التصريح المُخاتل، لكل كل من وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين «ماتيس» و«بومبيو»، يُظهر حقيقة فشل الخيار العسكري في اليمن، وهو الأمر الذي أكدته وزيرة الجيوش الفرنسية «فلورانس بارلي» حين قالت أن "الحل العسكري لن يؤدي إلى أي مكان، وحان الوقت لكي تنتهي هذه الحرب"، وأن بلادها تقوم بمساعي مع الولايات المتحدة لهذا الغرض، لتأكد ذات النتيجة رئيسة الحكومة البريطانية «تيريزا ماي».
التصريحات الغربية، لا يُمكن اعتبارها دعوة جادة للسلام، لأن الطرف الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً بيده عملياً إيقاف عدوانه على اليمن ولا يحتاج لإذن من دويلات الخليج.
هذه التصريحات في ذات الوقت تُطلق من قبل الأمريكي كبالون اختبار مُفخخ بالأقلمة والتفتيت، فإذا ما قبل أنصارالله مشروع الأقلمة والتفتيت و"الحصة" التي استعد الأمريكي لقبوله (أخذ) أنصارالله لها، في هذه الحالة ووفق هذه الشروط الامبريالية يُمكن الدخول في إمكانية وضع حد للحرب وتصبح هذه التصريحات منصة لعملية "السلام الزائفة"، وسيكون تحالف العدوان وفي مقدمته الأمريكي قد وصل بذلك إلى الغاية الفعلية لعدوانه العسكري على اليمن منذ 2015م.
لكن دبوس المبادئ فجر هذا البالون في وجه الأمريكي، ولنا أن نتذكر في وضع كهذا المقولة الاستراتيجية لحكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش الذي واجه ورفاقه دعوات سلام كاذبة كهذه، يقول حبش: "سنجعل من كل حمامة سلام قنبلة نفجرها في عالم السلام الإمبريالي الصهيوني الرجعي.". ومازالت الأرض الفلسطينية عطشى للسلام وشعبها للحرية رغم غزارة الدعوات الأمريكية للسلام والاتفاقيات التي رعتها كـ"أوسلو" و"كامب ديفيد".
لم يُثبت التصريح الأمريكي فقط أنه صاحب القرار في العدوان على اليمن، والموجه لبني سعود وعيال زايد بالأمر العسكري، بل وأظهر المنظمات الدولية عاجزة بائسة، والمبعوث الأممي دون أي صلاحيات، إذ يُظهر التصريح وزير الحرب الأمريكي وهو يحدد عملية السلام وترتيباتها ومواعيدها الزمنية!
جاء في التصريح الأمريكي، مهلة 30 يوم ليتم بعدها ترتيبات عملية السلام، وهذا الأمر يُعزز سيناريو التوجه الغربي لحملة عسكرية جدية للساحل الغربي بعد فشل المحاولات المتكررة لتحقيق إنجازات ميدانية في جبهة (الساحل الغربي) وجبهة (صعدة) حيث كانت الرياض وأبوظبي قد حددتا مواعيد كثيرة للانتصارات ومنحتهما واشنطن مهلاً كثيرة لتحقيقها، وما يجعلنا نفترض هذه النتيجة المنطقة في أن أي بدء بالتفاوض بعد 30 يوم بدون سيطرة قوى العدوان على الحديدة يعني استمرار الحضور اليمني الفاعل في البحر الأحمر، والتأثير على فكرة "الأقلمة" والتجزئة التي يريدها الأميركيون.
وفي هذا الصدد سجل عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري موقفاً واضحاً يُدين مشروع التفتيت وتحويل الصراع السياسي بين القوى الوطنية اليمنية والغزاة المعتدين إلى "صراع بين إثنيات وعرقيات في اليمن".
وهو ذات الموقف الذي أكده وزير الخارجية في الحكومة الوطنية المهندس هشام شرف المؤكد على سيادة الجمهورية اليمنية ورفض كل انتقاص منها.
ورغم الرغبات الذاتية التي يُريدها الأمريكي، إلا أن هذا التصريح يعكس على لسانه الواقع الموضوعي المتحقق في الميدان والملموس التاريخي، فهذا التصريح يُقر بالمعادلة الوطنية التي أكد عليها قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي والرئيس الشهيد صالح الصماد، وهي أن وقف الصواريخ والطيران المسير"صماد3" على السعودية والإمارات سيتم في مقابل وقف الغارات على الشعب اليمني ورفع الحصار، وهذه المعادلة تخرج المرتزقة من واقع الصراع باعتبارهم أدوات رخيصة للغزاة.
كما تكشف هذه التصريحات وتؤكد وصول الطيران المسير اليمني واستهدافه للإمارات والسعودية وهو الأمر الذي حاولت الدولتان المعتديتان إخفاءه.
وفي كل الأحوال، فالقوى الوطنية اليمنية الراسخة على مبادئ السيادة الوطنية والاستلال والوحدة اليمنية، والتي تقدم أغلى التضحيات في سبيل الانتصار لهذه المبادئ ولحرية الشعب تُدرك طبيعة الدور الأمريكي في هذا العدوان، ولا تتهافت عليه، إلا أنها حريصة على رفع المعاناة عن شَعبها والتعامل مع كل مساعي دولية جادة لا تنتقص من حقوق الشعب وأهداف الثورة الشعبية 21 سبتمبر.
والوفد الوطني المفاوض لن يكون أقل صموداً من الأبطال في جبهات القتال وسيعكس انتصاراتهم الميدانية وميزان الواقع إلى ميدان السياسية، بشكل ثوري، ولن يكون أقل صلابة ووطنية وثورية من المفاوض الفيتنامي. وقد عبر عن هذا الموقف محمد عبد السلام رئيس الوفد الوطني المفاوض.