وضاح عيسى:
دعوات كثيرة أطلقت ودقت أسماع العالم تحذّر من أخطر كارثة إنسانية على مر التاريخ البشري يعانيها الشعب اليمني نتيجة استمرار عدوان «تحالف» إجرامي يقوده نظام بني سعود في حربه الظالمة على أفقر شعب في العالم، وتحث الخطى لوضع حد لها، فهل تلقى تلك التحذيرات والدعوات آذاناً مصغية تدفع نحو التحرك الجدّي لاتخاذ خطوات ملموسة تساهم في إخراج الشعب اليمني من أسوأ كارثة إنسانية، تبدأ بالعمل على وقف العدوان وإنهاء الحرب القذرة، ومن ثم وضع حلول تحد من هذه الكارثة وتنهيها؟
اليمنيون، ومنذ ما يقارب أربع سنوات من الحرب الظالمة، يعانون أسوأ أوضاع يندى لها جبين الإنسانية، والقتل والتدمير الممنهجين لـ «تحالف» العدوان الهمجي في استهدافه للمرافق الحيوية بما فيها الصحية والتعليمية والمراكز الإنسانية وإحداث دمار هائل خلف وراءه أخطر كارثة إنسانية شهدها التاريخ البشري، وفقاً لبيانات وتقارير منظمة الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية عاملة في اليمن حذّرت من استمرار الحرب وتداعياتها الخطرة على الواقع اليمني، ودعت إلى ضرورة إيقافها، واستئناف المحادثات وإطلاق الحوار كحل وحيد لوقف المعاناة ووضع حد للمجاعة التي تهدد نصف الشعب اليمني.
مفوضية حقوق الإنسان وجهت رسائلها إلى نظام بني سعود تدعوه لوقف فوري لعدوانه الذي يهدد بتفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي الكارثية لنحو 14 مليون يمني، وإزالة القيود فوراً والسماح بدخول آمن وعاجل ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية والسلع الأخرى التي لا غنى لليمن عنها، في وقت دعا فيه المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي إلى التحرك الفوري لوقف الحرب على اليمن وتلافي موت اليمنيين جوعاً لأن واقع الحال هذا مخجل للبشرية، فخلال جولته في الحديدة انفطر قلبه حزناً على ما شاهده، أطفال صغار يعانون سوء التغذية لدرجة أن أجسادهم تتكون من الجلد والعظم فقط، يرقدون في مستشفى المدينة وقد خارت قواهم إلا من التقاط أنفاسهم، ما استدعاه لرفع صوته عالياً أثناء اجتماع مجلس الأمن الدولي لأجل وضع حد للحرب المروعة التي يشنّها «تحالف» الهمجية بقوله: «اليمن على شفا كارثة، لذا يجب أن نعمل معاً، ويجب على المجتمع الدولي استخدام جميع قواه لإنهاء الحرب وإنقاذ اقتصاده»، وطالب العالم باستخدام جميع تكنولوجياته ومعارفه لتغيير الوضع في هذا البلد لإنقاذ أبنائه من الجوع.
«الأمم المتحدة تستعد لزيادة حجم المساعدات بهدف توفير مواد غذائية لنحو اثني عشر مليون شخص»، هذا ما قاله المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، لاشك في أن هذا الكلام جيد، ولكن هل يمكن تحقيق ذلك في ظل ما يجري في اليمن؟ وعلى أي حال هذا ما يحتاجه الشعب اليمني مرحلياً كحل لتخفيف وطأة الكارثة الإنسانية، لكنه ليس حلاً طويل الأجل يمكن أن ينهي الكارثة، فما ينشده الشعب اليمني لإنهاء أسوأ ما يعانيه من ويلات لم يعانها شعب من قبل، هو وقف العدوان الذي يزيد من تدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه من سوء، وتالياً وقف الكارثة الإنسانية والحد من تدهورها، والعمل على إنهائها فعلياً، وهذا لن يكون من دون وقف العدوان والكف عن المزيد من الجرائم والسعي نحو السلام، وهذا ما أكده بيزلي المسؤول الأممي أن السلام هو ما يحتاجه اليمن ليكون إعادة بناء اقتصاده ممكناً مستقبلاً، بما ينهي الكارثة الإنسانية في هذا البلد الجريح.
المسؤول الأممي في اليمن يصور مشاهد تختزل المشهد العام في هذا البلد في ظل الحرب الهمجية التي تشن على شعبه، وينقلها بدقة وأمانة إلى العالم من مجلس الأمن الدولي لعل الضمير العالمي يستيقظ ويتحرك لوقف وإنهاء الكارثة الإنسانية، وأكد ضرورة الحصول على الموارد للتمكن من إنقاذ الأرواح من الموت المحتم وخاصة الأطفال، وبغير ذلك سيكون كما يصور بيزلي سيكون علينا الوقوف أمام خيار: أي طفل سيتمكن من الأكل للبقاء على قيد الحياة، وأي طفل لن يتمكن من ذلك ولن يعيش؟، ومن سيعيش من الأطفال ومن سيموت؟.. كلمات (مفجع) و(مأسوي) لا تغيّر أي شيء في الوضع في اليمن، يجب على البشرية جمعاء أن تخجل، لأنه في ظل كل الثروة وكل المعرفة والتكنولوجيا التي يملكها العالم اليوم، يجب ألا يكون هناك طفل واحد يذهب للنوم جائعاً، فهل يلقى كلام المسؤول الأممي صدى على أرض الواقع، في ظل غياب الضمير العالمي؟!.
اليمنيون في الحديدة، وعلى أقل تقدير طلبوا من المسؤول الأممي البقاء فترة أطول لاعتقادهم بأن العدوان سيوقف هجماته عليهم طوال مدة بقائه، لكن «تحالف» العدوان الذي ادعى وقف إطلاق النار في المدينة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، استمر في مواصلة هجماته الإجرامية بعد مغادرة المسؤول الأممي بساعة، ظناً منه أن تخفيضها بحضوره سيخفي حقيقة جرائمه وتداعياتها الكارثية المثبتة على أرض الواقع، إلا أن انتهاك «تحالف» العدوان أكده بيزلي الأمر الذي دفعه للقول بأن «وقف إطلاق النار سيمنحنا فرصة هائلة لمعالجة الكارثة الإنسانية التي نواجهها الآن».
وإذا لم يتحرك العالم لوقف استمرار تدني الأوضاع في اليمن، فإن نحو 18 مليون يمني سيواجهون خطر المجاعة على مدى ستة أشهر على أقل تقدير، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي الذي دعا مديره التنفيذي إلى ضرورة بقاء ميناء الحديدة مفتوحاً أمام حركة الملاحة التجارية بأي ثمن وأكد استعداده لتشغيله في مسعى للحد من تدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن وناشد كلاً من المانحين الدوليين زيادة الدعم المالي بنحو 200 مليون دولار شهرياً لسد حاجة الاقتصاد اليمني من جهة، ومجلس الأمن الدولي لإنهاء العدوان كأفضل الطرق لوقف معاناة اليمنيين، فهل نشهد خطوات ملموسة على هذين الصعيدين؟.
مرارة الواقع ومآسيه أوصلت أطفال اليمن إلى حال يرثى لها وسط تحذيرات كل من منظمة (يونيسف)، ومنظمة (أنقذوا الأطفال) الإنسانية البريطانية ما يتهدد الطفولة في هذا البلد ودعوات إنهاء الحرب والكارثة الإنسانية.
على أي حال، من حق الشعب اليمني الدفاع عن نفسه ووطنه وسيادته واستقلالية قراره، وبالميدان يحقق تقدماً ملموساً وانتصارات ناجزة على الطغاة المعتدين، في الوقت الذي يزداد فيه حنق «تحالف» العدوان وإجرامه لما نتج فيزيد من جام غضبه على الشعب اليمني بتصعيد عدوانه وارتكاب المزيد من الإجرام وتشديد الحصار أكثر لمنع وصول الغذاء والدواء وتضييق الخناق، في محاولة يائسة منه للضغط على اليمنيين لقبول شروط العدوان بما يخالف آمال وتطلعات الشعب اليمني، والتحركات الدولية الأخيرة لوضع حد للكارثة الإنسانية وإنهائها في اليمن والتي تبدأ بوقف العدوان وما يتبعها من خطوات أخرى للتوصل إلى ما هو منشود، فهل سنشهد خطوات جدّية في هذا الاتجاه؟ وهل تنجح في الوصول إلى حلول توقف العدوان وتنهي الكارثة الإنسانية؟.