ملاحظة التقدير نشر في يونيو 2020 ويعاد نشره لأهميته
المقدمة :
لاشك أن تركيا في الوقت الحاضر لها تأثير في ملفات المنطقة العربية، تحديداً بعد اهتزاز الدول العربية الجمهورية ابتداءً من احتلال أمريكا للعراق مروراً بالخدعة الأمريكية الكبرى (الحرب على الإرهاب) في بداية القرن الحالي، ثم ثورات الربيع العربي بداية العقد الثاني (2011) التي طالت دولاً عربية لها ثقل إقليمي (سوريا، العراق، اليمن، مصر، ليبيا، تونس)، وبغض النظر عن الدور الأمريكي في تلك الثورات، وما نتج عن ذلك من تصاعد وصمود محور المقاومة في بعض تلك الدول، في مقابل انتهاج أمريكا سياسة الحرب بالوكالة عنها، وبروز محورين أساسيين (السعودية – الإمارات) و (قطر- تركيا) للسيطرة على تلك الدول، أكان ذلك من خلال دعم أنظمة موالية لطرف في بعض الدول أو على العكس من ذلك دعم مليشيات وتنظيمات إرهابية تسعى إلى إسقاط الحكومات الموالية للطرف الآخر كما هو الحال في ليبيا ومصر والسودان، أو لكليهما كما هو الحال في اليمن وسوريا والعراق ولبنان؟
وحيث أن الدور السعودي والإماراتي والقطري ليس من الأهمية البحث عنه كمحاور أساسية باعتبار تلك الدول كيانات طارئة تمارس دور الدولة الوظيفية منذ نشأتها لتحقيق المصالح البريطانية، ثم مصالح خليفتها أمريكا. فإننا سوف نتناول هنا خطورة الدور التركي، كمحور مهم في الصراع العربي باعتبار أن هذا الدور له بُعد تاريخي وطموحات لاسترداد إرث يعتقد الأتراك أنهم الأوصياء الحقيقيون على المنطقة العربية، ويسعون لعودة أمجاد الإمبراطورية العثمانية والتي استمرت ستمائة سنة (1299- 1923)، مستغلة- أي الامبراطورية العثمانية- عدداً من العوامل أبرزها العامل الجيوسياسي والعامل الديني (المذهب السني) وهو ما برز جلياً في الحقبة الأردوغانية. وعليه سوف نستعرض من خلال هذه الورقة بإيجاز شديد، أبعاد التدخل التركي من حيث النشأة التاريخية للإمبراطورية العثمانية، والعوامل التي أدت إلى سقوطها، واستراتيجية العودة لإحياء العثمانية الجديدة، ومآلات التدخل التركي في الوطن العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص. ومن ثم نختم بالتوصيات.
أولاً: نشأة الإمبراطورية العثمانية
يعزو معظم المؤرخين أصل العثمانيين إلى قبائل كانت تسكن في آسيا الشرقية حيث أن هذه القبائل التي يصفها الكثير بأنها قبائل بلا حضارة، كانت تسكن في غرب الصين واستطاعت بعد رحيلها أن توجد قدماً لها في أنقرة - قرب أهم منطقة تربط بين الشرق والغرب (اسطنبول)- وبغض النظر كيف تمكنت تلك القبائل من السيطرة على تلك المنطقة بقيادة عثمان بن أرطغرل وتأسيس الدولة العثمانية 1299م، يمكن القول إن أهم عوامل بروز الدولة العثمانية هو الظرف التاريخي التي ولدت فيه، والمقصود بذلك الإنهاك الشديد الذي طال أهم امبراطوريتين في تلك الحقبة التاريخية - وهما تفكك وانهيار الدولة العباسية في الشرق وتحولها إلى دويلات، وضعف الدولة البيزنطية أو ما يطلق عليه روما الشرقية والتي كانت تتخذ من القسطنطينية عاصمة لها - فاستغل العثمانيون هذا الظرف التاريخي، والعامل الديني على وجه التحديد ليتمكنوا من إسقاط الدولة بيزنطية عام 1453م، وعاصمتها القسطنطينية وتغيير اسمها (اسلام بول)، وقد أتاح لهم السيطرة على تلك البقعة الجغرافية المهمة والتي يشبهها البعض "بسجادة العالم" كونها تربط بين الشرق والغرب، وهو ما جعلهم في تلك الفترة يطمحون إلى توسيع نفوذهم غرباً مستغلين الدافع الديني (الاسلام)، إلا أن هذا التوجه تغير نحو الشرق في عهد السلطان سليم الأول لتخفيف الضغط من المقاومة لهم بعد دول البلقان خصوصاً موقف روسيا والنمسا مما جعلهم يتجهون شرقاً مستغلين نفس الدوافع، وبـاسم الخلافة الاسلامية، ليسيطروا على بلاد الرافدين بعد هزيمة الصفويين عام 1514م- تحت يافطة الاسلام السني- ومن ثم السيطرة على بلاد الشام عام 1516م، بعد هزيمة دولة المماليك في معركة مرج دابق، بحجة ولائهم للصفويين، وبعدها بعام تم سيطرتهم على مصر، ثم بدأت الأطماع نحو بقية البلدان العربية وما أن انتهى القرن السادس عشر حتى كانت معظم البلدان العربية -الجزائر، تونس، المغرب، السودان، اليمن- تحت نفوذهم، ودون الخوض في تفاصيل تلك الحقبة الاستعمارية لليمن (1538- 1911) وما تخللها من ثورات ضدهم، وكيف استمات العثمانيون بالسيطرة على اليمن على الرغم من الخسائر الباهظة التي لم تتكبدها قواتهم في أي مكان آخر حتى اشتهرت اليمن بتسمية (مقبرة الأناضول)، استطاعت الدولة العثمانية السيطرة على معظم المنطقة العربية ردحاً من الزمن، كقوة استعمارية موازية للاستعمار الغربي – ابتداء من الاستعمار البرتغالي في القرنين السادس عشر والسابع عشر – ومن ثم الاستعمار البريطاني الفرنسي في منذ منتصف القرن الثامن عشر.
ألقت الحرب العالمية الأولى بظلالها والتي طالت شرارها المنطقة العربية، حيث بدأت الأطماع الغربية لتقسيم تركة الرجل المريض (الدولة العثمانية) وتنفيذ المشروع الصهيوني بقيادة بريطانيا بدءاً باتفاقية "دارين" التي أبرمتها بريطانيا مع آل سعود والتي كانت بمثابة فرض الحماية البريطانية على بلاد نجد، ثم اتفاقية (سايكس بيكو) 1916م، بتقسيم البلاد العربية الواقعة شرق المتوسط إيذاناً بدخول المنطقة تحت الانتداب البريطاني والفرنسي، ثم إعلان بريطانيا وعد بلفور 1917م، لينحسر الدور العثماني إلى داخل حدوده الطبيعية بإعلان دول الحلفاء الانتصار رسمياً في الحرب العالمية الأولى عام 1918م، وإجبار الدولة العثمانية على توقيع اتفاقية "سيفر" 1920م، هذه الاتفاقية التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فما تضمنته من شروط مجحفة ولدت مشاعر غضب لدى بعض الضباط على رأسهم كمال أتاتورك الذي عارضها بشدة ([1])
أعطت هذه الاتفاقية معظم القوميات غير التركية في الدولة العثمانية استقلالها، ولكن الأتراك رفضوا هذه المعاهدة وخاضوا حرباً شرسة ضد الحلفاء حتى انتصروا عليهم انتصاراً كبيراً، وخاصة على اليونان خلال حرب 1922-1923، أجبروا خلالها دول الحلفاء على المفاوضات، وكان من أهم نتائجها توقيع اتفاقية لوزان 1923([2])
والتي بموجبها انتهت رسمياً فكرة الامبراطورية العثمانية المتباعدة الأطراف تحت لباس "الخلافة الاسلامية"، مقابل نشوء دولة تركيا القومية بحدودها الجغرافية المعينة، وفكرها القومي العلماني.
ثانياً: تركيا العلمانية والتيارات الدينية
في فقه العلوم السياسية تحولت تركيا إلى دولة قومية ذات حدود معينة، وشعارات قومية تقدس الوطنية دون أي إشارة إلى مرجعيتها لدين معين، كما حصل في تعديل الدستور التركي عام 1928م، والذي أزال نص "دين الدولة هو الإسلام" والذي كان وارداً في الدستور التركي 1924م، وبهذا التعديل أصبحت تركيا أتاتورك دولة علمانية؛ إلا أن هذا الأمر لم يحد من تنامي الشعور الديني في أوساط الشعب التركي!
على الرغم من تمسك الدولة التركية بالقيم العلمانية على المستوى الرسمي إلا أن الإسلام احتفظ بحضوره القوي في أوساط الشعب التركي، وهو ما أدى في خمسينات القرن الماضي إلى إفصاح بعض السياسيين الأتراك عن ميولهم الإسلامية ومحاولتهم الاستفادة من المكانة الشعبية في تقديم خططهم لنهضة جمهورية تركيا وحل مشكلاتها، غير أن هذه الأصوات عورضت من قبل أغلبية النخبة العلمانية الحاكمة لتركيا وذلك لاعتقادها بأن العلمانية تعتبر مبدأ راسخاً قامت على أساسه الدولة التركية الحديثة ولا ينبغي تجاوزه، ولعل هذا التعصب من قبل القادة الأتراك للقيم العلمانية أدى بشكل تدريجي إلى استقطاب التيارات السياسية الاسلامية للمجتمع التركي نحو إيثار الأتراك عودة الاسلام كنظام للحكم في تركيا، وهو ما دفع بدوره في حلول الثمانينات من القرن الماضي إلى ظهور جيل من السياسيين الأتراك أخذوا علانية في تحدي النخبة العلمانية الحاكمة لبلادهم والمناداة بعودة الحكم الإسلامي في تركيا، الأمر الذي أدى إلى انتشار عدد من التيارات الاسلامية، وفوز بعض منها في الانتخابات التشريعية أبرزها التيارات المنتمية لتنظيم الإخوان المسلمين، لذا نجد من المناسب أن نوجز هنا كيف نشأت حركة الإخوان المسلمين في تركيا، ومراحل تطورها، وأبرز القادة الأتراك المتزعمين لها، لنخلص كيف استغل القادة الأتراك هذه الحركة (الإخوان المسلمين) لإعادة أمجاد العثمانية بالسعي نحو السيطرة على الشرق الأوسط بشكل عام واليمن بشكل خاص، مع التركيز حول حقبة أردوغان كأبرز تجسيد لما يسمى العثمانية الجديدة، وذلك من خلال تناولنا لنشأة حركة الإخوان المسلمين في تركيا كالتالي :
نستطيع القول إن العام 1896م، الذي أصدر فيه هرتزل كتابه "دولة اليهود" كان المؤشر الحقيقي لتدشين مشروع الصهيونية العالمية بمساعدة الامبراطورية البريطانية ذات المذهب البروتستانتي([3]) وبروز المخطط الغربي للسيطرة على الشرق الأوسط، وما تبع ذلك من خطوات مثل معاهدة دارين 1915بين بريطانيا وآل سعود، واتفاقية سايكس بيكو 1916، وإعلان وعد بلفور 1917، وهزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى 1918م، وما ترتب على ذلك من توقيع الدولة العثمانية لاتفاقيات مجحفة سبق ذكرها، وصولاً إلى اتفاقية لوزان، وإعلان تركيا دولة علمانية، وثقافة التغريب التي سعت كلاً من بريطانيا وفرنسا إلى ممارستها تجاه شعوب المنطقة، كل ذلك كان بمثابة الصدمة الكبيرة لدى شعوب المنطقة، وهو ما ولد شعوراً عاماً باستهداف الجانب الروحي (الديني) والعمل على تغييبه، وفي نفس الوقت مثل مجالاً خصباً لاستغلال بعض الحركات هذا الشعور وتنامي دورها السياسي والتنظيمي في الأوساط الشعبية تحت مسمى "الخلافة الإسلامية" وضرورة عودتها، هنا نذكر مثالاً يشير إليه كثير من المؤرخين، حول الانقسام الحاصل آنذاك في الوسط السياسي تجاه تحول تركيا إلى دولة علمانية. يقول الدكتور محمد عمارة عن هذه المرحلة: بعد فشل الجهود التي بذلت لإحياء الخلافة الإسلامية.. تداعت "صفوة علماء الإسلام" ومفكروه في "1345هـ / 1927م" إلى المؤتمر الذي عقد في القاهرة وأثمر قيام "جمعية الشبان المسلمين"، وفي العام التالي "1346هـ / 1928م" أسس حسن البنا "جماعة الإخوان المسلمين"، وشارك في المؤتمر التأسيسي للشبان المسلمين، وكتب يقول عن الخلافة في رسالة المؤتمر الخامس:
"يعتقد الإخوان أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، كما أنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله".
وكان مصطفى النحاس باشا يبدي إعجابه بالعلمانية التركية وشخص كمال أتاتورك ويصفهُ بالعبقري باعتبار أنه استطاع أن يقدم النموذج العلماني وفقاً لمتطلبات الدولة الحديثة، والذي استطاع أن يعيد دولة كانت شبه مشطوبة من خريطة العالم (يقصد تركيا)، فأرسل حسن البناء إليه رسالة يهاجمه فيها ويعتبر أن أتاتورك خالف أحكام الإسلام بإلغائه الخلافة الإسلامية وتحويل تركيا إلى دولة جمهورية لا دينية، وشطبه القوانين الاسلامية.... وبدأ الإخوان في تقوية صلاتهم ببعض الشباب التركي – البعض يشير إلى شخص سعيد رمضان كممثل للإخوان في تركيا بعد أن التقى به البناء في عام 1946م- واعتبر الإخوان المسلمون تركيا محطة من المحطات المهمة للجماعة بعد الحملة الواسعة عليهم عقب محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، وكان سعيد رمضان صاحب الدور الأكبر في نشر الأفكار الإخوانية في تركيا من خلال مشاركته في العديد المؤتمرات التي عمل من خلالها على توثيق الصلة بالمثقفين الإسلاميين بتركيا.
في خمسينيات القرن الماضي بدأ بعض السياسيين الأتراك في الإفصاح عن ميولهم الإسلامية ومحاولتهم الاستفادة من المكانة الشعبية للإسلام هناك في تقديم أفكارهم الإخوانية، إلا أن هذه الأصوات تم معارضتها من قبل أغلبية النخبة العلمانية الحاكمة لتركيا، وبحلول الثمانينات من القرن الماضي ظهر جيل من السياسيين الأتراك أخذوا علانية في تحدي النخبة العلمانية الحاكمة لبلادهم والمناداة بعودة القيم الإسلامية إلى تركيا، وسوف نركز هنا على شخصيتين كان لهما الدور السياسي البارز لترجمة فكر الإخوان المسلمين في حقبتين تتشابهان في بعض الأوجه وتختلفان تماماً في أوجه أخرى، كالتالي:
أ - الحقبة الأربكانية
نسبة للزعيم نجم الدين أربكان (1926-2011م) كان على رأس المجموعات التي حاولت الاستفادة من المكانة الشعبية للإسلام في تركيا، فتحالف مع الحركة النورسية، وهي جماعة منهجها مثل منهج الإخوان، وتدرس رسائل الإمام البناء وكتب الإخوان المسلمين وأسس حزب النظام الوطني الذي تأسس سنة 1970، فكان أول تنظيم سياسي ذا هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ سقوط الخلافة عام 1924م. ولكنه تم حله بعد انقلاب 1971، ثم تأسيس حزب السلامة والذي تم حله، ثم أسس حزب الرفاه 1983م، بعد سماح المؤسسة العسكرية بجواز الأحزاب الاسلامية، ثم حزب الفضيلة، وأخيراً حزب السعادة- والذي فقد ألقه بعد انشقاق أردوغان و أوغلو منه وتكوين حزب جديد "العدالة والتنمية"- كل هذه الأحزاب كان مؤسسها الزعيم أربكان.
يمكن القول إن "الحقبة الأربكانية" لاقت الكثير من الصعاب في مواجهتها مع العلمانية كمؤسسة قائمة في تركيا أبرزها مؤسستا الجيش والقضاء اللتان تعتبران الحامي الرئيس للنظام العلماني؛ إلا أن ما يميز هذه الحقبة أنها انحصرت في داخل حدود تركيا، ولعل انشغالها بالصراع مع المؤسسة العلمانية من جهة، وصلابة مفهوم الدولة - آنذاك - خصوصاً العربية من جهة أخرى وقفا سداً منيعاً في إبراز طموحات أربكان بالتدخل بشكل مباشر في شؤون الدول والإفصاح عن (النيوعثمانية) كما هو حال تركيا في الحقبة الأردوغانية والتي سنوجزها بالتالي:
ب - الحقبة الأردوغانية
الحقيقة التي لا خلاف عليها أن العودة للهيمنة العثمانية تجلت في عهد أردوغان بمزعوم "الدولة الإسلامية"، وبشكل حاد وعنيف أكثر من أي وقت مضى منذ سقوط الامبراطورية العثمانية، فهناك عدد من العوامل التي هيأت الظروف لتنفيذ المشروع الأردوغاني، سواءً على المستوى الدولي أو في الساحة العربية، ومن المهم معرفة الظروف التي ساعدت أردوغان في سعيه لتنفيذ حلمه العثماني، والتي تكاد أن تتشابه مع ظروف سيطرة آل عثمان بمد نفوذهم التوسعية –كما ذكرنا سابقاً- نتيجة للانهيار والضعف الذي أصاب الدولة البيزنطية في الغرب، وسقوط الدولة العباسية وما تبعتها من صراعات وانقسامات في داخل الأمة العربية، وقبل أن نبدأ بإيجاز ذلك لابد أن نعرج على التركيبة النفسية التي رافقت أردوغان، بحيث كانت – حسب اعتقادنا - الدافع الرئيسي لإحياء مشروع العثمانية باسم الدولة الاسلامية واستغلال التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
ولعل العامل الأبرز في شخصية أردوغان والتي تميزه عن الزعيم أربكان إن ايدلوجيته نابعة من التعليم الديني الذي تلقاه في مراحل أساسية من حياته، حيث تخرج من مدارس "إمام خطيب"، وهي المدارس الوحيدة التي احتفظت بمكانتها كمدارس دينية لتدريس العقائد والمناهج الدينية ولم تطلها يد العلمانية حتى بعد إعلان كمال أتاتورك إغلاق المدارس الدينية، مع تغيير طفيف في مناهجها - حيث كانت قديماً تدرس الحروف العربية ثم أصبحت تعتمد التركية- انضم أردوغان إلى حزب الرفاه 1983م، وهو تيار ذات مرجعية إخوانية كما سبق الإشارة إليه، ثم تولى منصب رئيس بلدية إسطنبول 1994م،
في غمرة الصراع بين العلمانيين والاسلاميين، وعلى الرغم من اكتساب أردوغان خبرة سياسية لقراءة الواقع المحيط به كشخصية منفتحة غير ايدلوجية تؤمن بمشروع الدولة القومية العلمانية، إلا أنه لم يستطع إخفاء ميوله المتطرفة الكامنة في أعماقه في تمرده على الدولة بمفهومها القومي الحديث، واعتماده على فكرة "الجيش المقدس" القائم على أسس أيدولوجية، ففي عام 1998م، وأثناء إلقاءه لخطاب جماهيري في مدينة "اسبرت" أخذ يردد قصيدة لم يُعرف نسبتها لشاعر معين ويقال أنها لشاعر عثماني
مساجدنا ثكناتنا مآذننا رماحنا
والمصلون جنودنا هذا هو الجيش المقدس
الذي يحرس ديننا
وبسبب تلك القصيدة، اتهم أردوغان بالكراهية للعلمانية، وهو ما قاده إلى محاكمة في محاكم أمن الدولة، وتم إيداعه السجن ومنعه من تولى المناصب الحكومية، بعدها خرج أردوغان من السجن ليعلن انشقاقه عن حزب الرفاه، وتكوين حزب العدالة والتنمية معرفاً نفسه بأنه يشجع العلمانية لكنه لا يكره الدين، المفارقة هنا أنه وفي ذروة الهجمة الأمريكية على التيارات الاسلامية باسم محاربة الإرهاب بعد أحداث نيويورك 2001م، فاز حزب العدالة والتنمية الاسلامي بقيادة أردوغان في الانتخابات البرلمانية 2002، وهي التي عارضت فوز كثير من الأحزاب الإسلامية، وكانت وراء حلها سواءً في تركيا إبان فترة أربكان أو في الجزائر، بل كانت الولايات المتحدة من أولى الدول التي باركت هذا الفوز!! وهو ما يفسر حسب رأينا بتغيير منهجي كبير قدمه أردوغان من شخصية متأثرة باربكان ورؤيته الاسلامية، وخصوصاً من الصراع مع إسرائيل، إلى شخصية أكثر براغماتية بالانسياق وراء المشروع الصهيوأمريكي، حيث لم يجد أي حرج من زيارة اسرائيل وزيارة قبر المؤسس هرتزل بجانب أرييل شارون الذي ارتكب أكبر هلوكوست ضد الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا والذي استقبله بالقول (أهلاً بك في القدس عاصمة اسرائيل الأبدية والشعب اليهودي) !!، وهذا حال أكثر الشخصيات المتطرفة التي دخلت السجون الأمريكية بشكل ثم خرجت منها بشكل آخر تنفذ الأجندات الصهيوأمريكية مثل الزرقاوي والبغدادي، بل إن شخص أردوغان -حسب رأينا- قاد تغييراً منهجياً داخل تنظيم الإخوان المسلمين على المستوى الدولي من حيث الصراع مع الكيان الصهيوني.
لكن الميول حول (فكرة الجيش المقدس) لم تفارق أردوغان قط، ففي غمرة ثورة الربيع العربي وسيطرة الإخوان على معظم الدول العربية، ردد أردوغان نفس القصيدة، ثم رددها مرة أخرى في غمرة اجتياح داعش لمناطق سوريا والعراق باسم الدولة الاسلامية، بحيث لم يعد يخف على أحد العلاقة بين أردوغان والتنظيمات الإرهابية المسلحة في مصر ولبنان والعراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال، فبعد سقوط الإخوان في مصر أصبح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يرى في أردوغان هو الزعيم الحامي لهذا التنظيم الدولي. وأصبحت تركيا الملاذ الآمن لكثير من قيادات التنظيمات الإخوانية المسلحة في الوطن العربي، هذا الجيش المقدس (ذات الايدلوجية شديدة التطرف) الذي يؤمن به أردوغان يشبه إلى حد كبير تنظيم "الانكشارية" في عهد الدولة العثمانية، والذي كان يمثل رأس الحربة في سيطرة العثمانيين على أجزاء كبيرة من أوروبا وآسيا في العصر الذهبي لها، ثم أصبح في فترات متأخرة يشكل تهديداً كبيراً عليها ما حمل السلطان محمود الثاني على ضربهم بالمدفعية و إبادتهم إبادة كاملة في مجزرة مروعة حصدت أكثر من ستة آلف انكشاري في ساحة اسطنبول عام 1826م بعد أن أعلنوا تمردهم عليه.
ثالثاً : التدخل الأردوغاني في المنطقة العربية و اليمن
باستقراء التاريخ العثماني نجد أن أردوغان يشبه إلى حدٍ ما سليم الأول، وهو يفخر في أكثر من خطاب بهذا القائد، لأنه من حول وجهة العثمانيين نحو الشرق بعد أن لاقى معارضة ومقاومة في الاستيلاء على موروث الدولة البيزنطية في دول البلقان، مستغلاً العامل الديني الطائفي كحامٍ (للمذهب السني) بالوقوف في وجه الدولة الصفوية في بلاد فارس والعراق، وكذا المماليك الموالين لها في الشام ومصر –وهو ما سبق الإشارة إليه– وبالنظر إلى جوهر الفكرة وبعد أن فقد أردوغان الأمل في انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي، استغل أردوغان تنظيم الإخوان المسلمين كـ (مشروع سني) - خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي للسيطرة على الشرق، وإعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية - في مواجهة الفكرة التي روج لها الإعلام الأمريكي "الهلال الشيعي"، ولعل هذه القراءة التاريخية هي ما شجع الأمريكان والبريطانيين على دعم الإخوان منذ انطلاق ثورات الربيع العربي للقضاء على خصمهم "المد الشيعي"، باستغلال هوس الإخوان بالوصول إلى السلطة بأي ثمن، ومن ثم بدأت ملامح إحياء العثمانية تتجلى بشكل واضح من خلال إعادة ترميم بعض الآثار العثمانية في ليبيا والسودان ومصر؛ إلا أن استشعار ممالك الخليج (خصوصاً السعودية والإمارات) بالهيمنة التركية وبمساندة من الدولة الصغرى (قطر) التي تستغل ما يتمتع به هذا التنظيم العالمي من امكانيات عديدة لتحقيق طموحها، قد خلق تياراً مضاداً له في الشارع السني. هنا نجح المشروع الصهيوأمريكي بخلق مشروعين أو سيفين يضربان ويدمران الأمة العربية لصالحه.
وبالنظر لقوة المشروع الأردوغاني بشكل عام على النطاق الاقليمي والدولي، نجد أن هذا المشروع يتأرجح بين الضعف والقوة؛ إذ من الملاحظ خلال السنوات السابقة أن السمة الغالبة كانت بدء تراجعه في أكثر من دولة في لبنان والعراق وسوريا – بتحرير كل المناطق التي كانت تسيطر عليها التنظيمات المسلحة في لبنان وسقوط "دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) ([4])
وكذا فقدانه لأهم المناطق الواقعة على البحر الاحمر، بعد سقوط نظام البشير، وإلغاء السلطة الجديدة المدعومة من المحور "السعوإماراتي" لاتفاقية استثمار جزيرة سواكن. لكن في المقابل استطاع المشروع الأردوغاني تثبيت معادلات إقليمية هامة، سواءً بالقوة العسكرية كما هو الحال في أجزاء من الشمال السوري في المناطق السورية المتاخمة لحدوده في عفرين والباب، أو بإبرام اتفاقات دولية مع دول فاعلة أخرى مثل اتفاقيات "أستانة" و"سوتشي" الخاصة بإدلب، واحتفاظ أدواته (التنظيمات المسلحة) بأجزاء من إدلب وحلب وأجزاء من الجزيرة السورية. كذلك استطاع إزاحة المحور السعوإماراتي في الصومال من خلال إنشاء أكبر قاعدة عسكرية قرب مقديشو في 2015م، وإلغاء الحكومة الحالية في مقديشو لاتفاقية موانئ دبي 2018م، لصالح استثمارات شركات تركية، واحتفاظ تركيا بقاعدتها العسكرية في الصومال، إضافة إلى الثقل السياسي الإخواني في تونس (حزب النهضة التونسي) والجزائر والمغرب، وهوما قلب المشهد لصالح طرف تركيا -أردوغان في الآونة الأخيرة في النزاع الليبي بمساندة حكومة السراج بحجة (الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً) التي كانت محشورة في العاصمة طرابلس بعد إرسال كتائب من "الجيش المقدس" من المرتزقة السوريين والأفغان بعضها تحمل أسماءً عثمانية مثل كتائب "السلطان مراد"! وبتغاضٍ إن لم يكن دعماً من الولايات المتحدة الأمريكية - وفي نفس الوقت هذا لا يعني قوة المحور الآخر السعودية والإمارات، أو تبرئتهما من دعم جماعات إرهابية في المنطقة العربية واللتين تتقاطعان في أكثر من منطقة وبقعة جغرافية، حتى على مستوى الدولة الواحدة كما هو حاصل الآن في جنوب اليمن.
في اليمن لا يختلف الحال عن بقية الدول العربية في دعم أردوغان للإخوان المسلمين (حزب الاصلاح)، حيث كان لتركيا موقفاً واضحاً في دعم الإخوان، سواءً بالطرق الدبلوماسية أو العسكرية، بل وصل الحال أن تركيا - أردوغان لم تخف طموحها في المجاهرة بإعادة أمجاد الدولة العثمانية، فقد افتتح الرئيس التركي عبد الله جول بتاريخ 11يناير2011م - أي قبل اندلاع ثورة 11فبراير بشهر- (النصب التذكاري التركي)([5]) قرب باب اليمن (مدينة صنعاء القديمة) والذي تمثل رمزاً لكل اليمنيين – كرمزية للحضور والتواجد التاريخي للأتراك في اليمن.
أما بالنسبة للتدخل العسكري فقد لعبت حكومة أردوغان دوراً خطيراً في دعم التنظيم السري للإخوان بالأسلحة الخفيفة كاتمة الصوت والتي تستخدم في الاغتيالات أثناء سيطرة الإخوان على السلطة بعد ثورة 2011م.
قولاً واحداً إن الدور التركي في اليمن لا يختلف عن بقية ما يخطط له أردوغان في الدول العربية الأخرى، فهو يستند إلى القاعدة الشعبية للإخوان المسلمين في تنفيذ مخطط "الأردوغانية العثمانية"، لكن ما يميز اليمن كحالة استثنائية عن بقية دول ما يسمى (ثورات الربيع العربي) هو بروز حركة أنصار الله كقوة كبيرة مغايرة تماماً للمحورين التركي والمشروع السعودي الإماراتي، وهو ما أربك حساباتهما.
وزاد من حدة الخلاف بينهما ظهوره مختلفاً عن بقية الدول، والسبب في ذلك أن حزب الاصلاح في اليمن هو مركب وخليط من الولاءات القبلية والتنظيمية الإخوانية، وبعد إسقاط حكومة باسندوة الإخوانية، وتحرير العاصمة صنعاء، لم يكن أمام السعودية إلا الاعتماد على أذرعها القبلية والعسكرية في تنظيم الإخوان لمساندتها لإعادة هيمنتها على اليمن، لكن سرعان ما انقلب المشهد بخروج تيار آخر من حزب الاصلاح، لا يؤمن بالولاء للسعودية بقدر ولاءه التنظيمي المتمثل في قطر وتركيا والمجاهرة بالعداء للمشروع السعودي الإماراتي باعتبار أنه قوة احتلال – كما يعبر عنه معظم ناشطي حزب الاصلاح المتواجدين في تركيا- لذا فإن الولاءات المتعددة داخل حزب الاصلاح جعل الشك يتسرب إلى كل هياكل الحزب بين الطرفين، وصل إلى حد تبادل الاتهامات بإعطاء إحداثيات للجيش واللجان في استهداف القوات الإماراتية والسعودية! هذا الخلاف حول الولاءات جعل من السعودية مؤخراً لا تعتمد على قيادات الإخوان حتى في مأرب التي تمثل الرمزية الكبرى لهم، وذلك بتغيير قيادات عسكرية كبيرة واستبدالها بقيادات مؤتمرية.
يبدو أن الولاء الإخواني للمحور الأردوغاني هو الغالب، حتى داخل القيادات الاصلاحية المتواجدة في الرياض، وذلك يعود لطبيعة الأيدلوجية لتنظيم الإخوان الذي يعتبر المرشد هو المرجعية العليا للتنظيم، بخلاف السلفية الوهابية التي تدين بالولاء لآل سعود، ولعل ذلك أبرز الخلاف بين السلفية الإخوانية والسلفية الوهابية، وطالما والمرشد في قطر فإن الولاء يبقى للمشروع التركي، بل أصبح من الواضح أن مساندة مرتزقة الاصلاح المتواجدين في الرياض لا يختلف عن سياسة "الاغراق للخصم" التي استخدمها الاصلاح في حروب صعدة وفي لحظة معينة بعد فتوى القرضاوي انقلبوا على حليفهم "صالح"، وهو ما تناوله الكاتب تفصيلاً في أحد مقالاته في صحيفة الثورة اليمنية بعنوان "يا حكام السعودية أليس فيكم رجلٌ رشيد"!.
فالمراقب لأحداث عند اشتعال محور الإخوان – وهو ما عبر عنه الكاتب في أحد مقالاته (من نهم إلى إدلب إلى طرابلس مثلث الإخوان يشتعل) - أن تصاعد الهجمات في ذلك المثلث وفي فترات متعاقبة تصل إلى حد التزامن، يظهر أنها كانت تخطيطاً أردوغانياً كما أكده المقال.
وما نؤكده هنا أن الوقت القياسي الذي تمكن فيه الجيش واللجان الشعبية من تحرير نهم وإفشال مخطط إسقاط صنعاء وتحرير الجوف وأجزاء واسعة من مأرب، كان له تداعياته على كثير من الملفات الإقليمية حتى على مستوى التحالفات.
لذا نرى أنه من الممكن أن نشهد تقارباً قطرياً سعودياً تركياً في المستقبل على حساب الدور الإماراتي، هذا التقارب مرهون بمدى نجاح أردوغان في فرض السيطرة في النزاع الليبي تحت جناح دعم حكومة الوفاق المعترف بها دولياً. هذا التقارب بدت مؤشراته واضحة في أكثر من ملف، أدناها الهجمة الاعلامية للإخوان ضد الإمارات في ليبيا وجنوب اليمن دون السعودية.
ليبقى السؤال: ما هو شكل هذا التقارب هل يكون مع ابن سلمان، هل على قاعدة (عدو عدوي صديقي)، أم سيكون بإزاحته من السلطة بأي وسيلة من الوسائل التي ينتهجها تنظيم الإخوان المسلمين؟
والجواب على ذلك حسب اعتقادنا أن هذا التقارب قد يبدأ تدريجياً مع ابن سلمان -أكبر المتورطين في حرب اليمن-، والذي يعاني إلى الآن من هزيمة كبيرة وغير قادر على الخروج بماء الوجه، من خلال مساندة تركيا لما يسمى الشرعية المعترف بها دولياً تحت مبرر مواجهة المجلس الانتقالي في جنوب اليمن المدعوم إماراتياً (تكرار المشهد الليبي في اليمن) ثم يتطور هذا التحالف مع السعودية دوناً عنه. فالعثمانيون لم يدخلوا اليمن قديماً إلا من بوابة عدن، فكان أول ما فعلوه هو شنق عميلهم عامر بن داؤود الظاهري بمجرد أن وصلت الحملة البحرية العثمانية سواحل عدن عام 1838م نفس الأمر قد يكون التدخل التركي عسكرياً من القاعدة التركية في الصومال.
جدير بالذكر أن عودة العثمانية الجديدة في حقبة أردوغان ونقاط القوة التي يتمتع بها المشروع الاردوغاني في المنطقة لا تعني أنه في كامل قوته، إذ أن تركيا أردوغان تعيش في أزمات كبيرة بعضها يتعلق بالوضع الداخلي، والبعض الآخر يتعلق بالسياسة الرمادية التي يمارسها أردوغان في لعبة المحاور الدولية بين أمريكا وروسيا وإيران كممثل لمحور المقاومة، وهو موضوع مهم وحساس يمكن أن يفرد له دراسة مستقلة.
([1]) أدَّى إلى انفصال الحركة التركية الوطنية بقيادة كمال أتاتورك عن الباب العالي في إسطنبول، ثمَّ قام أعضاء الحركة التركية الوطنية بتشكيل برلمان في أنقرة عام 1920م، وفي نفس العام تمَ استبدال حكومة الداماد فريد باشا بحكومة الصدر الأعظم أحمد توفيق باشا الذي أعلن أنَّه ينوي توقيع المعاهدة بشرط الوحدة الوطنية، ولكنَّ مصطفى كمال أتاتورك رفض هذا الأمر وهاجم الحكومة عسكرياً، وفي نهاية المطاف انتصر مصطفى كمال على الحكومة التركية وأجبر الحلفاء على العودة إلى المفاوضات.
([2]) وقد سُميت "معاهدة لوزان الثانية" تمييزاً لها عن اتفاقية لوزان الأولى (معاهدة أوشي) الموقعة في 18 أكتوبر عام 1912 بين إيطاليا والدولة العثمانية، والقاضية بانسحاب الأخيرة من ليبيا لصالح إيطاليا
([3]) المذهب البروتستانتي ذات الجذور المتصهينة أو ما يطلق عليه (المسيحية المتصهينة) والذي يعتقد أن عودة اليهود إلى فلسطين وانشاء دولة لهم هو الممهد لنزول المسيح عيسي، وتحول اليهود إلى المسيحية، وقيام الألفية السعيدة.
([4]) مع تنبيهنا أن هذا القول لا يعفي المحور الآخر (السعودية والامارات والكويت) من دعم التنظيمات الارهابية، فكلا المحورين أدوات أمريكية لضرب وتدمير الأمة.
([5]) والذي عبرت عنه الصحافة الرسمية آنذاك ومنها وكالة سبأ للأنباء بعنوان: "الرئيس التركي يفتتح النصب التذكاري تخليداً لذكرى استشهاد الجنود الأتراك في اليمن"!!