طبيعة الصراع:
الصراع في شبوة نوع من المنافسة الحادة بين الإخوان والانتقالي والصراع على المحافظة النفطية الساحلية، وإضافة إلى ذلك فهناك توجه إماراتي لطي صفحة حزب الإصلاح من جنوب اليمن بشكل أساسي، وقد جاءت ضربة نقطة العلم سابقاً في ذات الشهر الحالي أغسطس معبرة عن ثبات الموقف الإماراتي من التمسك بعدن عبر الانتقالي.
عملياً بالنسبة لتحالف العدوان فإن الإخوان قاموا بالمهمة العسكرية الخيانية منذ بداية العدوان ولم يعد هناك حاجة لقوتهم العسكرية في ظل احتمالات تمديد الهدنة ونهاية الحرب، وفي ظل تشكل قوى عسكرية جديدة "انتقالية" و"عفاشية" ستحل محل الإخوان في المناطق المحتلة، إلا أن السعودية لا تريد بعد القضاء على الإخوان فلازالت بحاجة إليهم في مواجهة الجيش واللجان الشعبية وربما في المهرة أيضاً، إلا أنه من غير المسموح أن يكون هناك فائض قوة لدى الإصلاح على الدرجة التي يخرج عن طوعها ويغير التوازنات على الأرض بصالحه.
حسم المعركة العسكرية مبدئياً في عتق لا يعني نهاية الحرب بين الإخوان والانتقالي في محافظة شبوة عموماً ستتحول الصدامات إلى معارك أمنية حيث سيسعى "الانتقالي" التابع للإمارات لتصفية وجودهم في عتق كما فعل في مدينة عدن، فيما سيقاوم الاخوان ذلك وسينتقلون إلى الأعمال الأمنية من اغتيالات ومفخخات في شبوة وغيرها من المحافظات الجنوبية.
قبل أيام من الانفجار كانت قد بدأت التوترات تظهر من خلال استهداف محطة بلحاف شبوة وكذلك إحدى أنابيب النفط من قبل الإخوان، سبب الانفجار المباشر هو إصدار محافظ شبوة الموالي للإمارات قرارات بتغيرات أمنية تهدف إلى إزاحة الإخوان، وعملياً فمن بعد الإطاحة بمحافظ شبوة السابق "بن محمد صالح بن عديو" في العام 2022م بدأت التوترات في شبوة والحشد من الجانبين، ومن حينها بدأ الانتقالي في العمل الاستراتيجي للإطاحة بالإخوان في شبوة وكانت العملية العسكرية التي خاضها ضد الجيش واللجان الشعبية في شبوة هي المقدمة الأولى لتثبيت وجود عسكري له في المحافظة.
النتيجة الأساسية التي تؤكدها هذه المعارك فشل ما سمي بالهيكلة العسكرية ودمج وتوحيد القوات العميلة، وهشاشة الوضع السياسي لفصائل تحالف العدوان التي هي عبارة عن تكتل ميليشيات متعارضة المصالح وفُرض عليها أن تكون ضمن المجلس السياسي ولم يكن خيارها الحر!
الأحداث في شبوة... الأسباب
في 7 أغسطس في محافظة شبوة اتهم المحافظ الموالي للإمارات ما تسمى بـ" القوات الخاصة" الإخوانية بالتمرد على قيادة المحافظة وكان هناك حديث عن انتشار ميليشيات الانتقالي حول منزل قائد ما تسمى بالقوات الخاصة "بن لعكب". ومنذ شهر هناك توتر وصدام بين الاخوان والانتقالي في المحافظة ويتركز الصراع على عاصمة المحافظة عتق وعلى المنشآت النفطية، وفي ذات اليوم 7 أغسطس تحدث إعلام الاخوان عن قيام ميليشيات الانتقالي بممارسات عنصرية وإيقاف سيارات القادمين من تعز إلى عتق، وكان ذلك التصرف من الانتقالي منع وصول تعزيزات للإخوان قبل انفجار المواجهات.
في 8 أغسطس، انفجرت التوترات الأمنية بين الإخوان والانتقالي في محافظة شبوة وتحولت إلى اشتباكات واسعة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، تحركها رغبة إماراتية في إزاحة الإخوان من المحافظات الجنوبية وخصوصاً الساحلية والنفطية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع في شبوة والتي كانت مرشحة للاتساع جغرافياً بما فيها عدن، أصدر "مجلس العليمي" قراراً بإقالة القيادات العسكرية المشاركة في النزاع من الطرفين وهذه القرارات في جزء منها جاءت متفقة مع التغيرات التي أصدرها محافظ شبوة الموالي للانتقالي "الوزير"، ورغم ذلك ظل التوتر قائماً، وقد كانت تلك القرارات مجرد مناورة سياسية في قرار الحرب على الإخوان يمضي.
في ذلك اليوم فرضت "قوات الأمن الخاصة" الموالية للإصلاح معززة بوحدات من اللواء الأول مشاه جبلي في مدينة عزان سيطرتها على مداخل مدينة عتق وأجزاء واسعة من المدينة، تلقى في هذه المعركة الإخوان تعزيزات قادمة من محافظة مأرب، فيما تلقى الانتقالي بتعزيزات من العمالقة في مديريات بيحان وحريب.
إبان المواجهات أشاع الانتقالي أن "أنصار الله" يقاتلون مع الإخوان في شبوة لتصوير الأمر وكأن هناك مؤامرة "شمالية" ضد "الجنوب"، لاستثارة عصبيات "الجنوبيين"، كما قام الانتقالي باعتقال عمال "شماليين" وقدمهم للإعلام على أساس أنهم مقاتلون من الجيش واللجان الشعبية كانوا يقاتلون إلى جانب الإخوان.
على إثر أحداث شبوة أصدر "مجلس الخيانة" تعينات جديدة استهدفت القوات العسكرية المتصارعة التي أقالها سابقاً، حيث أصدر قراراً بتعيين العقيد مهيم ناصر قائداً لقوات الأمن الخاصة خلفاً للعميد عبد ربه لعكب. كما أصدر قراراً بتعيين العميد الركن عادل بن علي هادي قائداً لمحور عتق وقائداً للواء 30 مدرع، وذلك خلفاً للقائد السابق العميد عزير ناصر العتيقي. بدوره، أصدر رئيس مجلس الوزراء العميل قراراً بتعيين العميد الركن فؤاد محمد سالم النسي مديراً عاما لشرطة محافظة شبوة.
بعد ثلاثة أيام من الصراع، حُسمت المعركة في مدينة عتق شبوة -بشكل أولي- لصالح ميليشيات الانتقالي، وهزمت ميليشيات حزب الإصلاح بعد تدخل الإمارات بالطيران المسير الإماراتي واستهداف المجاميع الإخوانية بما فيها تلك التي كانت تحاول الهرب.
التداعيات:
تعد معركة شبوة متغيراً ميدانياً خطيراً ستكون له تداعيات عسكرية وسياسية مقبلة، وهي على ثلاثة أبعاد:
البُعد الأولى مناطقي فشبوة وأبين تاريخياً في حالة صراع مع الضالع، وكانت أحداث 13 يناير 1986م المأساوية هي أبرز الشواهد على هذا الصراع التي تعود أصوله إلى السياسة البريطانية "فرق تسد"، فبعد استبعاد هادي وشخصيات من أبين، وسيطرة الانتقالي على شبوة تعود هذه الحساسيات المناطقية وتجلت في خطاب "الميسري".
البُعد الثاني، سياسي فالإخوان في حالة توتر ويستشعرون المؤامرة عليهم، وسيحدث نوع من الاختلاط بين حزبية الإصلاح ومناطقية أبين لتتكتل القوى "الأبينية" والقوى التي كانت في صف هادي، لتدافع عن مصالحها ومصيرها عبر تعبيرات سياسية وعسكرية وأمنية، فالإصلاح لن يسلم بهزيمته، ستنعكس هذه التوترات على مجلس القيادة الخياني وتعد الأخبار المتداولة عن تقديم عبد الله العليمي استقالته من المجلس مؤشراً على ذلك.
الثالث سياسي على مستوى الحكومة العميلة ومجلس القيادة الخياني، فهو عملياً لم يخلق موحداً ولم يعد متماسكاً، إلا أن الإخوان يهددون بالانسحاب من المجلس والحكومة وهو ما يزيد من هشاشة هذا المجلس، وينفي عنه صفة الشرعية من قبل الإخوان، وهو ما أشارت إليه العديد من تصريحات القوى الموالية للإخوان والمناوئة للإمارات.
ردود الأفعال:
اتجاهات الصراع
لا تزال التوترات مستمرة، وكامتداد لمعركة استهداف الإصلاح في عتق شبوة تحدثت مصادر عن تحشيد الانتقالي من أجل مهاجمة القوات التابعة للإخوان المتمركزة في مديرية شقرة محافظة أبين، فيما تحدثت مصادر أخرى عن نصب مدافع عملاقة في عتق باتجاه مأرب، وهناك خطاب تحريضي أيضاً موجه نحو الإصلاحيين في مديريات وادي حضرموت، وهناك تهيئة للحرب في حضرموت، من بينها إقالة "البحسني" من قيادة المنطقة العسكرية في حضرموت المعروفة بولائها للإخوان.
بالتزامن مع هذه الأحداث، يتم ضخ خطاب سياسي وإعلامي مناهض للإخوان من قبل الانتقالي وطارق عفاش لخلق حالة رعب في أوساطهم، وتهيئتهم للاستسلام.