Severity: Warning
Message: Undefined variable $data
Filename: controllers/Home.php
Line Number: 193
Backtrace:
File: /home3/piycgwmy/public_html/application/modules/home/controllers/Home.php
Line: 193
Function: _error_handler
File: /home3/piycgwmy/public_html/application/modules/home/controllers/Home.php
Line: 112
Function: authorname
File: /home3/piycgwmy/public_html/index.php
Line: 315
Function: require_once
Severity: Warning
Message: Undefined variable $data
Filename: controllers/Home.php
Line Number: 200
Backtrace:
File: /home3/piycgwmy/public_html/application/modules/home/controllers/Home.php
Line: 200
Function: _error_handler
File: /home3/piycgwmy/public_html/application/modules/home/controllers/Home.php
Line: 113
Function: authorimg
File: /home3/piycgwmy/public_html/index.php
Line: 315
Function: require_once
مرآة الجزيرة – إعداد يارا بليبل. إشراف علي مراد
لم يكن رفيق الحريري فاتحة النفوذ السعودي في لبنان، وإن كان قد مثّل الوجه الرسمي له مع انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) وتشكيله لأول حكومة عام 1992.
ومن الأهمية بمكان، الإضاءة على بعض الوجوه اللبنانية التي أثرت وتأثرت بتجربة “عبد العزيز آل سعود” في الفترة التي سبقت قيام “الدولة السعودية الثالثة” عام 1932.
مستشارون عرب في خدمة “الملك”
لعب المستشارون العرب دورا مهما في امتداد سيطرة آل سعود على منطقة الحجاز من خلال مقترحاتهم التي كانت توائم بين الظروف الدولية المحيطة بشبه الجزيرة العربية وأهداف آل سعود التوسعية، خاصة في ظل سيطرة الشريف حسين على الحجاز ودعمه لفترة طويلة من قبل البريطانيين حيث كان “أميرا” على مكة بين عامي 1908 و1916 ثم “ملكا” على الحجاز بين عامي 1916 و1924، وفقا لدائرة المعارف البريطانية.
شكلت المهام الخارجية والاستشارية احدى أهم المرتكزات بالنسبة لعبد العزيز لتقوية سلطته. فتبنى “الملك” بنفسه، بداية، المهمة بمعاونة بعض من يعوّل عليهم، أحدهم كان الأمير أحمد بن ثنيان آل سعود، وكان قد ولد في اسطنبول ونشأ في مدارسها فوجد فيه الملك اليد التي تساعده على إدارة شؤونه الخارجية، واستمر في تولي تلك المهام حتى اشرافه على توقيع معاهدة المحمرة بين نجد والعراق التي شكلت أساسا لتحدي الحدود بين البلدين على شكل لم يرق للملك عبد العزيز لأنه رأى مندوبه قد ترك للعراق قبائل ما كان لتخلى عنها.
وعلى إثر فتح جدة عام 1926 تأسست شعبة خاصة للشؤون الخارجية في الحكومة أطلق عليها اسم مديرية الشؤون الخارجية، وبعد أربع سنوات صدر أمر ملكي يقضي بتحويلها إلى وزارة وبتعيين الامير فيصل وزيرا لها، وهي أول وزارة أحدثت في الحكومة بصفة رسمية. وعيّن فؤاد حمزة وكيلا لها وقائما بأعمالها.
دور فؤاد حمزة
تتفق المصادر على أن الزعيم السوري المعروف شكري القوتلي (1967م) كان السبب وراء التحاق فؤاد حمزة بالعمل عند الملك عبد العزيز، وهو ما يؤكده فؤاد حمزة في يومياته إذ كتب: «وقد قدمني إلى جلالته شكري بك منذ شهر تقريباً حينما كانت المفاوضات جارية بينه وبين الإنجليز، وقد سأله الملك عما إذا كان يعلم شاباً يتقن اللغتين الإنجليزية والعربية فأعلمه بي، فكلفه بالإبراق إليّ لكي أحضر إلى هنا حالاً» وبالفعل فقد غادر مصر عندما وصلته برقية القوتلي إلى الحجاز فوصلها بتاريخ 25/12/ 1926.
إذا علمنا أن فؤاد حمزة منذ قدومه إلى “المملكة” عام 1926 وعمله الأساسي في الشؤون الخارجية معاوناً ثم مديراً وأخيراً وكيلاً للوزارة حتى عام 1939 يتأكد لنا أنه من أعمدة بناء جهاز الشؤون الخارجية “للدولة” وشاهد عيان على بناء العلاقات ومساهماً في المفاوضات والاتفاقات والمعاهدات.
يذكر حمزة في كتابه “البلاد العربية السعودية”، أنه في 11 مايو/أيار 1933 قرر مجلس الوكلاء ومجلس الشورى مبايعة سعود بن عبد العزيز بولاية العهد تبعا للأمر الملكي الصادر 18 سبتمبر/أيلول 1932 بالموافقة على منصب ولاية العهد منهاجا شرعيا تطبيقا لما سار عليه “الخلفاء” المسلمين وملوكهم وأن يعقد البيعة على ولاية العهد على من كان مستجمعا للشروط الشرعية المرعية، حيث كان فؤاد حمزة واحدا من أعضاء مجلس الوكلاء والشورى ومن الموقعين على القرار.
في مايو/أيار 1932، يروي حمزة بأنه كان قد مضى وقت على انشاء العلاقات السياسية مع كثير من الدول الصديقة والموالية من دون أن تتمكن حكومة عبد العزيز من مقابلتها بالمثل في تمثيلها السياسي، وقد ردّ حمزة التأخر لمآلات الأزمة الاقتصادية العالمية حينها، وبناء على ذلك رأى المسؤولون أن إيفاد بعثة سياسية مؤقتة إلى عدد من عواصم الدول يحقق الغرض، فعهد إلى حمزة بمرافقة رئيس البعثة “الأمير” بوصفه العضو الوحيد والمترجم. حيث زار ايطاليا، سويسرا، فرنسا، بريطانيا، هولندا، المانيا، بولونيا، واتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية، ومن بعدها توجه من روسيا إلى تركيا ومنها إلى إيران فالعراق والكويت، ودامت الرحلة ما يزيد عن ثلاثة أشهر. في 13 سبتمبر/أيلول 1932، تم الاعلان في بيان عن نظام توحيد أجزاء “المملكة” وكان فؤاد حمزة من الموقعين عليه، حيث تحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها”، إلى اسم المملكة العربية السعودية” والتوجيه لمجلس الوكلاء إلى الشروع في وضع نظام اساسي ونظام لتوارث العرش ونظام لتشكيلات الحكومة وعرضها لاستصدار الأوامر.
ومجلس الوزراء هو مجلس الوكلاء يستمد السلطة من “الملك” وتألف، بالإضافة إلى نائب الملك المتمثل بفيصل بن عبد العزيز، من خمسة أعضاء أحدهم فؤاد حمزة .
بطبيعة الحال، لا يمكن للقارئ في كتاب فؤاد حمزة، “البلاد العربية السعودية” الصادر عن مكتبة النصر الحديثة، أن يجد دليلا واحدا عن تمثيله ابن سعود للقاء أحد أعضاء الوكالة اليهودية، إلياهو افشتاين، في بيروت.
وفي هذا الإطار، يورد الباحث “علي مراد” بأنه في العام 2012 صدر كتاب “المملكة العربية السعودية والصراع في فلسطين”، الذي كشف عن زيارة عضو إدارة اليهودية موشي شيرتوك للممثلية السعودية في لندن في مارس/آذار1937، مستعيناً بمعلومة استقاها من وزارة العودة البريطانية بأن «ابن سعود لا يريد مواجهات في فلسطين». قال شيرتوك في الاجتماع للممثل السعودي إن «ابن سعود كوّن مواقفه من اليهود بناءً على الإصغاء لوجهة نظر واحدة وهو لا يعلم الحقيقة بكاملها»، فأجابه ممثل الملك السعودي بأن “الملك سوف يكون سعيداً بسماع وجهة نظر اليهود وربما عمّا قريب يتاح لوفد يهودي أن يذهب إلى جدة، ولكن حالياً نفضّل أن تودعوا وجهة نظركم خطياً لدى الممثلية السعودية في القاهرة”، وبناء عليه تم اللقاء في بيروت كما أسلفنا بالذكر.
يعرض الكتاب في فصوله الستة نظرة مؤسس “السعودية” عبد العزيز آل سعود إلى اليهود ووجودهم على أرض فلسطين، وفي فصله السادس يذكر تفاصيل تاريخية عن مرحلة ما قبل النكبة لم تُنشَر من قبل، في أغلبها تدور حول تسامح ابن سعود مع فكرة قيام دولة في فلسطين يكون لليهود فيها دور كبير بمعية بريطانيا. يستعين كاهانوف في كتابه بمصادر متنوعة من الأرشيف البريطاني ومذكرات قادة الوكالة اليهودية الذين أصبحوا لاحقاً عام 1948 القادة الأوائل للكيان الصهيوني (حاييم وايزمان رئيساً للكيان، بن غوريون رئيساً للوزراء، موشي شيرتوك وزيراً للخارجية).
في 8 أبريل/نيسان 1937 جرى الاجتماع بين فؤاد حمزة وافشتاين في بيروت بحسب الكتاب، وطلب الأخير من حمزة أن يشرح للملك السعودي “ما هي الصهيونية وما هو مشروعها في فلسطين، وتفصيل موقفها من عرب فلسطين”، رد حمزة بأن “الملك يرغب في مساعدة بريطانيا على تسوية علاقاتها بالفلسطينيين، وعملاً بالعادات العربية الأصيلة يجب الاستماع إلى طرفي النزاع لاستخلاص العبر ومعرفة كيفية حله”. يقول كاهانوف إنه في ظل الأجواء المريحة للقاء الأول، توجّه بن غوريون شخصياً برفقة افشتاين إلى بيروت في 13 أبريل/ نيسان واجتمعا بفؤاد حمزة. حمزة قال لبن غوريون إن كل المشاكل مرتبطة باستمرار هجرة اليهود إلى فلسطين، ومع تزايد أعدادهم سيتحول عرب فلسطين إلى فئة غير ذات جدوى في المجال الاقتصادي وسيفقدون القدرة على التأثير في ظل التفوق اليهودي، فأجابه بن غوريون بأن “على عرب فلسطين أن لا يخشوا بأن يصبحوا أقلية قومية في ظل وجودهم في محيط عربي يشكّل أغلبية سوف تحميهم، وأن اليهود يتمتعون بمكانة في دول العالم من شأنها أن تساعد العرب اقتصادياً وسياسياً وثقافياً”. في نهاية الاجتماع اقترح بن غوريون أن يُعقَد اللقاء التالي مع ولي العهد السعودي سعود بن عبد العزيز الذي كان سيزور لندن لحضور حفل تتويج الملك جورج السادس في 12 مايو/أيار 1937.
في 11 مايو/أيار توجّه إلياهو افشتاين إلى الممثلية السعودية في لندن، وقدم ورقة توصيات أعدها موشي شيرتوك، وتلقى وعداً بأن يتلقى رداً إيجابياً من يوسف ياسين مستشار الملك السعودي الذي كان يرافق ولي العهد سعود في زيارته لندن. لكن الرد كان سلبياً، ومفاده أن ياسين لا علم له بما دار من نقاش بين فؤاد حمزة وبن غوريون في بيروت، وأيقن قادة الوكالة اليهودية حينها أن العلاقة بين حمزة وياسين كانت متوترة وكانا على تنافس دائم في ما بينهما.
على المستوى الديني:
في مطلع القرن الثامن عشر ميلادي كان هناك حلقتان من حلقات تدريس فقه ابن تيمية: واحدة في دمشق (وهي لم تعمرّ أو تثمر كما أختها) والثانية وهي الأهم في المدينة المنورة. وكان يشرف عليها محمد حياة السرهندي وتخرّج منها رجلان كان لهما الدور الأكبر لاحقاً في إحياء وتعميم فكر ابن تيمية.. الأول هو ولي الله الدهلوي (اشتهر في الهند) والثاني هو محمد بن عبد الوهاب في نجد.
وبما أن مشروع السيطرة على شبه الجزيرة العربية تحت المسمى المتعارف عليه اليوم قام في الأساس على التزاوج بين الدعوة الوهابية وحكم آل سعود، فكان لا بد من أن تتلقف الكثير من البيئات العربية الخارجة من عقود من الاحتلال تحت مسميات تلطيفية كـالإنتداب والوصاية هذا النموذج “التأسيسي” بصبغته الدينية.
وكان الشيخ محمد رشيد رضا واحدا ممن تفاءلوا بحكم آل سعود في شبه الجزيرة، وهو من قرية القلمون قرب طرابلس لبنان، مواليد 1865، ونشأ فيها نشأة دينية علمية درس في كتَّابها ثم انتقل إلى طرابلس، ودرس في مرحلة من المراحل في المدرسة الوطنية الإسلامية التي كان الشيخ حسين الجسر قد أسّسها في سياق التزاحم الطوائفي على نشر التعليم، وفي سياق تعاظم حاجة المسلمين للوقوف في وجه النشاط الإرسالي التعليمي. بيد أن التأثير العميق الذي جاء عبر مقالات العروة الوثقى، الجريدة التي كان قد أصدرها في باريس جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، كان هو الحاسم في إثارة الأسئلة الكبرى في حياته، وممارساته بشأن الإسلام كدين ودولة.
إلى أن أتى مشروع هجرة رشيد رضا إلى مصر، حيث اتفق مع الشيخ محمد عبده على إصدار مجلة المنار كصحيفة إصلاحية لا تعالج موضوعات السياسة المباشرة. إلا أنه مع بدء تعرضه لاجراءات انتقامية ربطا بنشره لبعض فصول كتابه القديم الذي ألفه في مصر والذي يتصدى فيه للمماراسات الصوفية، اندفع للانخراط في ميدان السياسة من باب الدعوة إلى اصلاح أوضاع الدولة العثمانية، ومحاربة الاستبداد الفردي.
الموقف من الصراع بين الشريف حسين وعبد العزيز بن سعود
ظلّ أمل رشيد رضا معلقًا ومتأرجحًا في السنوات الأولى في العشرينات حتى لاحت له بادرة تحملها عصبية آل سعود ودعوتهم الوهابية.
وبعد أن تكشفت المخططات الاستعمارية في المنطقة ونفذت مشروعات الاحتلال الأجنبي بصفة “انتدابات”، وبعد ان بان لرشيد رضا انخراط الشريف حسين وأبنائه في المخططات الإنكليزية وخضوع الإمارات والدول للإشراف الإنكليزي، أتى صعود عبد العزيز بن سعود في نجد مجددا لواء الدعوة الوهابية، مشجعا على الانقلاب على الشريف الحسين.
واعتبر رشيد رضا المشروع الوهابي- السعودي مشروعا إسلاميا بديلا بعد أن سقطت الدولة العثمانية وأصبحت حكومة الترك لا دينية، فخصص في المنار المقالات الطويلة، ولا سيما في المجلدين 25و 26 (عام 1925)، ليتصدى لدعاية الشريف حسين وأبنائه، ويدافع عن عبد العزيز بن سعود.
يدافع رشيد رضا عن إسلامية الوهابية في وجه اتهامها من الشريف حسين بالكفر، كما يلي:” إن الشريف حسين صرح بالقول والكتابة والنشر بكفر الوهابية، وإنه يجب على ولي أمر المسلمين إقامة شرع الله فيهم، أي قتالهم إلى أن يعودوا إلى الإسلام الذي يدعيه هو كما يفهمه، أو ينقرضوا. وقد اتهم هو الوهابية بمثل هذه التهمة بالتبع لاتهام سلفه الشريف غالب لسلفهم عند مبدأ ظهورهم، وثبت أنه كاذب كسلفه وخلفه، فقد استولوا على بلاد الإحساء التي كانت تحت سلطة الدولة العثمانية ولم يعاملوا الشيعة من أهلها معاملة الكفار في شيء، مع أن الخلاف بين الوهابية المتعصبين للسنّة وبين الشيعة شديد جدا، ولذلك نجد شيعة إيران والهند والعراق وسورية أشد الناس تحاملا عليهم.”
يعوّل رشيد رضا على العصبية السعودية ويدعو المسلمين للالتفاف حولها، عبر تأييد “المؤتمر الإسلامي” الذي دعا إليه عبد العزيز بن سعود آنذاك، حيث يبقى دعم رشيد رضا للمشروع السعودي دعما ينبع من قناعات الفقيه المسلم “السني” الرسمي، الذي يحرص على بناء “الدولة الإسلامية” ومركزتها وكما يفهمها. أمّا السؤال عن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه هذا “الحرص” في مرحلة انتصار الإمبريالية يومذاك، وفي ظروف مشروعات إلحاقها للمنطقة، فعلى الرغم من عداء رشيد رضا للاستعمار الغربي الذي بدأ يبرز بعد الحرب العالمية الأولى، فإنه يستمر في الرهان على الفصل بين “المشروع الداخلي” (العصبية السعودية الجديدة) من جهة و”مشروعات الغرب” من جهة ثانية، ولا يرى، في المقابل، قدرة الإمبريالية أن تستوعب هذه العصبية الجديدة، أي أن تحتضن مصالح القوى التي حملت هذه العصبية، وأن توظف مشروعها السياسي في استراتيجيتها العامة في المنطقة.
وإذ راهن رشيد رضا على المشروع “السعودي” في المنطقة، يدخل في إثر الثورة السورية الكبرى وما طرحته في سياق العلاقة مع فرنسا من مشروعات لتنظيم الحكم في سورية، باب السجال حول طبيعة الحكم (ملكي أو جمهوري)، فيرى أن الأكثر ملاءمة بين المرشحين، في الحالة الملكية، هو الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود، لما رأى فيه من تديّن يكفل استقلال البلاد ومصلحتها وعدم الارتماء بأحضان الاجانب.
يضيف رشيد رضا سببا آخر لتفضيله فيصل آل سعود، وهو قدرة هذا الأخير، بفضل عصبيته القبلية، على “أن يحفظ الأمن في بادية الشام الواسعة، ويزيل منها غوائل الغزو بين الأعراب بمنعه وإقامة العدل بينهم..”
نستطيع أن نخلص إلى أن رشيد رضا بحث عن نواة لمشروع الدولة التي طمح لها، بغض النظر عن طبيعة القوى الاجتماعية التي تحمل هذا المشروع ومدى إمكانات تحققه الموضوعية.