هل يجري تمزيق حضرموت؟
تعود إلى (السطح) مجدداً قضية تمزيق حضرموت إلى محافظتين : "محافظة وادي وصحراء حضرموت" ومحافظة "ساحل حضرموت"، وهو المشروع القديم الذي يعود إلى زمن "علي صالح" للتقسيم الإداري 1997م، ولكنه فشل آنذاك باعتراض وفد سياسي وقبلي قاده مرشح الرئاسة الراحل الأستاذ فيصل بن شملان.
يقود الإخوان هذه المرة مشروع تقسيم حضرموت بدعم علي محسن الأحمر، بعد أن تم تقسيمها إلى منطقتين عسكريتين في العام 2013م بقرار جمهوري أصدره الرئيس المنتهية ولايته هادي.
يسيطر "الإصلاح" على وادي وصحراء حضرموت عسكرياً عن طريق اللواء صالح طميس قائد المنطقة العسكرية الأولى، وعبر قيادات السلطة المحلية في الوادي والصحراء، كما أن للإخوان في وادي حضرموت رديفاً من الجماعات الإرهابية، التي تدخرها أمريكا للضرورة، وفي الوادي والصحراء شخصيات قبلية وتجار تربطهم علاقات وطيدة بالمملكة السعودية والحكومة العميلة.
تقسيم حضرموت، يخدم مباشرة شركات الاحتكارات النفطية المستعدة دوماً لدعم مثل هذه المشاريع حيث أن النفط في حضرموت يتواجد في الوادي، في يوليو الماضي وقعت شركة "بترو مسيلة" التي تُصدر نفط وادي حضرموت مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لتوليد الطاقة الكهربائية جنرال الكتريك).
يتفق المجلس الانتقالي الجنوبي وحراك باعوم على مسألة وحدة حضرموت ورفض تقسيمها، والمصلحة الوطنية اليمنية هي رفض هذا المشروع التمزيقي مما يفترض أن يكون موقف السلطة الوطنية في صنعاء ضد هذا المشروع، برغم الخلاف مع موقف الانتقالي من الاحتلال الإمارتي ومعركة غزو الحديدة.
"المجلس الانتقالي الجنوبي" يرد على مشروع التقسيم بتهديد حكومة هادي بوقف تصدير النفط، ويلمح إلى إمكانية تصدير النفط لصالح المحافظة بقيادته، ويهدد بإمكانية عودة معركة محاربة الإرهاب في الوادي والصحراء، ملمحاً إلى قدرته على اجتياح الوادي والصحراء عسكرياً وطرد قوات الأحمر والإصلاح من منفذ الوديعة في الحدود مع السعودية.
لا يبدو أن ضغوط محافظ حضرموت على حكومة هادي ورفضه تقسيم حضرموت ستجعل من موقفه السياسي يقترب من التوجه الوطني لصنعاء؛ حيث لم تخلُ تصريحات المحافظ البحسني من اتهام مندسين تابعين لإيران وأنصار الله باستهداف قوات الأمن وحرق صور عيال زايد في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت الأسبوع الماضي في مدينة المكلا، بل السلطة الأمنية الخاضعة للإمارات مُستمرة في اعتقال الأعضاء الحركيين في مجلس الحراك الثوري التابع للزعيم الحراكي حسن باعوم، الذي يطرح مسألة الإنفصال، ويتمايز عن الانتقالي بموقفه الرافض للاحتلال والقتال مع "التحالف العربي" خارج حدود عام 90م.
بعد تقسيم محافظة حضرموت إلى منطقتين عسكريتين، تسعى حكومة المرتزقة إلى تقسيمها إلى محافظتين، " محافظة حضرموت الساحل"، و "محافظة حضرموت الوادي والصحراء". وهذه المساعي لتقسيم محافظة حضرموت لم تعد خُططاً سياسية، بل غدت واقعاً ولكنه واقع غير ثابت يسعى الإخوان إلى تثبيته وترسيخه، أما ملامح هذا الواقع التقسيمي لحضرموت فهي كالأتي:
تقسيم حضرموت، كجزء من مشروع الأقلمة وتفتيت اليمن، يتفق مع مصالح الاحتكارات العالمية، وحقول النفط في حضرموت تقع في الوادي والصحراء، والشركات الاحتكارية النفطية مستعدة لتدعم أي سلطة انفصالية في وادي حضرموت ما دامت ستؤمن تدفق النفط لها، ولعلي محسن الأحمر والإصلاح الذين يسيطرون على وادي وصحراء حضرموت رصيد من ثقة الاحتكارات العالمية، كما أن وادي وصحراء حضرموت يُعد أحد مواقع تواجد القاعدة؛ التي ستجعل ذريعة محاربة الارهاب في وادي وصحراء حضرموت ورقة قابلة للاستخدام.
إضافة إلى ذلك فهناك قوى قبلية ذات علاقات وطيدة مع السعودية وتحظى برعاية سلطة حكومة هادي العميلة لها مصلحة من مشروع التمزيق، كما أن المملكة العربية السعودية التي تتوسع في صحراء حضرموت من جهة الربع الخالي حضرموت لديها مصلحة من اقتطاع الوادي والصحراء الذي يقع على حدودها كخطوة في سبيل ضمه إليها، وهو المنطقة الجنوبية الأخيرة التي ليس فيها تواجد إماراتي، ويلتقي هذا المشروع الجزئي في تقسيم حضرموت إلى طموح توسعي سعودي في ضم كامل حضرموت إليها من أجل شق ما تسمى قناة "سلمان" المائية التي تربط الخليج العربي بالبحر العربي لتستغني عن مضيق هُرمز الذي تسيطر عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
دَعَمَ حزب الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام في مؤتمر الحوار الوطني (18 مارس 2013-25 يناير 2014) وضعَ محافظة حضرموت إقليماً مستقلاً وضم المهرة وسقطرى إليه، إلا أن دخول " المجلس الانتقالي" كمنافس في الجنوب اليمني وفي حضرموت؛ قلص من طموحات الاصلاح فاكتفى بمشروع محافظة في جزء من حضرموت حيث ينابيع النفط.
يرفض "المجلس الانتقالي الجنوبي" تقسيم حضرموت إلى محافظتين وتقسيم الجنوب الى أقاليم، وهذا يُمثل صلة تقارب مع القوى الوطنية في صنعاء، كما يتفق مع موقفه هذا مجلس الحراك الثوري بقيادة حسن باعوم.
رداً على مشروع تقسيم حضرموت، استغل "المجلس الانتقالي الجنوبي" الاحتجاجات الشعبية التي عمت مناطق الجنوب اليمني ومحافظة حضرموت بسبب انهيار العملة اليمنية، ووضع اليد على القضية الرئيسية في مشروع التقسيم وهو النفط، حيث هدد المحافظ البحسني بوقف تصدير النفط، اذا لم تنفذ مطالب الاحتجاجات الشعبية، ولمح البحسني إلى إمكانية تصديره عبر السلطة المحلية "الحضرمية" وحصر إنفاق إيراداتها على المحافظة .كما تم شن حملة اعلامية لفضح فساد شركة بترو مسيلة وحكومة هادي التي تستخرج النفط من وادي حضرموت، وجاء في ذلك من فساد الشركة وحكومة هادي ما يلي: