عندما إندلعت إنتفاضة 11 فبراير2011 بلغ إنقسام نظام حكم 7/7 بين إرتهانيين.
إرتهان المملكة ووصايتها الذي تأسس منذُ خمسة عقود وتعزز مع الوقت صار نصف النظام يدين بالولاء والعمالة والطاعة للمملكة وهذا النصف يمكن أن نحدده بفريق الستين ” مشيخة بيت الأحمر” ولها ذراع عسكري متمثل بالفرقة وملحقاتها بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر والأمن السياسي بقيادة القمش، ولها ذراع سياسي متمثل بحزب الإصلاح وفي قلبه حركة الأخوان المسلمين.
وفي المقابل هناك إرتهان إماراتي تأسس بعد حرب 1994 وتعزز شيئاً فشيئاً وصار نصف النظام الأخر يدين بالولاء وتربطه مصالح مع دويلة الإمارات، وقد نسج نصف هذا النظام إرتهانه موظفاً الجغرافيا السياسية موانئ وجزر البلد أبتز بها دويلة الإمارات ، فكان يلوح بها تارةً حتى يحصل عن طريق التلويح مصالح وصار يجني أتاوات ومنافع شخصية وأسرية على حساب المصالح الوطنية ومستقبل البلد، ونصف النظام هذا يمكن أن نحدده بفريق ” السبعين”وتمثلها ” العسكرتاريا بقيادة الرئيس علي صالح وأسرته ولها ذراع عسكري متمثل بالحرس الجمهوري بقيادة إبنه أحمد علي والأمن المركزي والأمن القومي الذي تاسس كرافعة توريث بقيادة أولاد أخيه، ولهذا الفريق جناح سياسي يتمثل بالمؤتمر الشعبي العام وفي قلبه ” إرادة الرئيس القائد الضرورة فارس العرب”.
ووظف شقا النظام كل امكانياتهما في تحقيق منافع ومصالح شخصية وأسرية ، وأخذ الفريقان يتحاصصان مقدرات البلد للأولاد وأخوان الصفاء وخلان الوفاء وخلقت منهم قيادت تتبع هذا الفريق أو ذاك.
هذا الوضع جاء على حساب وضع الناس ومن جبل الأفقار والبؤس اخذت تتكون كرة ثلج تتسع وتكبر كلما أنحدرت باتجاه الوادي، فأنفجرت في 11فبراير 2011 أو ما يعرف بالربيع العربي.
وفي هذا الوقت دخلت قطر بوضوح على خط هذا الأنفجار وبدأت توجهه وتدعم ساحات الشباب، حتى بدا أن البلد يتجه صوب نفوذ قطري أخواني ، وتطورت الأحداث لاحقاً ، حتى بلغت مرحلة ” المبادرة الخليجية ” وهذه المبادرة مبادرة إنقاذ للفريقين وإنقاذ للوصايتين والإرتهانين “السعودي والإماراتي” من الإنهيار وسحب البساط على قطر وتحجيمها أو عرقلتها، ومن يتمعن في مخرجات المبادرة الشكلي، أنها في الوقت التي حافظت على رموز النظام وأجرت تبادل مواقع ، فعوضاً عن أدوات الإمارات التي كانت ترأس النظام ، جرى التضحية به والاتيان بعبدربه منصور هادي باعتباره يمثل شخصية وسطية ترتبط تنظيمياً بالرئيس السابق وله علاقات بالطرف الأخر ومقبول منهم لأسباب عديدة منها ضعف شخصيته وشعور كل طرف بانه يمتلك القدرة على قيادته وتجيره لمصلحته.
وعلى أساس المبادرة تم اقتسام السلطة بين الفريقين وشركاءهما وتبادل الأدوار ، وظل كل طرف يتربص بالطرف الأخر ويتحين الفرصة للانقضاض عليه. وينبغي التأكيد أن جوهر هذه المبادرة كانت محاولة لإعادة ترميم النظام من أجل المحافظة على شبكة المصالح الإقليمية التي تكونت بين رموز النظام خصوصاً الإمارات والسعودية.
بيد أن هذه الوصفة “المبادرة” وملحقاتها هدفت في المحصلة إلى تحقيق مصالح نخب والاحتيال على إنتفاضة 11 فبراير 2011، ولاجل ذلك استخدمت العديد من الوسائل والأدوات منها “حوار الموفنبيك” الذي جاءت مخرجاته تصب في نفس الاتجاه، تقاسم البلد كعكة اقليمية ودولية، وتحت عناوين براقة شكلاً اخذت تخلب لب معظم البائسين والأشقياء وكأنها وصفة سيتناولها مريض ويتعافى من سقمه. وغاب عن الكثيرين بأن وراء الأكمة ما وراءها.
ولما كان تناقض فريقي النظام وتناحرهم وصل إلى مستويات يصعب ردم هوة عدم الثقة بينهما ، ناهيك عن ذلك تناقض المصالح الاقليمية وأجنداته المختلفة ، فإنه ظل صراع الفريقين وبمؤازرة كل طرف من داعمه الاقليمي.
وفي اعتقادي أن إلغاء اتفاقية موانئ دبي في إدارة ميناء عدن القشة التي قصمت ظهر البعير وما تلاها من خطوات بالنسبة لعدن ومنها قرار وزير النقل ” تطبيق الأجواء المفتوحة” على المطارات وعلى رأسها مطار عدن، وحينها بدأت العديد من شركات الطيران تنظم رحلات من وإلى بلدانها مباشرة، وصل ببعض شركات الطيران أن لها رحلات شبه يومية كالتركية والأردنية وبعضها اقل كالمصرية وغيرها. هذا الأمر أثار حفيضة الإمارات وبدأت تتوجس من حركة الأخوان وأخذت تشعر بخطورة الإجراءات المتخذة على مستقبل ميناءها ومطاراتها لأن اقتصادها يرتكز على خدمات الترانزيت في ظل وجود جغرافية سياسية تتوافر فيها مقومات الافضلية والمنافسة.
وهذا الأمر يفسره سعار الاستحواذ على موانئ المنطقة سواء بالاتفاقيات من قبل دويلة الإمارات أو سعارها على موانئ وجزر اليمن من قبلها منذ بداية هذه الحرب العدوانية حتى اليوم.
ومن يرى اصطفافات القوى بعد 2 ديسمبر 2017 ومقتل زعيم الفريق الموالي للإمارات تتضح لديه صورة هذا الصراع وعلاقته الاقليمية ومن سلم عدن ومعسكر خالد في الساحل الغربي ومن هو الطرف المستفيد من وراء هذا التسليم، ومن يلاحظ هروب بعض عناصر الطرف الموالي للإمارات بقيادة طارق وترحيب الإمارات به وفرضه على كل الجميع بما فيهم المجلس الانتقالي الممول من قبلها ويدين بالولاء لها لابد وأن تعطيه دليل وبرهان على حقيقة هذا الترابط بين مختلف القوى الداخلية والاقليمية التي هي في المحصلة تابعة لمراكز نفوذ وهيمنة الناهب الدولي.
وقد يسأل البعض أين موقع أنصار الله من هذا كله ، فيمكن القول أن أنصار الله كالحراك الجنوبي جاءا كتيارين معبرين عن الناس المظلومين والبائسين والمسحوقين بعد أن خذلتهم كثيراً أحزاب معارضة كفت أن تكون أحزاب معارضة وتهافتت على مغانم السلطة وشرعنت لكل هذه المغالطات والأكاذيب وباركتها.
وإذا كان انصارالله والحراك الجنوبي كتيارين جاءا من خارج منظومة نظام 7/7 وتحالفاته الاقليمية السالفة، فإن حركة أنصار الله حافظت على تماسكها ولم تستطع القوى الاقليمية أن تخترقها وتحرف بوصلتها واستطاعت أن تدير تحالفاتها مع مختلف القوى دون أن تحيد عن هدفها الرئيسي المتمثل بتحرير البلد من التبعية والارتهان والسعي نحو إقامة دولة ذات سيادة واستقلال القرار والخروج من حالة اللادولة وحكم عصابات التبعية والإرتهان الإقليمي والدولي باعتبار ذلك هدف مفصلي للتعافي. في حين تعرض الحراك الجنوبي للاختراق واستقطابات القوى الداخلية والاقليمية، وضاعت بوصلة قضيته – بفعل بعض قياداته – قيادات قبلت دخول بازار مزادات البورصة السياسية، هذا الامر جعل مواقف هذه القيادات تتخبط ذات اليمين وذات الشمال وأظهرها كقيادات تعمل ضد القضية التي يدعون حملها، ولنا وقفة لأسباب هذا التخبط في تناول قادم..!!