً ويجري اختيار الوزراء على أساس الكفاءة والانتماء الوطني.
الشراكة الوطنية وإلغاء المحاصصة الحزبية
إن الشراكة الوطنية كلمة فضفاضة وتحتمل التأويل والمرونة اللغوية مما يجعلها عرضة للمزاجية والانتقائية وفق المصالح الفئوية، ولذا لابد من تعريف المكونات السياسية والشعبية للشعب اليمني بشكل واضح.
هل هي القوى السياسية المتمثلة بالأحزاب أو القبائل أو هيئات المجتمع المدني أو النقابات أو الشخصيات المستقلة أو كل هذه الأطياف وفق نسب تمثيلها الشعبي (النظام النسبي)؟ ... وهل ستبقى القبيلة مفردة ومكون سياسي على مستوى السياسة اليمنية؟ وهل سيكون التمثيل جهوياً أو مذهبياً أو سياسياً أو قبلياً؟
إن تحديد هذه التعريفات والمكونات يسهل عملية تأمين الشراكة الوطنية بشكلها الصحيح والحقيقي بعيداً عن المصادرة أو تزوير الإرادة الشعبية لعدم الوقوع في منظومة الحزب الحاكم أو الفرد - الزعيم أو احتكار السلطة أو الإقصاء، لضمان تداول السلطة ولإبقاء الجمهور العام ومطالبه حاجة وغاية للحاكم، مما يضطره لمراعاة مطالبها وتحقيقها بشكل مستمر بعيداً عن اللحظات الفولكلورية أيام الانتخابات.
رفع المظلومية عن الجنوب على قاعدة العدل ومنع التقسيم
إن الدور الأساس ثورة سبتمبر يتمثل بالحفاظ على وحدة اليمن على قاعدة المساواة وليس الإلغاء وعلى أساس أن الجميع يمنيون وليسوا شماليين وجنوبيين، لأن بقاء جمرة الإنفصال والشعور بالمظلومية عند أي فئة يمنية ستقوض أي عملية سياسية، وتساهم بشكل غير مقصود بتحقيق المشروع الأميركي للشرق الوسط الجديد القائم على التقسيم والتفتيت والتجزئة، ولابد من مغادرة التضامن السياسي والكلامي إلى الجرأة بطرح الحلول ليس على أساس التعويض بل على أساس الحقوق والواجبات مع مسؤولية الحراك الجنوبي الوطنية والقومية بمغادرة إشاراته الانفصالية والتقسيمية، لأنه في لحظة سابقة رضي بالوحدة على أساس تأمين حقوقه، فإذا ما استرجعها لا حجة له بالبقاء في دائرة الإنفصال .
تشكيل القيادة الوطنية الموحدة والواعية.
إن إحدى ثغرات ثورة 11 فبراير عدم وجود القيادة الحقيقية والقوية التي يمكن للشعب أن يسير بخيارها ومشروعها عند البدء ببناء النظام السياسي وهذا ما أكدته الوقائع، حيث أن ما عرف باللجنة التنظيمية لشباب ثورة فبراير لم تستطع أو لم يترك لها المجال للاستمرار بالثورة، لأنها اعتقدت أن بإمكانها تجاوز الواقع اليمني الديموغرافي والمجتمعي وقيادة البلاد بمفردها دون التحالف مع المكونات السياسية للشعب اليمني من القبائل والأحزاب، مما جعلها فريسة ضعيفة أمام قبيلة آل الأحمر ومجلس التعاون الخليجي والمبعوثين الدوليين والإقليميين، وتم تغييبها بالكامل عن كل المؤتمرات السياسية (مؤتمر الحوار الوطني - إتفاق السلم والشراكة - اللجنة الوطنية الرئاسية المنبثقة عن اللقاء الوطني الموسع) وإن شاركت فهي عديمة التأثير والفعالية حيث أعطيت شرف المشاركة الرمزية لا أكثر، وتم التعامل معها بأنها ثورة الفايسبوك الذي يمكن الغاؤها بمجرد إنقطاع الكهرباء أو الأنترنت ولم تعط في الحكومة الجديدة برئاسة بحاح النسبة التي تعترف بدورها في الثورة اليمنية، ولذا لابد للقائمين بثورة سبتمبر أخذ العبرة ممن سلف والتنبه والحذر حتى لا تصاب ثورتهم بما أصيبت به قيادة ثورة فبراير، فقد قيل (إن الثورة يفكر بها العقلاء ويقوم بها الشجعان ويجني ثمارها الأوغاد) فلا بد من التأكيد على ضرورة احتضان المكون الشبابي الثوري كرافد أساسي للتغيير باتجاه اليمن الجديد، على أساس الشراكة والوحدة والمواطنة، خاصة وأن فئة الشباب تشكل الشريحة الكبرى والمهيأة لإنجاز عملية الإصلاح، حيث أعلن الأمين العام للمجلس الوطني للسكان الدكتور أحمد على بورجي وجود زيادة مطلقة لفئة الشباب باليمن بالنسبة لإجمالي عدد السكان حيث ارتفع عددها خلال العام الحالي 2014 إلى 8.8 مليون نسمة بنسبة 33.8بالمائة من إجمالي عدد السكان ( )،حيث يعترف كثير ممن قاموا بثورة فبراير بسلسلة من الأخطاء، بدءاً بسيطرة فرع جماعة الإخوان المسلمين في البلاد (حزب الإصلاح)، وآل الأحمر على حركة الاحتجاج، وهو ما حول الثورة إلى صراع على السلطة بين صالح والإسلاميين المحافظين، وقال ماجد المذحجي، وهو ناشط شارك في الثورة مبكراً: "لقد أخذت الثورة في اتجاه مختلف، واستخدمت من قبل حزب الإصلاح للتفاوض مع صالح على حساب التطلعات الأساسية".
وقال منصور هايل: "تمتد جذور مشاكل اليمن الراهنة إلى فقدان الخطاب الشامل والوطني من قبل القوى التي ظهرت بعد ثورة عام 2011، مثل التجمع اليمني للإصلاح".
الواقعية السياسية والنضج الثوري
إن الواقعية السياسية ودراسة الظروف وفق الزمان والمكان والإمكانيات تتحكم بنتائج الفعل الثوري على مستوى النجاح والفشل و قراءة المشهد السياسي وفق البيئة المحيطة الموالية والمعارضة وعدم الإكتفاء بالبنادق المحمولة بأيدي الثوار، بل برؤية البنادق المصوبة ضد الثورة وعدم إهمال الجزئيات والقوى الضعيفة التي يمكن أن تتحالف وفق منظومة تقاطع المصالح والعدو الواحد والعمل لهزيمته للحفاظ على حقوقها وتحقيق طموحاتها وأحلامها، مما يفرض الحذر من التضخم المفرط والتوسع فوق الإمكانيات المفترضة وعدم الوقوع بالغرور والعجب بالنفس وهذا ما وقعت في بعضه ثورة فبراير اليمنية كما وقعت فيه ثورات الشباب العربية الصادقة والتي سرقت من بين أيديهم وصادرها إما التكفيريون أو الأنظمة الرجعية العربية والنفط العربي والخبث الأميركي والغربي.
مكافحة الفقر والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن
تبين الإحصاءات أن مستوى الفقر في اليمن قد تعدى الخطوط المسموح فيها دولياً؛ حيث أكد البنك الدولي أن نسبة الفقر في اليمن وصلت إلى أكثر من 54% من عدد السكان، وهو ما يساوي أكثر من 12 مليون فقير من إجمالي عدد سكان البلد المقدر بـ 24 مليون نسمة قال مدير مكتب البنك الدولي بصنعاء وائل زقوت: "إن نسبة الفقر في اليمن تتراوح الآن بين 52 و 54% بعد أن كانت في حدود 39% قبل اندلاع الأزمة مطلع العام الماضي 2011، وإن الثروة تتركز في خمس سكان اليمن "الأغنى يستأثرون بنسبة 67 في المائة من دخل اليمن وبمبلغ يقدر بـ 1.581 تريليون ريال أي نحو 7.3 مليار دولار والخمس الثاني الأفقر من سكان اليمن يحصل على 4.7 في المائة من دخل البلاد، فيما يبلغ نصيب الخمس الثالث 9.1 في المائة، والخمس الرابع 17.7 في المائة بالإضافة إلى ارتفاع مؤشرات الأمية بين النساء خاصة في الريف، وارتفاع عدد النساء العاملات بدون أجر في الريف يدل على أن النساء أكثر معاناة من الفقر مقارنة بالرجال، وعلى الرغم من أهمية قوة عمل المرأة في تخفيف وطأة الفقر على الأسرة، إلا أن ظروف الأمية وانعدام المهارات المهنية والموروث الثقافي عوامل أثرت سلباً في إطلاق طاقات عمل المرأة وإبداعاتها الإنتاجية.
مكافحة الفساد وإسقاط الحكم الكلِبتوقراطي (نظام اللصوص).
إن مكافحة الفساد عملية مستمرة وليست موسمية وتبدأ بالتربية الأهلية ثم المنظومة الدينية والأخلاقية وآخر مراحلها القصاص والعقوبات القانونية، والفساد هو المرض المنتشر في الحكومات وبعض الأحزاب وبعض الشخصيات الاجتماعية وحتى الدينية التي تغلف فسادها بالقداسة والفتوى الدينية المشبوهة، ومنظومة الفساد تنتج نظام الحكم الكلبتوقراطي (حكم اللصوص) الذي ينهب الدولة ويصادر الأموال العامة ويتصرف بها على أساس الملكية الخاصة، ثم يشتري فيها الذمم وأصوات الناخبين في كل جولة انتخابية لضمان بقائه في الحكم، وهذا ما يستدعي إقرار وتفعيل أجهزة الرقابة والقضاء، لأن الفساد يمثل القنبلة الموقوتة لتفجير أي نظام حكم أو أي حركة ثورية وإصلاحية وعلى حركة أنصار الله بصفتها الريادية لثورة سبتمبر أن تعطي المثل والنموذج الإصلاحي المتميز أمام الله والشعب لتضمن نجاح حركتها الإصلاحية وفق المنهج القرآني القائل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )( ).
مشاكل التعليم في اليمن
إن نسبة الأمية في اليمن تتفاوت بين الذكور والإناث وتأتي لصالح الذكور ويظهر أن نسبة الأميـات من الشابات بلغت حوالي 66،6% وعند الـذكور تنخفض لتبلغ 26.3 % وبالمثل يلاحظ أن نصيب الإناث أقل من الذكور في الحصول على مستوى تعليمي متوسط أو أعلى حيث يلاحظ أن نسبة الحاصلين على تعليم جامعي بلغت حوالي 3% عند الإناث و14.5 عند الذكور بمجموع لا يتعدى 18%، مما يؤكد افتقار اليمن للكفاءات العلمية والمتخصصة التي تشكل العمود الفقري للتطور الصناعي والزراعي والتنموي الذي ينقل اليمن إلى دائرة الاكتفاء الذاتي أو التوازن الاقتصادي بين الصادرات والواردات، وهذا ما يفرض على الثورة ضرورة دعم التعليم الرسمي بكل مستوياته وبناء المدارس والمعاهد والجامعات في الريف والمدن وتأمين الكوادر العلمية والتربوية من أساتذة وخبراء لمكافحة الأمية والجهل لسد الطريق أمام الأفكار الجاهلية والتكفيرية، التي تنتشر بين العامة من خلال التلقين الشفهي والخطابة دون إعطائها حق التأكد من المعلومات ويجعلها ضحية التزوير والتلفيق بناءً على مقولة السلفيين أتباع ابن تيمية والوهابية وداعش بتحريم العلوم والرياضيات والفلسفة والمنطق ووصفها بالشرك والزندقة والالحاد.
مقاومة التكفير والتعصب المذهبي
إن الدور الأساسي للثورة يتمثل بسحب فتيل الفتنة المذهبية في اليمن والذي يمثل سلاح الإدارة الأميركية والتدخل السعودي خاصة وفق المنهج الوهابي التكفيري والذي يقسم المسلمين ويكفر معظمهم ممن يخالفونه الرأي العقدي ويسيل الدماء ويقوض الأمن والاستقرار اليمني، ويقف سداً أمام بناء المجتمع الواحد والكيان الواحد عبر سمومه التكفيرية والمجازر التي يرتكبها، والاستنزاف الدائم للدولة والشعب عبر زراعة تنظيم القاعدة والجماعات التكفيرية التي تعيث في اليمن قتلاً ومجازراً، لذا فإن مسؤولية قيادة الحركة التصحيحية لثورة سبتمبر أن تنشر الخطاب الوحدوي مقترناً بالممارسة السلوكية التي لا تثير العصبيات المذهبية والعمل على توسيع المساحة المشتركة والابتعاد عن الأمور الخلافية وفق الإمكانيات المتاحة وتظهير الصراع على حقيقته بأنه صراع سياسي وليس مذهبياً وإظهار الأدلة من خلال ما يجري في تونس بين النهضة وأنصار الشريعة وكلاهما من أهل السنة، وكذلك ما يجري في ليبيا وهم من أهل السنة، وما يجري في مصر سواءً بين الأخوان المسلمين والنظام أو بين أنصار بيت المقدس الذين بايعوا داعش التكفيرية وقتلها للجنود المصريين في سيناء وتفجير منازل مسؤولي فتح في غزة وجميعهم من أهل السنة، دون القيام بأي عملية ضد العدو الإسرائيلي، والأكثر دلالة على الصفة السياسية للصراع هو الخلاف السعودي القطري وكلاهما من المذهب الوهابي لكن لكل منهما دوره المرسوم أميركياً، فهل يمكن وصف الصراع بأنه مذهبي؟!
الدور الخارجي
إن الشعار السياسي لحركة أنصار الله يحدد ماهية أهدافها ودورها وساحة تحركها الميداني والسياسي، حيث يؤكد الشعار على ما يلي:
(الله أكبر - الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل - اللعنة على اليهود - النصر للإسلام).
إسقاط مشروع الشرق الأوسط الأميركي الجديد
عندما يرفع شعار الموت لأميركا يعني موت المشروع الأميركي والجبروت الاستعماري والذي لا يمكن هزيمته بالدعاء فقط، بل بالمقاومة والجهاد بمستوياته المتعددة وفق الزمان والمكان والإمكانيات، ولذا فإن دور الثورة التصدي للمشاريع الأميركية ضد اليمن وبقية الأمة العربية والإسلامية وفق الأولويات والقدرات وتسخير مقومات القوة الجيوسياسية والبشرية والإعلامية، وفق وحدة جبهات المقاومة ضدة جبهة التحالف الدولي بقيادة أميركا لقيادة العالم بواسطة الأدوات بدل الغزو المباشر الذي ثبت فشله في العراق وأفغانستان كما قال زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأميركي السابق .
دعم القضية الفلسطينية
يعني العمل لزوال الكيان الصهيوني من الوجود، وتحرير فلسطين والمسجد الأقصى واستعادة الحقوق المغتصبة مما يحتم على الثورة اليمنية أن تتحمل مسؤوليتها في موجبات المقاومة الشاملة للمشروع الصهيوني بالمعطى الحقيقي والميداني وليس بالتضامن الخطابي وإطلاق الشعارات، وهذا ما يجعل قدرات الشعب اليمني في خدمة مشروع المقاومة الشاملة لأن المشروع الأميركي –الصهيوني لا يستثني اليمن من مخططاته الخبيثة و الاستعمارية منذ التدخل الاستعماري البريطاني في اليمن والعالم العربي، وقد يستغرب الكثيرون تفرد حركة أنصار الله برفع شعار اللعنة على اليهود عن كل شعارات الحركات الإسلامية والقومية والوطنية مع سؤال مكتوم يحمل صفة الاستهجان، وأعتقد أن استثنائية الشعار بسبب الخصوصية اليمنية واستشراف المستقبل ومقاومة ما يخطط له من قبل الصهيونية العالمية وحلفائها الغربيون، حيث يؤكد الشعار على الموقف من اليهود بناء على ركائز ثلاث:
- العقيدة الإسلامية وفق المنهج القرآني غير المختلف عليه عند كل المذاهب الإسلامية (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ) ( ).
- الموقف السياسي المناهض للصهيونية والرافض لاحتلال فلسطين والمسجد الأقصى وتهجير الشعب الفلسطيني.
- مجابهة المخطط الصهيوني لإعادة إحياء "يهودية اليمن" وأنها الموطن الأصلي لليهود منذ النبي إبراهيم (ع) بعدما فشلت الصهيونية في إثبات أي آثار أو روايات تاريخية تدعم موقفها باستعادة الوطن الأصلي لليهود في فلسطين وهذا ما ذهب إليه بعض المؤرخين اليهود مثال "شلومو ساند"، أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، الذي يعلن صراحة أن غرضه هو تفنيد ادعاءات اليهود بحق تاريخي في أرض فلسطين، ووقع فيه أيضاً بعض الباحثين العرب عن غير قصد لعدم أحقية اليهود بفلسطين فذهبوا إلى التأكيد أن قدس اليهود ليس في فلسطين بل في اليمن! حيث أكد الباحث العراقي الدكتور فاضل الربيعي، خلال أمسية نظمها فرع رابطة الكتاب الأردنيين في مدينة الزرقاء ( ) (أن "جبل قدس" يقع في منطقة تعز في جنوب غرب عدن باليمن، فيما الوصف الجغرافي للوصول إلى "جبل قدس" يحتم المرور بجبال ووديان موجودة في اليمن") وبناءً عليه فإن دور الثورة الإضاءة على هذا المخطط ومقاومته استباقياً قبل أن يصبح الجميع بموقع ردة الفعل.
مقاومة التدخل الغربي - الاستعماري
إن شعار النصر للإسلام يفرض وجوب الإعداد للنصر بكل مقوماته (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ، وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)( ) مما يعني أن دور الشعب اليمني ليس محصوراً بالداخل اليمني بل بالخارج على مستوى الأمة الإسلامية والعربية، ومقاومة التدخل الغربي في الدول الإسلامية وقهر شعوبها، مما يحتم ضرورة مناصرة حركات المقاومة والشعوب المستضعفة حتى لا يسقط مشروع المقاومة باستفراد مكوناته الواحد بعد الآخر .
العمل ضمن منظومة الأمة الواحدة وعدم الانعزال قطرياً
لقد قال السيد عبد الملك (نحن جزء من أمتنا نحمل همها وآلامها وآمالها ونمقت النظرة الجزئية والتفكير المنطلق من الأنانية الذي أهلك الأمة الإسلامية وعمق حالة الفرقة والشتات) ( ).
وذلك امتثالاً للحديث الشريف (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) ولذا فإن العمل في الداخل اليمني مرتبط بالخارج ليس بمعنى التبعية بل وفق منطق الترابط في الحدث، على مستوى العدو الواحد والهدف الموحد لحماية الشعوب والأوطان والثروات والهوية الموحدة الدينية والحضارية.
ويبقى السؤال ...ماذا أنجزت الثورة منذ قيامها؟
إن قراءة منجزات ثورة 21 سبتمبر2014 مع عمرها القصير تؤكد على كثافة الإنجازات المرحلية المباشرة والاستراتيجية، التي تضع مداميك تأسيس المستقبل السياسي اليمني، وذلك ثمرة صمود حركة أنصار الله بالدفاع عن نفسها وعدم الإلغاء من خلال بقائها وصمودها ومقاومة العدوان عليها في الحروب الستة التي تعرضت لها منذ العام 2004م مما أهّلها للعب دور الريادة والقيادة لإعادة تصحيح المسار الثوري لثورة فبراير 2011 واستنقاذ اليمن من التشتت والمصادرة الخارجية المباشرة والغير مباشرة، وتتلخص المنجزات بالأمور التالية:
- إلغاء الزيادة على جرعة المشتقات النفطية.
- إسقاط الحكومة التي شكلتها المبادرة الخليجية (حكومة الوفاق الوطني).
- إلغاء التأثير السعودي المباشر عبر آل الأحمر.
- اعادة تشكيل الخطاب السياسي الوطني الموحد في اليمن (مؤتمر عقلاء وحكماء اليمن – اتفاق السلم والشراكة الوطنية).
- محاصرة الجماعات التكفيرية وتقليص نفوذها اليمني.
- تشكيل الحكومة اليمنية التي تضمن مشاركة العدد الأكبر من القوى السياسية اليمنية.
- رفع المطالب الاجتماعية للمواطنين اليمنيين.
- البدء بتأسيس المؤسسات اليمنية السياسية والأمنية على أسس مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
- تشكيل اللجان الشعبية لحماية الثورة من التآمر الداخلي والخارجي، ومؤازرة القوى الأمنية والجيش لحفظ الأمن والاستقرار.
*-دراسة قدمت عام 2014