شكوك كثير تحوم حول إمكانية تطبيق ما يسمى "التسوية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني"، أو ما يعرف بـ"صفقة القرن"، لكن ما يجري في الكواليس بهذا الخصوص أخطر مما يظهر، فقد ترافقت جولة جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومستشاره لما يسمى "عملية السلام" جيسون غرينبلات إلى المنطقة لبحث إمكانية إنفاذ "الصفقة"، مع ضغوط سياسية ومالية على السلطة الفلسطينية للقبول بها رغم آثارها الخطرة محلياً وإقليمياً حتى دولياً.
فجولة المسؤولين الأمريكيين أتت في وقت جمدت فيه السلطة الفلسطينية اتصالاتها مع إدارة ترامب التي أقصت نفسها عن دور الوسيط بعد اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني أواخر عام 2017، ورفضت إجراء محادثات مع هذه الإدارة إذا لم تتخذ موقفاً معتدلاً من الصراع العربي- الصهيوني، واتهمتها بالانحياز الفاضح لكيان الاحتلال الصهيوني.
واشنطن التي تسعى لتقديم خطتها- أي "صفقة القرن" - بعد انتخابات الكيان الصهيوني المقررة في التاسع من نيسان القادم، أرسلت مسؤوليها إلى المنطقة لابتزاز أنظمة عربية رجعية معروفة أخذت على عاتقها استمرار تبنيها السياسة الأمريكية ورؤيتها الجديدة في المنطقة عموماً وبما يخص القضية الفلسطينية على وجه التحديد، وإبلاغها ببدء تنفيذ خطة الولايات المتحدة بشأن "صفقة القرن"، فراحت تلك الأنظمة المتخاذلة تضغط وبشكل كبير وغير مسبوق مالياً وسياسياً واقتصادياً على السلطة الفلسطينية لقبول الصفقة الأمريكية، رغم الرفض الشعبي الواسع عربياً وإسلامياً.
ولم تتوقف هذه الأنظمة شريكة الولايات المتحدة في التآمر على دول المنطقة وشعوبها عند هذا الحد في ممارسة ضغوطها على السلطة الفلسطينية للتسليم بـ"الصفقة" المشبوهة التي تستهدف القضية الفلسطينية خدمة لمساعيهم الخبيثة نحو التطبيع الكامل مع "إسرائيل"، فقد سعت لثني بعض الدول الإسلامية عن المشاركة في القمة الإسلامية التي عقدت في تركيا منتصف كانون الأول 2017 لبحث إعلان ترامب بشأن القدس المرفوض جملة وتفصيلاً، من أجل إضعاف القمة وإفراغها من جوهرها.
وكذلك، رفضت تلك الأنظمة الخانعة تبني أي موقف ضد الولايات المتحدة، وقامت بالضغط خلال اجتماع الوفد العربي الوزاري المصغر المكلف بمتابعة تداعيات القرار الأمريكي بشأن القدس الذي عقد في الأردن وقد رفض وزراء عرب أي مقترح لمواجهة ذاك القرار الآثم، إضافة إلى ممارساتها المقيتة لإركاع الشعب العربي على وجه العموم والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص!.
فإذا كانت "صفقة القرن"، هي خطة أمريكية مشبوهة الهدف منها تصفية القضية الفلسطينية، خدمة للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني فإن كل المهرولين والمطبلين لها هم أعداء للفلسطينيين والشعب العربي، وكل تحركاتهم المفضوحة نحو التطبيع أو ما شابه ذلك خيانة كبرى لقضايانا العربية والإسلامية، فعلى ماذا يهرول المهرولون؟ أفلا يوجد من يرتدع منهم أو يتعقل ؟!.